فوضى مالية تهدد أمريكا.. بيع جماعي لسندات الخزانة وتفاقم الديون
تكشفت الأرقام الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية أن الدول الأعضاء في مجموعة البريكس تتخلص رويدا رويدا من سندات الخزانة الأمريكية.
التحليلات الاقتصادية العالمية تؤكد أن الولايات المتحدة مهددة فعليا بفوضى مالية كبيرة، ففي وقت سابق، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن 3 من الدول الأعضاء في البريكس تخلصوا من نحو 18.6 مليار دولار في شهر واحد فقط من سندات الخزانة، وأن ملكية الصين من هذه السندات انخفضت من 835.4 مليار دولار في بداية يوليو/تموز إلى 821.8 مليار دولار في نهاية الشهر ذاته - بانخفاض قدره 13.6 مليار دولار.
أما البرازيل، عضو مجموعة البريكس، فقد قلصت من حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية بمقدار 2.7 مليار دولار في نفس الإطار الزمني، من 227.4 مليار دولار إلى 224.7 مليار دولار.
ومن جانب آخر، فقد قلصت الهند، عضو البريكس، من ملكيتها لهذه السندات من 235.4 مليار دولار في يونيو/حزيران إلى 233.1 مليار دولار في يوليو/تموز من هذا العام.
الكثير من المحللين الاقتصاديين يرون أنه من المستحيل تجاهل عمليات البيع. خاصة وأن الصين وحدها أفرغت ما يقرب من 500 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية خلال السنوات القليلة الماضية.
- "الطوفان" يُغرق بورصة تل أبيب بالمنطقة الحمراء.. خسائر بـ8%
- بالنصف الأول من 2023.. دبي أفضل وجهة عالمية لاستقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر
احتياطات الصين
لكن لماذا تبيع الصين سندات الخزانة الأمريكية بهذه القوة؟
بحسب آخر تقرير في مؤشر نيكاي الآسيوي، يعتبر تقليص الصين لسندات الخزانة الأمريكية خطوة استراتيجية مهمة لدعم اليوان مقابل الدولار الأمريكي القوي.
والمؤكد أن التباطؤ القائم الآن للاقتصاد الصيني هو السبب، وهناك سبب آخر هو أن هذا يمكن أن يكون جزءًا من تحول استراتيجي واسع النطاق فيما يتعلق بالاقتصاد الدولي واتساع نفوذ البريكس وتكتل الدول الأعضاء بها. وبغض النظر عن ذلك، فهذا اتجاه لا يمكنك تجاهله.
لكن هل يمكن أن تتخلص الصين من أغلب ملكيتها من هذه السندات؟ بالتأكيد لا، حيث تشير الأدلة المتوفرة إلى أن الصين لا تزال تحتفظ بنحو 50% من احتياطياتها في شكل سندات دولارية.
وهناك تصور واسع النطاق، بأن الصين استجابت لعصر من المنافسة الجيواستراتيجية المتزايدة والتنافس الاقتصادي المتزايد مع الولايات المتحدة من خلال تحويل احتياطياتها من النقد الأجنبي من الدولار.
ويبدو الأمر منطقيًا إلى حد ما، فالصين تشعر بالقلق بشأن استخدام الدولار كسلاح ومدى العقوبات المالية الأمريكية.
الأمر يرتبط بترتيبات عالمية جديدة، فقد انخفضت حيازات الصين المعلنة من سندات الخزانة الأمريكية بشكل مستمر منذ عام 2012، مع المزيد من الانخفاض في الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وقد أثارت عمليات البيع في سوق السندات والارتفاع السريع في عوائد سندات الخزانة فوضى مالية في الأيام والأسابيع الأخيرة، حيث وصل العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى عند 4.85% بينما تجاوز العائد على السندات لأجل 30 سنة حدود 5%.
ووفقًا لمرصد FedWatch التابع لبورصة شيكاغو التجارية، يعتقد 72.9% من المستثمرين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة كما هي الشهر المقبل، بينما يعتقد 27.1% أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيزيد أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى.
مزايا السندات
بعض التقارير الاقتصادية ترى أن التخلص من السندات الأمريكية لن يكون أمرا قاتلا أو هادما للاقتصاد الأمريكي، خاصة وأنه ليس من مصلحة الدول الكبرى أن تبيع كل ما تملكه من هذه السندات، ومن المعروف أنه إذا قامت الصين ببيع الكثير من السندات الأمريكية فإن ذلك قد يتسبب في إضعاف قوة الدولار أمام بقية العملات مع إضعاف قوة الولايات المتحدة الأمريكية على الصمود في مواجهة عجز الموازنة.
لكن يظل امتلاك دول البريكس أو غيرها من الدول للسندات الأمريكية يعني أمورا كثيرة، منها:
- شراء السندات الأمريكية يعني أن تحصل الدولة على سوق ضخم لمنتجاتها كما في حالة الصين، لهذا تعتبر الصين أكبر المشترين للديون الأمريكية.
- أهمية الحيازة الدولارية للسندات الأمريكية من منطلق أن الدولار هو أهم مصادر الاحتياطيات النقدية في العالم.
أزمة الديون
من الناحية المقابلة، تظل السندات الأمريكية آلية مهمة لتمويل العجز، في ظل تفاقم أزمة الديون، وتشير التحليلات الجديدة التي أجراها مكتب الميزانية التابع للكونغرس ووزارة الخزانة الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة تقترب بسرعة من التاريخ الذي لم تعد فيه الحكومة قادرة على دفع فواتيرها، المعروف أيضًا باسم "التاريخ X". وتشير هذه الأخطار إلى أن الاقتراب من خرق سقف الدين الأمريكي قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية، وهو ما من شأنه أن يُلحق الضرر بالظروف الاقتصادية التي تواجهها الأسر والشركات.
ومن جانب آخر، فإنه بصرف النظر عن موقف دول البريكس، لا توجد علامة واحدة حتى الآن على أن المستثمرين الأفراد أو الشركات في جميع أنحاء العالم يتخلون عن سندات الخزانة - أو الدولار الأمريكي أو سوق الأسهم الأمريكية، حيث تشكل الولايات المتحدة قلب التمويل العالمي.