يذهب محللو الإرهاب في منطقة الساحل إلى أننا نعيش في فترة ما قبل توسيع التنظيمات الإرهابية مناطق سيطرتها.
في حالة غرب أفريقيا، ينشط تنظيما "القاعدة" و"داعش" الإرهابيان في مناطق داخلية من القارّة، لذا فمنطقي جداً أن يحدث هذا التوسّع باتجاه الساحل.
ولا يعني ذلك بأي حالٍ من الأحوال أن هذه التنظيمات تعتزم احتلال المنطقة الساحلية، التي تُعتبر بمثابة المُحرّك الاقتصادي لبلدان الدّاخل الأفريقي، وحال التجرُّؤ على فعل ذلك فسوف تكسر هذه التنظيمات التوازن الاقتصادي وينقلب السكان ضدها.
ما هو متوقع هو أن تُعزّز التنظيمات الإرهابية وجودها بشكلٍ أكبر، خاصة في المناطق الغابوية، حيث يُتوقّع أن يقترب مسرح عمليات الإرهابيين من المحيط الأطلسي.
وتوجد مؤشرات قوية على أن تنظيم "القاعدة" الإرهابي يعتزم تنفيذ هذه الخطة.. ففي الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، ألقت سلطات بنين القبض على أربعة عناصر إرهابية في شمال البلاد.. حدث ذلك على بُعد 130 كيلومتراً من حدود بوركينا فاسو، و30 كيلومتراً فقط من حدود توجو، وكما يحدث مع إرهابيين في دول أخرى مجاورة، تم إيقاف المقبوض عليهم في منطقة تعدين الذهب.
وبالاتجاه مائة كيلومتر إلى الغرب، تعرّضت دولة توجو في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر/تشرين الثاني لهجوم إرهابي على بُعد 20 كيلومتراً من الحدود مع بوركينا فاسو.
وبالاستمرار غرب توجو، شهدت كوت ديفوار خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول، أربع عمليات إرهابية، وقعت اثنتان منها في النصف الجنوبي من البلاد، وواحدة على بُعد 150 كيلومتراً فقط من الساحل.
وإلى الغرب، ألقت السلطات الأمنية السنغالية نهاية أكتوبر/تشرين الأول القبض على مواطن موريتاني في العاصمة داكار، ووفقاً للتحقيقات الأولية كان هذا الشخص ينوي تنفيذ هجوم في البلاد.
وفي نيجيريا، أفادت الأنباء عن تعرّض خط السكة الحديد، الرّابط بين أبوجا ومدينة كادونا، لهجوم، فيما لم يسبق أن تم استهداف مثل هذه البِنَى التحتية في هذا البلد الأفريقي، وقد نُسب الهجوم لجماعة "أنصارو"، وهي فرع تنظيم "القاعدة" في نيجيريا، إذ فخّخ الإرهابيون جزءًا من السكة الحديدية قبل تفجيرها.
وعلى الرغم من أن الهجوم وقع في شمال نيجيريا، فإن تأكيد مسؤولية جماعة "أنصارو" عن تنفيذه يعكس إرادة "القاعدة" في إعادة تنشيط فرعها في نيجيريا.
وفي الوقت نفسه، وردت تقارير تؤكد وجود نيّة لدى جماعة "أنصارو" -القاعدة- في التوسّع داخل نيجيريا، وكدليل على ذلك، نفّذت الجماعة مجزرة ضد 21 من سكان "سبوا" بولاية كاتسينا.
من ناحية أخرى، هناك تقارير تفيد بأن "أنصارو" تُجنّد قُطّاعَ طُرُق لبسط نفوذها في شمال نيجيريا.
وألمح تنظيم "داعش في غرب أفريقيا" إلى نيته التمدّد نحو دولة الكاميرون المجاورة لنيجيريا.. وقد أشارت تقارير إلى أن مجموعة إرهابية استولت على كميات كبيرة من الأزياء العسكرية من ليبيا ونقلتها إلى الكاميرون.
ويجب هنا أن نضع في الحسبان أن المدينة، التي نقل الإرهابيون إليها الأزياء العسكرية، تقع على الجانب الآخر من نهر تشاد، أي العاصمة نجامينا.
ورغم أن الإرهابيين لا يُنفّذون عمليات في هذه المدينة، فإنهم يستخدمون المنطقة الحدودية للتزوّد بالمؤن، وبالتالي فهي شبه محتلة من العناصر الإرهابية بهدف ضمان الخدمات اللوجستية.
وفي الأسبوع الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصلت معلومات تفيد بأن زعيم تنظيم "داعش" الجديد في غرب أفريقيا، ساني شوارام، يعتزم مهاجمة الحدود النيجيرية مع تشاد بمجموعة جديدة تتكوّن من 200 إرهابي قَدِموا من ليبيا.
وتُوحي كل المؤشرات بأن حركة التوسّع الأولى سنشهدها في نيجيريا، والاتجاه سيكون هو نفسه، أي من نهر النيجر إلى الشمال الغربي.
وعلى الجانب الغربي من نيجيريا، نفّذ الجيش عمليات ضد الإرهابيين في ولاية "زامفارا" على بُعد 30 كيلومتراً من الحدود مع النيجر، ما يُعدّ مؤشراً على نوايا الإرهابيين تجاه شمال نيجيريا بالكامل، والانطلاق منها نحو مالي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة