خبيران: هروب تميم من قمة تونس يؤكد دبلوماسية قطر الهوجاء
سابقة أولى لرئيس عربي.. لم ينتظر أمير قطر انتهاء أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمته، وشوهد وهو ينسحب من الجلسة.
من دون أن يلقي حتى كلمته، غادر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بشكل مفاجئ، مقر انعقاد القمة العربية بتونس، بعد أقل من ساعة على انطلاق أعمال جلستها الافتتاحية، متجها بشكل مباشر إلى المطار، ضاربا بعرض الحائط الأعراف والتقاليد الدبلوماسية العربية والدولية.
ففي سابقة أولى لرئيس عربي، لم ينتظر أمير قطر انتهاء أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمته، وشوهد وهو ينسحب من الجلسة ليترك تساؤلات عديدة، وحالة من البلبلة داخل القمة.
القواعد الدبلوماسية
وتفرض قواعد البرتوكول والتقاليد الدبلوماسية في الجلسات الافتتاحية للقمة العربية، على قادة ورؤساء الدول أو رؤساء الوفود المشاركة عدم ترك مقاعدهم، ومغادرة القاعة خلال إلقاء رؤساء الدول كلماتهم، ومن يرغب من قادة الدول في المغادرة فعليه أن يترك من ينوب عنه ويحل محله، بل وتتحدث قواعد البروتوكول عن ضرورة أن يتقدم من يحل محل رئيس الدولة بطلب الكلمة ليوضح السبب فيما جرى.
"انتهاك للتقاليد والأعراف الدبلوماسية العربية والدولية، وتعكس بوضوح دبلوماسية هوجاء وسياسة خارجية تتناقض مع الإجماع العربي"، هكذا قرأ دبلوماسيان مصريان تصرف أمير قطر بمغادرته المفاجئة لقمة تونس.
وقال حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لـ"العين الإخبارية": "ما شهدناه في القمة العربية من الأمير القطري يخرج عن الأعراف الدبلوماسية العربية والدولية، بل يمثل انتهاكا واضحا لها".
وأشار إلى ضرورة احترام القواعد البروتوكولية بين رؤساء الدول، فالخروج عنها يثير الكثير من الامتعاض؛ وعلى الجانب القطري أن يقدم تفسيرا واضحا لما حدث.
الدبلوماسية القطرية.. "هوجاء"
لكن الدبلوماسي المصري يرى في الوقت نفسه أن سلوك أمير قطر لم يكن مفاجئا بالنسبة له، قائلا: "التصرف ليس غريبا عن الدبلوماسية القطرية بعد فشلها في الاندماج بالمنظومة العربية".
ووصف هريدي الدبلوماسية القطرية بالـ"هوجاء"، وهو ما أرجعه إلى "الفشل" في حل أي خلاف سياسي يقع بينها وبين أي دولة أخرى، ودخولها الدائم في مواجهات وصدامات مع من يختلفون معهم في الرأي"، مؤكدا أنه "حتى الآن السياسة الخارجية القطرية معادية، وتتناقض تماما مع المصالح العربية والإجماع العربي".
وقال إن "النظام القطري أوجد حاجزا نفسيا كبيرا بين القطريين وأغلب شعوب الخليج، بصورة غير مسبوقة في التاريخ العربي".
وأضاف أن نظام قطر يسعى إلى توظيف وسائل إعلامه من أجل تسميم العلاقات على مستوى الشعوب، لكن الخلافات السياسية لا تبرر إطلاقا أن يقوم نظام حاكم بتوظيف وسائل إعلامه لشن هجوم على الدول التي تخالفه الرأي.
وكشفت كاميرات القنوات الفضائية المختلفة لحظة خروج أمير قطر من قاعة القمة بقصر المؤتمرات، وتظهره وكأنه يحاول الهروب مع بدء كلمة الأمين العام لجامعة العربية التي حملت انتقادات لتركيا وإيران.
وتوافق السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، مع ما ذهب إليه هريدي، على صعيد مخالفة أمير قطر لقواعد البرتوكول والأعراف الدبلوماسية، وقال العرابي لـ"العين الإخبارية" إن تصرف تميم لا يليق وبعيد تماما عن الحكمة؛ لأنه لم يُراعِ الدولة المضيفة (تونس)، أو نظراءه من القادة والزعماء العرب.
ورأى العرابي أن مغادرة أمير قطر قمة تونس تؤكد شعوره بالعزلة التي يواجهها عربيا، وأنها خارج الإجماع العربي.
انتقادات في محلها
وقال وزير الخارجية الأسبق إن انتقادات الأمين العام للجامعة العربية لتركيا خلال كلمته، هو أمر في محله تماما، بل إن العرب أهملوا وبشكل غريب الدور التركي في المنطقة.
وأضاف قائلا: "يكفي أن تركيا تحتل أجزاء من أراضي ثلاثة دول عربية، هي سوريا والعراق، فضلا عن قطر من خلالها قواعدها العسكرية هناك، وتحتفظ تركيا بقاعدة عسكرية تتمتع بصلاحيات استعمارية في العاصمة القطرية الدوحة".
وكان أبو الغيط وجه انتقادات لإيران وتركيا وانتقادا ضمنيا لقطر، قائلا في كلمته: "حاجتنا تشتد اليوم أكثر من أي وقت مضى لمفهوم جامع للأمن القومي العربي.. نتفق عليه جميعاً، ونعمل في إطاره.. مفهوم يُلبي حاجة دولنا.. كل دولنا.. إلى الاستقواء بالمظلة العربية في مواجهة اجتراءات بعض جيراننا، والتدخلات الأجنبية في شئوننا، ومخططات جماعات القتل والإرهاب للنيل من استقرارنا".
وأكد أن "التدخلات من جيراننا في الإقليم، وبالأخص إيران وتركيا، فاقمت من تعقد الأزمات وأدت إلى استطالتها، بل واستعصائها على الحل.. ثم خلقت أزمات ومشكلات جديدة على هامش المعضلات الأصلية".