اقتصاد أمريكا أفضل أم أسوأ بعد حروب ترامب؟.. الإجابة صادمة
تباهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما زار مصنع "ويرلبول" في أوهايو في أغسطس الماضي بأن سياساته التجارية أدت إلى خلق نحو 200 وظيفة
أكد خبراء اقتصاد ومال دوليون أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التجارية المتشددة، وضعت أمريكا في وضع أسوأ تجاريا مما كانت عليه، عندما وصل دونالد ترامب إلى السلطة حتى وإن حققت بعض النجاحات.
وأوضح الخبراء أن هذا يعود لأن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التجارية المتشددة، لها تداعيات ذات حدين، فقد أثمرت من جهة عن اتفاقيات تاريخية على غرار الاتفاق المشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا وهدنة جزئية مع الصين.
وتابع الخبراء: لكنها تسببت من جهة أخرى بتداعيات سلبية على المواطنين الأمريكيين العاديين والاقتصاد بالمجمل.
ارتفاع الأسعار
وضربوا مثالا لذلك، وهو تباهي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما زار مصنع "ويرلبول" في أوهايو في أغسطس/آب الماضي بأن سياساته التجارية أدت إلى خلق نحو 200 وظيفة في معمل الشركة المصنعة للمعدات المنزلية.
لكن ذلك تم عبر فرض ترامب رسوما جمركية على المعدات المنزلية ومكوّناتها المستوردة من الصين استجابة لمناشدات "ويرلبول"، أضر الرئيس في نهاية المطاف بالمستهلكين الأمريكيين، إذ ارتفعت أسعار الغسالات والمجففات بشكل كبير.
وضع أسوأ
وقال المتخصص في التجارة لدى مجلس العلاقات الخارجية للأبحاث إدوارد ألدن إنه "كانت هناك بعض النجاحات، لكن إذا تم تقييم الوضع بالمجمل، فإن الولايات المتحدة في وضع أسوأ تجاريا مما كانت عليه عندما وصل دونالد ترامب إلى السلطة".
يتفق جيفري جيرتز من معهد "بروكينجز" مع هذا الرأي، مشيرا إلى أنه لا يرى أي مكاسب بالمجمل بالنسبة للعمال الأمريكيين من سياسة ترامب التجارية.
وأشار إلى التحسينات التي طرأت "في مجالات صغيرة وضيقة معدودة" على غرار صناعات الصلب والألمنيوم.
لكنه نوّه بردود الفعل المعادية التي أثارتها سياسات ترامب من الخارج.
وقال جيرتز "تفرض العديد من الدول الأخرى رسوما انتقامية على الولايات المتحدة وعلى الكثير من صادرات الولايات المتحدة الزراعية".
الأمريكيون يدفعون الثمن
جعل ترامب من إعادة إحياء قطاع الصناعة بين أهم محاور حملته الانتخابية قبيل انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، الذي سيتنافس خلالها مع الديمقراطي جو بايدن، لكن البيانات تظهر أن لدى إدارته سجّل متناقض في هذا الصدد.
وخلق ترامب في أول 3 سنوات من ولايته الأولى فرص عمل في قطاع الصناعة تتجاوز تلك التي توافرت في آخر 3 سنوات من حكم سلفه الديمقراطي باراك أوباما، وفق وزارة العمل.
كما أنه أبرم الاتفاق التجاري مع كندا والمكسيك الذي تضمن بنودا تعزز التوظيف في الولايات المتحدة، عبر اشتراط أن يكون نحو نصف إنتاج أمريكا الشمالية من السيارات من قبل عاملين أجورهم مرتفعة.
كما تشترط هذه الاتفاقيات تشديد أحكام العمالة التي تجبر المكسيك على إصلاح قوانينها.
وبينما بإمكان هذه الإجراءات أن تعيد مصانع السيارات في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة، إلا أن ذلك لم يتحقق تماما حتى الآن.
تراجع النمو
وبات قطاع الصناعة يسهم اليوم في أقل من 10% من إجمالي الناتج الداخلي الأمريكي، بينما يقدّر كبير خبراء الاقتصاد لدى "أكسفورد إيكونوميكس" جريجوري داكو بأن سياسات الرئيس الحمائية كلّفت الاقتصاد الأمريكي حوالي نصف نقطة مئوية في النمو خلال عامين.
وقال داكو "هذه نسبة كبيرة"، نظرا إلى أن معدّل النمو في الولايات المتحدة يبلغ 2%".
ارتفاع العجز التجاري
وبينما تراجع العجز التجاري مع الاقتصاد الخصم (الصين) في عهد ترامب، إلا أن العجز الإجمالي ارتفع بنسبة 22.8% بين العامين 2016 و2019، في مؤشر على أن الشركات متعددة الجنسيات باتت تفضّل دولا مصدّرة أخرى.
وأفاد داكو أن الصعوبات في إعادة إحياء التصنيع الداخلي ناجمة عن تحوّل اقتصاد الولايات المتحدة إلى اقتصاد الخدمات وعولمة سلاسل الإمداد.
وقال إنه "على الرغم من رسالة الرئيس الهادفة لدفع الناس للتصديق بأن الصين تدفع الرسوم على الواردات الأمريكية، من الواضح أن المستهلكين والشركات هي الجهات التي تتحمّل العبء".
دعوى ضد الرسوم
وأدت رسوم ترامب الجمركية إلى ثورات في بعض الصناعات بما في ذلك الفولاذ، إذ رفعت المؤسسة الأمريكية للصلب الدولي دعوى ضد الرسوم قبل عامين في قضية تنظر فيها المحكمة العليا.
وقال رئيس تنفيذي لإحدى شركات إنتاج الصلب في الولايات المتحدة تحدّث لفرانس برس شرط عدم الكشف عن هويته إن العديد من مصانع الصلب التي حاولت إعادة فتح أبوابها كانت متقادمة أكثر مما يسمح لها بالاستمرار، فسرعان ما أغلقت مجددا.
وأفاد "لا تساعد الحروب التجارية أي جهة إذ يتمسك الطرفان بمواقفهم".
الأضرار أكبر
وأشار جيرتز بدوره إلى الزراعة كمثال آخر على ما يمكن أن يحدث عندما تخفق الرسوم في تحقيق الهدف المرجو منها.
وبعدما انهارت أسعار المواد الزراعية الأولية في 2018، أنفقت الحكومة عشرات مليارات الدولارات لدعم المزارعين لكن معدلات الإفلاس ارتفعت مع ذلك بنسبة 20%.
وقال جيرتز "يضر ذلك حقا بقطاع الزراعة الأمريكي.. تستجيب الولايات المتحدة عبر دعم قطاع الزراعة لموازنة الأمور، وينتهي الأمر بالمجمل دون نتيجة".
ونصّ اتفاق "المرحلة الأولى" التجاري الذي وقعته واشنطن مع بكين في يناير/كانون الثاني الماضي، على زيادة الصين لمشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية.
وأفاد جيرتز أن التأثير الأكبر لسياسات ترامب كان إضفاء الكثير من الضبابية على عالم المال والأعمال والتسبب بتراجع نسبته 98% في الاستثمارات الخارجية المباشرة بين العامين 2016 و2019، بحسب وزارة التجارة الأمريكية.
وأضاف "لم يكن لأحد أن يعرف ماذا سيكون إعلان ترامب التالي".
وأوضح "هذا النوع من الضبابية مضر كثيرا بالنسبة للأعمال التجارية.. الشركات مترددة للغاية في القيام باستثمارات في ظل هذه الضبابية حيال السياسة" المتبعة من قبل الإدارة.