الجماعات الإسلاموية استغلت حالة عدم الاستقرار في تلك الأوطان لتتبنى برعاية تركية مشروع الشرق الأوسط الجديد
في بضع سنين، أميط اللثام عن الوجه الحقيقي لجماعات الإسلام السياسي، وتكشّف للجميع ما كانت تخفيه من مآرب، ولم يحدث ذلك إلا بعد استلمت هذه الجماعات -مثل الإخوان- السلطة في بلدان ما عرف بالربيع العربي، لتتباهى بتحقق "الوعد الإلهي" وبالوهم بسيطرة شاملة ودولة قرن أوسطية تتعامل بمبدأ "الغنيمة"، في لحظة وَهْم مؤقت؛ حيث لم يمر وقت طويل حتى أثبتت فشلها في إدارة أي شأن داخلي أو خارجي، وسقطت جميع المشاريع التخريبية التي راهنت عليها في الدول العربية كافة، ابتداء بمصر، وتونس، وليبيا، واليمن، وانتهاء بسوريا.
بعد الاصطدام بحقيقة فشل جميع مشاريع الاستقرار، وهدم السلم وتشكيل فوضى خلاقة في المنطقة العربية، لم يبق لدى تلك الجماعات إلا البكاء والعويل، بدعوى المظلومية، وداعي النيل من استقرار وازدهار الدول العربية الأخرى، ومحاولة بث الشائعات والاستقواء بالدول والمنظمات
وكانت الجماعات الإسلاموية استغلت حالة عدم الاستقرار في تلك الأوطان لتتبنى برعاية تركية مشروع الشرق الأوسط الجديد، بمباركة بعض الدول التي ارتأت في ذلك تحقيقاً لمصالحها وتفتيتاً للأوطان العربية، لكن هذا المشروع أجهض بوعي الشعوب، ابتداء من مصر التي خرجت فيها الجماهير بالملايين مطالبة برحيل نظام أودى بالاقتصاد، وهدد الأمن القومي، والسلم الوطني، وتوعد النسيج المصري بدعمه وتنصيبه إرهابيين في أماكن حساسة، وفرض قوانين تضمن بقاءه أطول مدة ممكنة، إلى ليبيا التي التف شعبها وجيشها لطرد الإرهابيين وكشف عن مموليهم بالأسلحة، ثم تونس التي لفظ فيها الشعب الحركات الرجعية بعد أن اغتالت صوت الحرية، فسوريا التي دخلتها تلك الجماعات بتحالفات وخرجت من بين ركام المباني وجثث القتلى وهي تصافح من كان بالأمس عدوا.
وبالإضافة إلى الفشل السياسي المريع، فقد فشلت الجماعات الإسلاموية أخلاقياً ومجتمعياً وتضاءلت قاعدة المتعاطفين معها، بعد أن تبين للجماهير استغلال النصوص الدينية وتأويلها لصالح البقاء على الكرسي، مهما كان الثمن، في وقت كُشفت فيه عمليات مالية مشبوهة وغسيل أموال، فيما استخدمت تلك الجماعات جميع أنواع العنف الجسدي على مخالفيها، وتعمدت بث رسائل الكراهية والتكفير حتى أدرك الجميع خطورة هذه التنظيمات.
وبعد الاصطدام بحقيقة فشل جميع مشاريع الاستقرار، وهدم السلم وتشكيل فوضى خلاقة في المنطقة العربية، لم يبق لدى تلك الجماعات إلا البكاء والعويل بدعوى المظلومية، وداعي النيل من استقرار وازدهار الدول العربية الأخرى، ومحاولة بث الشائعات والاستقواء بالدول والمنظمات، لكن ذلك أيضاً يفشل يوماً بعد يوم ويعلو صوت الفشل لتتجلى حقيقة تلك الجماعات التي حاربت الأوطان طويلاً ولا تزال، وحقيقة داعميهم، ولم يعد الأمر خافياً على أحد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة