"مبادئ الخمسين".. الإمارات تنشر التسامح والأخوّة الإنسانية
التزام إماراتي واضح بترسيخ الأخوّة الإنسانية تضمنته وثيقة توجهات الإمارات للخمسين سنة المقبلة.
التزام يستند إلى مبادرات تاريخية وجهود استثنائية قامت بها الإمارات لنشر مفهوم الأخوة الإنسانية وثقافة التسامح.
وترسم وثيقة "مبادئ الخمسين" التي وجه بها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، واعتمدها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آلِ نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال دورتها الجديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والداخلية.
نهج وسياسة
وأكد المبدأ الثامن في موضعين على التزام الإمارات بترسيخ الأخوة الإنسانية، أحدها أكد أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة ترسيخ الأخوّة الإنسانية"، ما يعني أن ترسيخ الأخوة الإنسانية يأتي ضمن الأسس والقواعد العامة لمنظومة القيم في مبادئ الإمارات.
وفي موضع آخر، يعلن الالتزام بتطبيق هذا النهج في السياسة الخارجية، قائلا أن الإمارات "ستبقى داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".
وينص المبدأ الثامن على أن " منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. وستبقى الدولة داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".
وهو أمر يؤكد أن نشر التسامح وترسيخ الأخوة الإنسانية هو قول وفعل، نهج وسياسة.
الأزمة الأفغانية نموجا
وعلى أرض الواقع، لا يكاد يمر يوما، إلا ويجني العالم ثمار تطبيق الإمارات لمفهوم الإخوة الإنسانية، فخلال الفترة الحالية، تستضيف الإمارات آلاف العائلات الأفغانية التي تم إجلاؤها من أفغانستان في طريقها إلى دول ثالثة.
وفي مبادرة إنسانية حظيت بتقدير واسع، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية زيارة، الجمعة الماضية، لمدينة الإمارات الإنسانية لتفقد العائلات الأفغانية التي تم إجلاؤها من أفغانستان في طريقها إلى دول أخرى.
زيارة تأتي بعد أسبوع من توجيهه باستضافة العائلات الأفغانية من نساء وأطفال واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتوفير الرعاية و الدعم اللازمين لهم في المجتمع بصفة مؤقتة بما يوفر لهم مقومات الحياة الكريمة و يحقق الأهداف النبيلة لدولة الامارات العربية المتحدة في ظل مجتمع متسامح ومتكاتف.
وفي رسالة للعالم أجمع أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الزيارة " إن دولة الإمارات ستظل رمزا للعون والنجدة في أوقات الشدة ومصدر إلهام في العمل الإنساني".
وأكدا أنها" لن تدخر جهدا في الوفاء برسالتها الإنسانية والمنطلقة من قيم العطاء وعمل الخير وترسيخ الأخوة الإنسانية والتضامن مع الشعوب خلال مختلف الظروف والتحديات".
وتقوم الإمارات حاليا باستضافة نحو 9000 أفغاني بشكل مؤقت.
كما سبق وأن ساهمت منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي، في إجلاء أكثر من 40 ألف أجنبي وأفغاني من أفغانستان.
ويأتي هذا في إطار النهج الإنساني الذي تتعامل به الإمارات مع تطورات الأوضاع في أفغانستان، وضمن رسالتها الإنسانية العالمية على الساحة الدولية عامة وتجسيداً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الداعية إلى التضامن والتكاتف الإنسانيين في أوقات المحن والأزمات.
وعلى إثر هذه الجهود الاستثائية، قام الكثير من قادة دول العالم بتوجيه الشكر للإمارات، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبيدرو سانشيز رئيس وزراء إسبانيا، وسكوت موريسون رئيس وزراء أستراليا.
كما سبق أن وجهت كل من المملكة المتحدة وفرنسا ونيوزيلندا الشكر لدولة الإمارات على جهودها في مساعدتهم على إجلاء رعايا بلادهم من أفغانستان في ظل الظروف الراهنة.
جسور إنسانية
أيضا تواصل الإمارات تجسيد مفهوم الأخوة الإنسانية ، في دعمها العالم لمواجهة جائحة كورونا "كوفيد - 19"، حيث قدمت ولا تزال تقدم الدعم والمساعدة للعديد من الدول لتجاوز تداعيات جائحة "كوفيد - 19"، حيث أرسلت نحو 2250 طناً من المساعدات الطبية إلى 136 دولة.
جهود لم تتوقف عند إرسال طائرات مساعدات، بل دعمت الإمارات وشاركت في كل تحرك دولي جماعي للتصدي لجائحة كورونا، بما في ذلك دعم الجهود الدولية لتسريع عملية اللقاحات والتوزيع العادل للقاح، حيث أطلقت مبادرة "ائتلاف الأمل" من أجل الاستعداد لتسهيل ودعم توزيع 6 مليارات جرعة من التطعيمات حول العالم مع رفع هذه القدرة إلى 18 ملياراً في نهاية عام 2021.
وشكلت مساعدات دولة الإمارات حتى يوليو/تموز الماضي نحو 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتعثرة خلال جائحة "كوفيد-19".
كما أسهمت الإمارات بشكل كبير في مساعدة منظمة الصحة العالمية على تعزيز مخزونها الاستراتيجي في ضوء تفشي وباء "كوفيد-19"، ودعم جهودها في مواصلة الاستجابة الإنسانية السريعة للدول المحتاجة.
بيت العائلة الإبراهيمية.. رسائل أخوة
كذلك تتواصل الجهود لإنشاء "بيت العائلة الإبراهيمية"، المقررة إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، ويضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات.
ويجسد "بيت العائلة الإبراهيمية"، ترجمة على أرض الواقع لوثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
ويحمل "بيت العائلة الإبراهيمية"، المقرر افتتاحه عام 2022، عدة رسائل تدعو للتعايش لا الإقصاء، وتبرز مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف، وتعزز قيم التسامح لنبذ التعصب، وتدعو للمحبة في مواجهة الكراهية.
كما يجسد رسالة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
كما تؤكد الإمارات من خلال فكرة ذلك البيت أهمية التركيز على ما يجمعنا من قيم مشتركة تدعو لها مختلف الأديان لنكون حجر الأساس في بناء مظلة التسامح وواحة الإخوة التي نعيش فيها جميعا في تكامل وتعاون، الذي نحن في أمس الحاجة له في هذا التوقيت تحديدا، وخصوصا بعد انتشار أوبئة مثل فيروس كورونا المستجد التي تحتاج إلى تعاون عالمي لمواجهته.
وتفتخر دولة الإمارات منذ تأسيسها بتعزيزها لقيم التعايش والتسامح بين جميع المقيمين على أرضها من الجنسيات والأديان والخلفيات العرقية المتعددة.
ولا ينسى العالم اللفتة الإنسانية الكبيرة، عندما وجّه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية عام 2017 بإطلاق اسم "مريم أم عيسى" عليهما السلام على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة "المشرف" وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات والتي حثَّنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية.
هذا النهج في تعزيز والأخوة والتسامج، جعل الإمارات وجهة لملايين البشر حول العالم ومن كافة الأديان والشرائع الإمارات لقضاء الإجازات والعطل المرتبطة بأعيادهم ومناسباتهم الدينية بفضل مناخ الإحترام والمساواة والتعايش الإنساني الذي يعتبر سمة بارزة للدولة وشعبها والمقيمين على أرضها.
ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الأعداد، نحو وجهة دار التسامح، مع اكتمال بيت العائلة الإبراهيمية العام المقبل، الذي سيجمع بيوت العبادة المسيحية واليهودية والإسلامية تحت سقف واحد، ليضاف لما تزخر به الإمارات من مآذن المساجد وأبراج الكنائس ودور عبادة، متجاورة ومتحدة دون اضطهاد على أساس الدين أو العقيدة.
تكريم واحتفاء
جهود الإمارات بشتى السبل عبر دبلوماسيتها الإنسانية حظيت بتقدير وعرفان عرفان دولي، لم يتوقف عند اتصالات ورسائل الشكر من قادة دول العالم، إذ منحت المؤسسة البابوية التربوية التابعة للفاتيكان، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، وسام "رجل الإنسانية"، في يوليو/تموز الماضي.
جاء هذا الوسام عرفاناً وتقديراً لدعم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المستمر وجهوده الخيرة في تعزيز العمل الإنساني والإغاثي الدولي وتكريماً لدوره في تعزيز قيم السلام والتعايش وتأكيد أهمية الحوار وسيلةً لتجنب الصراعات وإعلاء القيم والمبادئ الإنسانية.
كما جاء التكريم وتقديراً لما تقوم به دولة الإمارات من دور ريادي في مجال خدمة الإنسانية جمعاء خاصة في ظل ما يشهده العالم من تداعيات جائحة "كوفيد- 19".
هذا التكريم جاء أيضاً بعد عدة شهور من احتفاء العالم في 4 فبراير/شباط الماضي، باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، وسط امتنان وتقدير للشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تلك المبادرة التاريخية، إثر رعايته لوثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في الإمارات 4 فبراير/شباط 2019، والتي تحولت ليوم عالمي تم الاحتفاء به دولياً لأول مرة فبراير/شباط الماضي.