مهامه صعبة.. معارض يترأس "حزب بوتفليقة" بالجزائر
أبو الفضل بعجي فاز بالتزكية بمنصي الأمين العام لحزب "جبهة التحرير" الحاكم سابقا بعد "الانسحاب المثير" لمنافسه
عاد حزب "جبهة التحرير الوطني" إلى واجهة الأحداث السياسية في الجزائر بعد أكثر من عام من "الغياب القسري" الذي فرضته التغييرات السياسية نتيجة الحراك الشعبي بالبلاد.
وانتخب حزب جبهة التحرير، الذي ترأسه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، مساء السبت، أبو الفضل بعجي، أميناً عاماً، خلفاً لمحمد جميعي، الموجود في سجن "الحراش" منذ سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية قضايا فساد.
وحصل "بعجي" على تزكية أغلبية أعضاء الحزب المسمى بـ "الأفالان" وذلك خلال الدورة الاستثنائية التي انطلقت، صباح السبت.
وجاء فوز أبو الفضل بعجي بعد الانسحاب المفاجئ لمنافسه الوحيد جمال بن حمودة، الذي تعرض لحادثة "طريفة" بعد أن منعه الحرس من دخول القاعة بحجة إصابته بفيروس كورونا رغم حصوله على شهادة طبية تثبت عدم إصابته بالوباء.
وللمرة الأولى في تاريخ أقدم حزب بالجزائر والمعروف بـ"الحزب العتيد" لم يعتمد على فكرة "رجل الإجماع"، فيما اعتبره قياديين بالحزب أن ذلك هو "العودة إلى الطريق الصحيح".
معارض لرموز نظام بوتفليقة
ويعد أبو الفضل بعجي، الذي ينحدر من محافظة المسيلة (جنوب شرق العاصمة) من بين أكثر المعارضين للأمينين العامين السابقين للحزب، وهما جمال ولد عباس، ومحمد جميعي.
وبعد استقالة الأمين العام الأسبق عمار سعداني عام 2006 وتولي جمال ولد عباس المنصب، تحول "بعجي" العضو في اللجنة المركزية للحزب إلى واحد من أشد معارضي من كان يوصفون بـ"دخلاء الأفالان".
وتزايد ظهوره في الساحة السياسية بعد حادثة "إغلاق البرلمان بالأقفال الحديدية" المعروفة إعلامياً بـ"حادثة الكادنة" في أكتوبر/تشرين الأول 2018 والتي قادها القيادي في الحزب معاذ بوشارب ضد رئيس البرلمان الأسبق السعيد بوحجة.
وبعد شهر، قاد بوشارب "حركة انقلابية" أخرى كما يصفها قياديو الحزب ضد الأمين العام الأسبق جمال ولد عباس وشكل "هيئة تسيير الأفالان من 9 أشخاص، كما أعلن حل اللجنة المركزية التي كان فيها أبو الفضل بعجي أحد أعضائها، ومنذ ذلك التاريخ دخل "الحزب العتيد" في أكبر أزمة سياسية في تاريخه.
ويرى مراقبون، أنه بانتخاب أمين عام جديد للحزب الحاكم سابقا في الجزائر، يكون قد تجاوز أخطر أزمة منذ تأسيسه عام 1954، خاصة وأنه كان على رأس الأحزاب السياسية التي طالب الحراك الشعبي برحيلها ووضعها في "المتحف".
وعلى عكس كثير من قياديي الحزب، كان أبو الفضل بعجي من المعارضين لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وأعلن دعمه للحراك الشعبي منذ انطلاقه في فبراير/شباط 2019.
وبعد تعيين محمد جميعي، أميناً عاماً العام الماضي، رفض بعجي جميع المناصب التي عرضت عليه بالحزب، واتهمه بـ"خرق قوانين الحزب وتهميش الكفاءات على غرار سلفه ولد عباس".
وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة، فضل حزب "جبهة التحرير" دعم مرشح حزب التجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي، على حساب منافسه عبد المجيد تبون، رغم أن الأخير عضو في "الأفالان"، وهو ما جعله "يخرج من حسابات" تبون بعد انتخابه رئيساً للبلاد، وفق قراءات سياسية وإعلامية محلية.
المهمة الأصعب
ويقول المتابعون، إن حزب "جبهة التحرير الوطني" بعد أن تجاوز الخطوة الصعبة بانتخاب أمين عام جديد بعد نحو عامين من حالة التشنج والتخبط التي تسبب فيها صراع أجنحة نظام بوتفليقة داخل الحزب.
غير أن المهمة الأصعب لازالت تنتظر الأمين العام الجديد لـ"الأفالان" والمتمثل في "إعادة الثقة الشعبية" التي انهارت بعد دعم الحزب لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، واتهام القضاء الجزائري أمينين عامين سابقين وقياديين فيه بتهم فساد متعددة.
كما يواجه أبو الفضل بعجي تحدياً آخر، بحسب مراقبينن في أنه "سيحدد مصير ومستقبل الحزب" والمتمثل في الانتخابات التشريعية والمحلية المسبقة التي سيعلن عنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل نهاية العام الحالي.
ولايزال "جبهة التحرير" حزب "الأغلبية البرلمانية" بأكثر من 160 مقعداً، بالإضافة إلى اكتساحه مقاعد المجالس المحلية.
ويقول قياديون من الحزب، إن أول مهمة سيعمل عليها أبو الفضل بعجي هي تحسين صورة الحزب شعبياً وسياسياً بعد دخول عدد من قادته السجن على خلفية تهم فساد.