منذ سنوات والصراع في سوريا يزداد تعقيداً، تبعاً لتشابك الملفات والمصالح المحلية والإقليمية والدولية التي تكتنف الملف السوري منذ 2011.
لقد بدأت أزمة سوريا داخليا وتفرعت إلى بيئة تصلح للأجندات الخارجية، لتزداد الأمور تعقيداً إلى صراع دولي من أجل النفوذ على امتداد الجغرافيا السورية.
مشهدٌ معقّدٌ عنوانه العريض صراع على الوجود يوازيه صراع على النفوذ.. صراعان متعانقان إلى الدرجة التي يصعب فيها الفصل بينهما، الأمر الذي جعل كل خارطة طريق لحلحلة الأزمة السورية تواجه رفضاً قاطعاً من أحد أطرافها محليا أو دوليا، لأنّ كل طرف سوري أنشأ تحالفاً مع جهة دولية خارجية، فتعددت الجهات الدولية اللاعبة هناك، بحثا عن النفوذ وفق شبكة مصالح شديدة التعقيد.
لقد أصبحت الخارطة السياسية على الأرض السورية منقسمة وفق سلسلة معقدة من الملفات المترتبة على أوراق الضغط السياسي الأمني والعسكري التي تمتلكها كل دولة، لذلك فإنّ المعضلة التي تواجه الاستقرار في سوريا تنبني أساساً على فاعلية الأطراف السورية من حيث تقبّلها لبعضها، والتخلي عن فكرة إقصاء الآخر الذي هو بدوره يتمترس بتحالفٍ دوليٍ من جهةٍ أُخرى كذلك، ليزداد المشهد -المعقّد أصلاً- تعقيداً، وذلك بتداخل صراع الوجود الذي تمارسه الأطراف السورية كافة مع صراع النفوذ، الذي تقوده الجهات الدولية الفاعلة، والتي تشهد تصادماتٍ سياسية في الفترة الراهنة، وحتى تصادمات أمنية، فيما بينها من وقت إلى آخر، فلا روسيا وإيران على وفاقٍ تامٍّ، ولا تركيا وأمريكا على ذات الوفاق، سواء على مستوى الرؤى السياسية والدبلوماسية أو حتى الميدانية لإيجاد حل للأزمة وحسمها، مما يجعل سوريا نهباً لهذه الصراعات التي لا تعرف سبيلاً واضحاً لنهايتها.
كل ذلك يجعل من المشهد السوري عصياً على الحل وفق هذه المعطيات، وإنْ باتت الأطراف السورية مرهونة بتحالفاتها والإرادة الخارجية، لكن يبقى باستطاعتها تغيير المعادلة من خلال تقاربات سورية-سورية جدية تلغي فكرة الإقصاء، لينتهي صراع الوجود، ويبقى صراع النفوذ الدولي، الذي يمكن فيما بعد ربطه بالمصالح المشتركة. ليأخذ سمة التعاون المشترك الذي سيصل في يوم من الأيام إلى مرحلة طبيعية من التنسيق، إذا اتفقت الأطراف السورية على تقبل بعضها والعمل على الحل الوطني الشامل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة