بالصور.. صيادو غزة.. الداخل مفقود والخارج مولود
بحرية الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 4 صيادين في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد إطلاق النار نحوهم ومصادرة قاربهم.
الداخل مفقود والخارج مولود.. هذا هو لسان حال الصيادين الفلسطينيين بعد تزايد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلية بحقهم في الآونة الأخيرة.
وتختلط مشاعر الصياد خضر الصعيدي، فبقدر فرحته من نجاته من رصاص الاحتلال وتحرره من السجن، يشعر بالأسى بعدما فقد بصره بعد اعتداء البحرية الإسرائيلية عليه ومصادرة قاربه قبالة جنوب قطاع غزة.
وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اعتقلت بحرية الاحتلال، الصعيدي مع 3 صيادين آخرين بعد إطلاق النار نحوهم ومصادرة قاربهم قبل أن تفرج عنهم بعد 3 أيام.
أعيدوا لي بصري
وقال الصعيدي لـ"العين الإخبارية": كنا نصيد في المنطقة المسموح بها قبالة خان يونس، عندما هاجمتنا الزوارق الإسرائيلية وأطلقت الأعيرة المطاطية تجاهنا، أصبت بـ20 عيارا مطاطيا، أحدها تسبب في فقد بصري".
يصمت قليلاً قبل أن يضيف: "خسرت كل شيء قاربي وشباكي وقيمتها تزيد على 30 ألف دولار، لا أريد شيئاً فقد أعيدوا لي بصري".
وأشار إلى أنه قد تعرض للاعتقال 5 مرات، وفي كل مرة كان يضطر للعودة للبحر من أجل لقمة العيش.
4 آلاف صياد
الصعيدي هو واحد من 4 آلاف يعملون في مهنة الصيد بقطاع غزة، وفق تأكيد زكريا بكر مسؤول لجان الصيادين في اتحاد العمل الزراعي، ويواجهون مخاطر متعددة خلال عملهم في عرض البحر.
وقال بكر لـ"العين الإخبارية" إن معاناة الصيادين باتت لا توصف في ظل ملاحقة بحرية الاحتلال الإسرائيلي، حيث لا يكاد يمر يوم إلا ويتعرضون فيه للملاحقة والاعتقال والإصابة.
ويملك الصيادون 1050 مركبا بمحرك و1000 قارب مجداف، وهناك 500 شخص مرتبطون بمهنة الصيد، في حين يبلغ عدد الذين يعتاشون من مهنة الصيد 60 ألف فلسطيني.
وتتعدد أشكال المعاناة التي يواجهها الصيادون بدءًا من تحديد أماكن الصيد التي يسمح لهم بالعمل فيها.
تقييد مساحة الصيد
ويوضح بكر أن الاحتلال حدد 5 أقسام في البحر، الأولى مقيدة الوصول، وهي 2 ميل شمال وجنوب قطاع غزة، ثم من الشمال إلى غزة 3 أميال، من ميناء غزة إلى وادي غزة 6 أميال، ومن منطقة الوادي إلى دير البلح 9 أميال، ومن دير البلح إلى خان يونس 12 ميلاً، ومن خان يونس إلى رفح 6 أميال.
وأشار إلى أن هذه المسافات لا قيمة لها، لأن الملاحقات والاعتداءات الإسرائيلية تجري خلالها، فآخر اعتداء لبحرية الاحتلال، صباح الإثنين، وقع على بعد ميل واحد فقط.
واعتقلت بحرية الاحتلال صيادين قبالة شمال قطاع غزة وصادرت قاربهما قبل أن تفرج عنهما في وقت لاحق، وهو ما رفع عدد المعتقلين من الصيادين خلال الأيام الـ3 الماضية إلى 7 صيادين إلى جانب مصادرة 5 قوارب.
حصاد الانتهاكات
باتت الملاحقة والاعتقال جزءًا من الاعتداء اليومي على الصيادين، ووفق توثيق اتحاد لجان الصيادين، فقد قتلت بحرية الاحتلال صيادين اثنين، وأصابت 30 واعتقلت 60 آخرين خلال عام 2018، وصادرت 20 قارباً ودمرت 20 قارباً آخر.
وقال بكر إنهم رصدوا 240 عملية إطلاق نار من الاحتلال ضد قوارب الصيادين خلال العام الماضي، فيما تزايدت الاعتداءات منذ مطلع العام الجاري.
وذكر أنهم وثقوا منذ مطلع العام الجاري، اعتقال 16 صياداً ومصادرة 7 مراكب وإصابة 12، أحدهم فقد بصره وهو الصياد الصعيدي.
كيف تجري الاعتقالات؟
أوضح الصياد محمد السلطان "28 عاماً" وهو أحد الصيادين المفرج عنهم خلال الأيام الماضية، كيف تجري عملية الاعتقال في عرض البحر، مشيرًا إلى أن زوارق الاحتلال تبدأ بملاحقة قوارب الصيد الفلسطينية، ثم تدور حولها لإغراقها، بالتوازي مع إطلاق النار والأعيرة المطاطية.
وأضاف: "قناصة الاحتلال يعملون على إصابة موتور المركب المستهدف ما يعطله وبعد محاصرة القارب يبدأون بمناداة الصيادين وسط شتائم هائلة، ويطلبون منهم التمركز في مقدمة القارب، وأيديهم لأعلى ثم يجبرون على خلع ملابسهم والنزول للبحر والسباحة باتجاه الزورق الإسرائيلي".
وتابع: "أثناء السباحة يكون هناك إطلاق نار وأعيرة مطاطية تجاه الصيادين حتى يصلوا للزوارق الإسرائيلية، وهناك تبدأ رحلة جديدة من المعاناة، حيث يتعرضون للضرب والركل، ويعطى كل واحد منهم ملابس بالية دون مراعاة للأجواء الباردة، ويجري اقتيادهم لميناء أسدود والقارب يكون إما دُمر وإما تمت مصادرته.
ووفق زكريا بكر، فإن كثيرا من حالات الاعتقال يجري فيها ابتزاز بعض الصيادين لدفعهم لتقديم معلومات أو التعاون مع الاحتلال مقابل الإفراج عنهم أو عن قواربهم، وهو أمر يرفضه الصيادون.
القصف المباشر
لم تتوقف الحرب ضد الصيادين على ملاحقتهم في عرض البحر، فقد قصفت قوات الاحتلال خلال اليومين الماضيين مقري نقابة الصيادين في دير البلح وخان يونس.
وقال نزار عياش، نقيب الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، لـ"العين الإخبارية"، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت بشكل مباشر مبنى نقابة الصيادين غرب بلدة دير البلح، وسط قطاع غزة، مما ألحق أضراراً جسيمة بالمبنى، وأدى إلى تدمير قارب صيد وإصابة قاربين آخرين.
وأضاف عياش أن طائرات الاحتلال استهدفت أيضاً ميناء الصيد البحري في خان يونس، وألحق أضراراً بالغة في مبنى النقابة، والمباني المجاورة التي تتبع نقابة الصيد البحري.
وأكد أن الاعتداءات الإسرائيلية اليومية ضد الصيادين وممتلكاتهم على امتداد شواطئ القطاع تعيق أعمال الصيد البحري، وتكبد الصيادين خسائر طائلة، خصوصاً وأنهم يمنعون من الإبحار إلى المسافات التي تتكاثر فيها الأسماك.
وبحسب زكريا بكر، فإن الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها الصيادون، وتقييد نطاق صيدهم أدى لتراجع دخل الصيادين من ما يقارب 400 دولار شهرياً عام 2006 إلى 100 دولار فقط حالياً، وبالتالي أصبح جميع الصيادين يصنفون ضمن الأشد فقراً في قطاع غزة.
aXA6IDE4LjIxOC4yNDUuMTc5IA== جزيرة ام اند امز