بحث جرئ بالأدلة يبرئ المصريين القدماء.. الأهرامات لم تُبن بالسخرة (خاص)

قدمت دراسة حديثة من موقع تومبوس، وهو مستعمرة مصرية قديمة، دليلا على أن الأهرامات لم تُبنى بالسخرة كما يُروج أحيانًا.

•  نفق عميق وغرف غامضة.. أبوالهول يُحرك لغز المدينة السرية تحت الأهرامات

ووفق الدراسة التي اعدها باحثون من أمريكا وهولندا، ونشرت بدورية "جورنال أوف أنثروبولوجيكال أركيولوجي" ، فقد دفن داخل الأهرامات الموجودة بتلك المستعمرة المصرية القديمة، كل من الأثرياء والعمال الذين شاركوا في أعمال شاقة، ما يقدم دليلًا جديدًا على حسن معاملة المصريين القدماء لعمالهم.

وقام فريق البحث بفحص حوالي 110 هياكل عظمية، معتمدين على تحليل نقاط ارتباط العضلات والأربطة بالعظام، وهي الطريقة التي تكشف مقدار الجهد البدني الذي قام به الأفراد، وأظهرت النتائج أن بعض الأشخاص ممن دفنوا تحت الأهرامات كانوا يشغلون وظائف مكتبية منخفضة الجهد، بينما كان آخرون يمارسون أعمالًا شاقة جدًا، ما يشير إلى دفن العمال بجانب الأثرياء.

يقول فريق البحث إن هذه الممارسة ربما كانت انعكاسا للرغبة في إعادة إنتاج النظام الاجتماعي بعد الموت، حيث يُدفن الأثرياء محاطين بالعمال الذين خدموهم، أو ربما كان العمال أنفسهم يسعون للاستفادة من المكانة الروحية والاجتماعية المرتبطة بالدفن بجانب النبلاء.

ويشير المؤرخ بسام الشماع في تصريحات خاصة للعين الإخبارية، إلى أن نتائج الدراسة تعزز ما كان معروفًا من خلال الرسوم والجدران في مصر القديمة، التي تظهر العمال في مناخ إيجابي، مستخدمين الغناء للتحفيز أثناء العمل، ما ينفي فكرة بناء الأهرامات بالسخرة أو الاستعباد. ويضيف الشماع أن الادعاءات بأن الملك كان يقتل العمال المشاركين في البناء لحماية أسرار المقبرة، يعد مخالفة للطقوس الدينية المصرية القديمة، حيث كان مفهوم "الاعتراف السلبي بعد البعث" يشمل النفي عن أي إيذاء للآخرين، وجاء "الدفن المشترك" الذي وثقته الدراسة ليؤكد ذلك، ما يعكس احترام المصري القديم لحقوق العمال.

الدراسة أيضا تشير إلى أن الأهرامات لم تكن مخصصة للملوك والنبلاء فقط، بل كانت متعددة الاستخدامات، إذ أعيد استخدام بعض المقابر لدفن آخرين، وهو ما قد يفسر، وفق الشماع، وجود القاعات غير المفهومة الاستخدام في أهرامات الجيزة.

ويختم قائلا: " هذا الاكتشاف من مستعمرة مصرية قديمة في السودان يقدم دليلًا ملموسًا يدحض فكرة أن الأهرامات بُنيت بالسخرة، ويعيد النظر في الفهم التقليدي لعلاقات العمل والدفن في مصر والسودان القديمين، مؤكدًا أن المصريين القدماء أحسنوا معاملة عمالهم واحتفظوا بعلاقات اجتماعية متماسكة حتى بعد الموت".