عبر "فارم".. هل يعود العالم لسلة الغذاء الأفريقية؟
تركيز كبير حول الغذاء، والهدف الاستراتيجي تعزيز أمنه، أولوية يأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحقيها عبر جولته الأفريقية.
ويقوم الرئيس الفرنسي بين 25 و28 من شهر يوليو الجاري بزيارة لثلاثة بلدان أفريقية هي الكاميرون وبنين وغينيا بيساو في أول جولة أفريقية يقوم بها منذ إعادة انتخابه في أبريل/نيسان/ الماضي.
وستركز المناقشات على أزمة الغذاء التي سببتها الحرب في أوكرانيا ومبادرة "فارم" (مزرعة) التي أطلقت في آذار/مارس مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي لزيادة الإنتاج الزراعي. وتعتزم فرنسا دعم مشاريع في الكاميرون التي تملك الكثير من المقوّمات في هذا القطاع.
الصمود المرن بمجالي الغذاء والزراعة
تواجه العديد من الدول الأفريقية مشكلات تتعلق بالأمن الغذائي وأمن الطاقة بسبب الاعتماد على الإمدادات الروسية من الحبوب والطاقة لكنها تشترى كذلك الحبوب الأوكرانية التي توقفت بسبب الحرب الدائرة هناك.
وتهدف الجولة إلى تعزيز الروابط السياسية مع القارة والمساعدة في دعم قطاع الانتاج الزراعي وسط تراجع الأمن الغذائي بسبب الحرب في أوكرانيا.
والكاميرون، الواقعة في وسط أفريقيا والغنية بالمعادن، منتج رئيسي للغذاء في أفريقيا وسيسعى الوفد المرافق لماكرون وراء فرص استثمار في القطاع الزراعي.
وتتسع اليوم فجوة الجوع في أفريقيا بصورة مطردة، فمع بداية جائحة كورونا في فبراير/شباط 2020، عانى أكثر من 100 مليون أفريقي من أزمات أو حالات طوارئ أو مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي بزيادة أكثر من 60% عن العام السابق.
وزادت مستويات انعدام الأمن الغذائي سوءاً في عام 2021، بحسب تقرير لمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن صدر العام الماضي، لكن نحو ربع الأفارقة دفعوا إلى هاوية الجوع خلال العام الحالي نتيجة للحرب في أوكرانيا والصراعات المتنامية في القارة، وما ترتب عليها ارتفاع من أسعار الوقود والغذاء، حيث حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أحدث تقاريرها من أن نحو 346 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي في القارة الأفريقية، أي ما يعادل ربع سكانها.
وتفيد منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، "FAO" بأن "ما يقرب من نصف دول أفريقيا البالغ عددها 54 دولة تعتمد على روسيا وأوكرانيا في استيراد القمح"، كما تمثل روسيا وأوكرانيا أكثر من 40% من واردات أفريقيا من القمح، ويرتفع الرقم في بلدان مثل رواندا وتنزانيا والسنغال إلى أكثر من 60%.
وتعتمد مصر على استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا بنسبة 80%، بينما تعتمد بنين والصومال في 100% من إمدادات القمح على البلدين، حيث ضاعفت الحرب في أوكرانيا من أزمات الغذاء القائمة في منطقة الساحل وشرق إفريقيا بسبب الجفاف والصراعات.
مبادرة "فارم".. وإعادة العالم لسلة الغذاء الأفريقية
وقد رصدت دراسة لشركة "أليانز تريد" للتأمين أن 11 دولة معرضة لاحتمال نشوب توترات اجتماعية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلاً عن تعرض 100 مليون أفريقي لمخاطر المجاعة.
وربما يكون اتفاق إسطنبول، الذي عقد أخيراً لتأمين تصدير الحبوب من كل من روسيا وأوكرانيا بداية الطريق نحو حل هذه المشكلة، لكنه ليس بديلاً من أن تواجه أفريقيا تحدياتها وتتحول نحو الزراعة بشكل يحل مشكلة الأمن الأفريقي الغذائي.
وعبر مبادرة "فارم" التي أطلقتها فرنسا في مارس 2022 إبان رئاستها الحالية للاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع الاتحاد الأفريقي، قد تتحول القارة السمراء إلى طوق إنقاذ وسط أزمة الغذاء الحالية، وبالتالي تعود لسابق عهدها سلة غذاء للعالم أجمع.
«سلة غذاء العالم» كما يطلق على القارة الأفريقية، تضم 60% من الأراضى الصالحة للزراعة «غير المستغلة» بعد فى العالم. ويكفى استغلال 80 مليون هكتار من هذه الأراضى فى جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها «لإطعام مليارى شخص حول العالم»، أى ما يعادل سكان قارتى أفريقيا وأوروبا.
وبحلول عام 2030، يمكن لقطاع الزراعة والصناعات الغذائية فى أفريقيا إنشاء سوق بقيمة 1000 مليار دولار، فى حال استغلال أقوى لهذه الموارد المائية فى الزراعة، بحسب بيانات البنك الدولي.
وتعتبر الكاميرون؛ الوجهة الأولى التي استهل بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جولته الأفريقية، قوة اقتصادية تنافسية في غرب القارة السمراء، فهي تمتلك طاقة زراعية تقدر بـ19.8% من الناتج المحلي الإجمالي حسب إحصاءات عام 2019.
ويتم تنفيذ الأنشطة الزراعية على نطاق الكفاف باستخدام أدوات بسيطة؛ ولدى البلاد زراعة تجارية لمحاصيل مثل المطاط والشاي والموز ونخيل الزيت والكاكاو.
كنز الغذاء في أفريقيا بات بحاجة ماسة اليوم في ظل التحديات المتسارعة، وأبرزها الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى ضخ استثمارات ضخمة واسعة النطاق به. لعل تعود القارة معها إلى سابق عهدها سلة متجددة واستراتيجية لغذاء العالم.
aXA6IDE4LjIyMC4xMTIuMjEwIA==
جزيرة ام اند امز