خيار بيع المركزي التركي جزءا من حصصه من الذهب لمحاولة تغطية الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم دليل واضح عن فشل أردوغان.
أكد مجلس الذهب العالمي في تقريره الأخير أن البنك المركزي التركي باع حصصا كبيرة من الذهب في سابقة نادراً ما يقوم به المركزي التركي، والذي يعيش نقصا حادا بالسيولة وانخفاضا كبيرا بحجم الاحتياطيات النقدية.
السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا لماذا قام المركزي التركي ببيع جزء كبير من حصصه من الذهب؟
بالعُرف الاقتصادي عادة عندما يواجه اقتصاد أي دولة نقصا حادا بالسيولة وانخفاضا كبيرا بحجم الاحتياطيات النقدية وانهيارا متتاليا تلجأ بعض الدول عبر البنوك المركزية ببيع جزء من احتياطياتها من الذهب كي توقف انهيار عملتها، لذلك عندما قرر البنك المركزي التركي بيع حصص كبيرة من الذهب مؤشر إلى أن هذا آخر خيار متاح للبنك المركزي التركي، خاصة بعد استخدام الخيارات الأخرى كافة، من أهمها :
رفع أسعار الفائدة على الليرة، وقبلها تدخل بشكل متكرر عبر ضخ مليارات من الدولارات لوقف نزيف انهيار الليرة ومع ذلك دون جدوى، الأمر الذي جعل البنك المركزي التركي يتخذ القرار الصعب؛ وهو بيع حصص من احتياطياته من الذهب، هذا الأمر يعطي إشارة واضحة إلى عمق الأزمة الخانقة التي يعانيها الاقتصاد التركي.
قبل أيام أظهرت نتائج الإحصاء التركي عن هبوط إيرادات مداخيل السياحة في تركيا، إذ وصلت عند 72%، وكذلك ارتفع العجز التجاري إلى رقم مخيف 189%، وهذا الأمر يعطي مؤشرا عن حجم الأزمة جراء نقص حاد بالسيولة وارتفاع العجز التجاري، كون قطاع السياحة التركي هو أهم رافد داعم لدخول العملة الصعبة الأجنبية إلى تركيا، ومع توقف إيراداته بشكل وصل 72% هنا سبّب نقصا حادا بالاحتياطي المركزي التركي، حيث أصبح عاجزا تماما من التدخل من جديد لإنقاذ الليرة، مما جعله مضطرا ببيع حصص من الذهب.
إن تحقيق العملة التركية الليرة انهيارا متواصلا وصلت قبل أيام إلى أرقام خطيرة جدا عند 8.39 لكل دولار، يؤكد دون شك عن فشل كبير من قبل النظام التركي في وقف انهيار الليرة، وفشل أيضاً في محاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة بعد استنفاد خيار رفع أسعار الفائدة على الليرة، وكذلك تدخل المركزي التركي بشكل متكرر لضخ مليارات لدعم الليرة، وأيضاً فشل آخر بخيار بيع المركزي التركي جزءا من حصصه من الذهب.
إن وضع الاقتصاد التركي يزداد سوءا يوما بعد يوم، وهذا دليل واضح عن فشل أردوغان في قيادة اقتصاد بلاده، قبل عام صرح وزير المالية التركي تصريحات عن قادم خطير للاقتصاد والليرة، حيث طالب وزير المالية بسرعة رفع أسعار الفائدة على الليرة، لسرعان ما توعده أردوغان بالإقالة، وطلب منه عدم رفع أسعار الفائدة قبل أسابيع من الآن، ومع استمرار مواصلة انهيار الليرة وافق أردوغان أخيراً على طلب وزير مالية تركيا برفع أسعار الفائدة، ولكن بعد فوات الآوان؛ إذ أصبح مفعول القرار لا تأثير له، عكس لو قامت به تركيا في وقت طلب وزير المالية.
وهذا الأمر يعكس بوضوح التخبط والفوضى التي تعيشها تركيا عبر تدخل أردوغان في عمل وزير المالية التركي، وهو لا يعرف أبجديات المطبخ الاقتصادي، لذلك كانت المحصلة الآن تفاقم الأزمة الخانقة التي تعيشها تركيا اقتصاديا، وهذا الفشل الاقتصادي هو امتداد للفشل السياسي الذي يقوده أردوغان؛ حيث باتت تركيا في عهده تعيش مشاكل مع دول المنطقة شرقاً وغربا، وأصبحت تركيا الآن مهددة بنيل عقوبات اقتصادية سوف تعصف بما تبقى من هذا الاقتصاد المتدهور أصلاً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة