وفقا للعديد من التقديرات من داخل تحالف أوبك+ وخارجه، فمن المنتظر تحقق فائض في العرض بالأسواق خلال الربع الحالي من العام.
وقد وضعت هذه التقديرات بناء على تقديرات لمستوى المعروض من البلدان المختلفة. وطبقا لوكالة الطاقة الدولية التي ترعى مصالح الدول المستهلكة فقد تصل زيادة العرض على الطلب "فائض العرض" إلى نحو 1.7 مليون برميل يوميا خلال الربع الحالي من العام.
وفي الحقيقة، فإن هذه التقديرات في جزء منها تعد مخطئة لأنها تتعامل مع كميات الإنتاج المخططة لا الفعلية.. وأكبر دليل على ذلك هو عدم قدرة تحالف أوبك+ ذاته على إنتاج كمية الحصص الإجمالية المعلن عنها للدول المشاركة في التحالف.. وقد أشارت إلى ذلك العديد من التقارير لجهات إعلامية وبحثية.
فقد استمر تحالف أوبك+ في تقديم زيادات أقل في العرض عما تتيحه حصص الإنتاج، وذلك وفقا لتقديرات التحالف عن مدى الالتزام بحصص الإنتاج من النفط الخام في شهر نوفمبر.
وبالنسبة لبلدان أوبك العشرة الملزمة بحصص الإنتاج -باستثناء المنتجين المعفيين من حصص الإنتاج فنزويلا وليبيا- كانت نسبة التزامهم بالحصص تبلغ 122%، بينما كانت نسبة التزام البلدان غير الأعضاء في "أوبك" -بقيادة روسيا- تبلغ 107%.
وهذا يبين أن دول منظمة "أوبك" ضمن تحالف أوبك+ تواجه صعوبات أكثر في ضخ ما تسمح به حصص إنتاجهم، مقارنة بالدول المنتجة غير الأعضاء في "أوبك".
ويشير كثير من المراقبين إلى أن تحالف أوبك+ يقدم إنتاجا جماعيا أقل من الأهداف المحددة منذ أشهر عدة، ومن المحتمل أن يستمر في فعل ذلك خلال الأشهر المقبلة.
ويفتقر منتجو "أوبك" الأفارقة -خاصة أنجولا ونيجيريا- إلى الاستثمارات اللازمة لرفع مستوى إنتاجهم، كما يقدر أن روسيا تضخ وتصدر كميات أقل من حصتها كما سنفصل ذلك لاحقا.
وتشير بعض التقديرات إلى عدم قدرة دول تحالف أوبك+ على إنتاج المستوى المستهدف، حيث إنهم ينتجون ما يقل بنحو 650 ألف إلى 730 ألف برميل يوميا عن المستوى الإجمالي للحصص، وسوف يعمل ذلك على تدعيم أسعار النفط خلال العام الحالي.
ويمكن أن يكون هذا النقص سببا في ارتفاع الأسعار هذا العام، خاصة لو أن متحور أوميكرون من فيروس كورونا ثبت أن تأثيره على انخفاض الطلب العالمي محدود بنقص الطلب على وقود الطائرات فقط، كما أشار لذلك العديد من المراقبين في نهاية عام 2021.
أما بشأن ما ذكرناه عن روسيا، فتشير عدد من التقارير إلى أنه ربما تكون روسيا بالقرب من الحدود القصوى لطاقتها الإنتاجية.
فقد ذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن الإنتاج الإجمالي لروسيا في شهر ديسمبر الماضي من النفط الخام والمتكثفات معا بلغ ما إجماليه 10.903 مليون برميل يوميا، ودون أي زيادة عن رقم الإنتاج في نوفمبر، وهو ما يشير إلى أن البلد يستخدم كامل طاقته الإنتاجية.
ويفترض تقرير "بلومبيرج" إنتاج المستوى نفسه من المتكثفات، المتضمنة في الإنتاج الإجمالي لروسيا، ما يعني أن النفط الخام بمفرده كان أقل بنحو 37 ألف برميل يوميا عن حصة روسيا لشهر ديسمبر.
ومن المعروف أن حصص الإنتاج داخل أوبك+ تشمل الإنتاج من النفط الخام فقط، ولا تأخذ في الاعتبار الإنتاج من المتكثفات.
وفي الوقت ذاته، أشار تقرير لوكالة "رويترز" إلى أن المحللين يتوقعون أن تقصر روسيا في إنتاجها المستهدف عن العودة إلى مستويات إنتاج النفط الخام ما قبل اندلاع الجائحة مع حلول شهر مايو من العام الحالي.
ومع هذا يشير المحللون إلى أنه بإمكان روسيا رفع مستوى طاقتها الإنتاجية ومستوى إنتاجها في تاريخ لاحق خلال العام الحالي.
ويشير بعض المحللين إلى أن روسيا سوف تكون متأخرة عن الجدول الخاص بزيادة الإنتاج المقرر خلال النصف الأول من العام الحالي، وربما لن تصل إلى مستويات ما قبل الأزمة حتى نهاية الصيف.
وهناك خطط لرفع مستوى إنتاج روسيا.. فطبقا لنائب رئيس الوزراء الروسي والمفاوض الرئيسي في تحالف أوبك+، ألكسندر نوفاك، هناك خطط لزيادة إنتاج النفط والمتكثفات خلال العام الحالي تبلغ ما بين 3% إلى 5%.
ويعني ذلك أن الإنتاج اليومي سيبلغ في المتوسط ما بين 10.8 إلى 11 مليون برميل يوميا بدلا من متوسط إنتاج بلغ 10.5 مليون برميل يوميا خلال عام 2021.
ويشير البعض إلى أن روسيا قد تجاوزت في الإنتاج مستوى الحصة المحددة لها شهريا لأشهر عدة.
ويشير تقرير وكالة "رويترز" إلى أن معظم النمو في إنتاج روسيا خلال عام 2021 كان من إعادة فتح الآبار، التي تم إغلاقها خلال عام 2020 بسبب أزمة الطلب التي تسببت فيها الجائحة.
أما الآن، فإنه لا بد من حفر آبار جديدة لإضافة المزيد من الإنتاج، طبقا لمسؤولين من شركة "لوك أويل" وشركة "جازبروم نفط".
ويعزز في الواقع مما سبق ذكره تدهور الإنتاج في ليبيا، التي لا تحدها حصة إنتاجية، فقد تدهور إنتاج ليبيا من النفط إلى 780 ألف برميل يوميا بعد أن أدت عمليات صيانة للأنابيب إلى إغلاق آبار تنتج نحو 200 ألف برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي، ويُضاف هذا الخفض إلى انخفاض سابق بسبب إغلاق عدد من حقول النفط منذ نهاية شهر ديسمبر الماضي.
ومن المعروف أن ليبيا -العضو في أوبك- معفاة من خطط تقليص الإنتاج، وذلك نظرا لعدم استقرار الموقف الأمني، ويقل مستوى الإنتاج بكثير عن الطاقة الإنتاجية التي كانت لدى ليبيا في السابق، والتي كانت قد بلغت 1.6 مليون برميل يوميا.
وكانت ليبيا قد أنتجت في نوفمبر من العام الماضي ما يقدر بنحو 1.14 مليون برميل يوميا من النفط الخام، وذلك طبقا للتقرير الشهري الأخير لمنظمة "أوبك"، الصادر في منتصف شهر ديسمبر الماضي.
وقد شهدت ليبيا خلال شهر ديسمبر انقطاعات في إنتاجها النفطي مرة أخرى، وسط فوضى تتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية، التي كان محددا لها يوم 24 ديسمبر الماضي وتم تأجيلها إلى وقت لاحق.
وكان الإنتاج الليبي والصادرات من النفط قد شهدا خلال العام الماضي استقرارا نسبيا، وكانت البلاد تخطط لرفع مستوى إنتاج النفط الخام، وهو مصدر حيوي لدخل البلاد وأيضا مصدر للمنازعات بسبب عملية توزيع عائدات النفط.
ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر عمت الخلافات، وأوقفت جماعات مسلحة الإنتاج من عدد من حقول النفط مرة أخرى.
ففي 20 ديسمبر، أعلنت ليبيا حالة القوة القاهرة لصادراتها من النفط الخام بعد أن تم إغلاق الإنتاج النفطي لأربعة حقول، بمقدار 300 ألف برميل يوميا، وكان الخفض الأكبر من حقل "الشرارة"، فيما كانت الحقول الأخرى، التي تم إغلاقها، تشمل حقول الفيل ووفا وحمادة.
ورغم الاتفاق العام على حدوث فائض عرض في النفط خلال الربع الحالي من العام، فالواقع أن هذا الفائض من الصعب تحديد مستواه الحقيقي نظرا لانخفاض الإنتاج من دول تحالف أوبك+ مقارنة بما هو معلن من حصص إنتاجية لأعضاء التحالف.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة