«العين الإخبارية» توثّق اكتشاف كنز أحفوري جديد في صحراء مصر
أعلن فريق من الباحثين المتخصصين في حفريات الفقاريات عن اكتشاف مواد أحفورية جديدة لسلاحف عاشت قبل نحو 95 مليون عام في مصر.
الاكتشاف جاء من تكوين "البهاريا" بالواحات البحرية في الصحراء الغربية المصرية، وهو الموقع ذاته الذي اشتهر عالمياً بعد اكتشاف عالم الحفريات الألماني إرنست سترومر بقايا السلحفاة " أبرتو-تمبورالس بهاريجينسس" عام 1934، قبل أن تدمر هذه العينات خلال الحرب العالمية الثانية.

وأعادت الدراسة الجديدة، التي ستنشر هذا الشهر بعد أيام بدورية "جورنال أُوف أفركن إيرث ساينسز"، والتي حصلت العين الإخبارية على نسخة منها، تحليل مواد أحفورية جُمعت سابقاً من الطبقات السفلية لتكوين البهاريا قرب جبل الفجا، لتكشف عن وجود أكثر من سلالة واحدة من السلاحف القديمة، وهو ما يعيد تشكيل فهم العلماء لتنوع الزواحف في شمال أفريقيا خلال بدايات العصر الطباشيري المتأخر.

ثلاث عائلات مختلفة لسلاحف منقرضة
أظهر التحليل الدقيق للصفائح الدرعية لأصداف السلاحف المتحجرة، رغم أنها شديدة التهشم، أن تكوين البهاريا يحتوي على بقايا ثلاث عائلات مختلفة من السلاحف، ما يمثل أقدم سجل مؤكد لهذه السلالات في مصر، وهي :
أولا: أراريبيميديا
سلالة قديمة من السلاحف جانبية الرقبة (بليوروديرا) ، لم يكن قد سُجل وجودها من قبل في مصر على الإطلاق، رغم انتشارها في النيجر والجزائر والمغرب وتونس.
ثانيا: بوثريميداي
عائلة منقرضة تنتمي للسلاحف الجانبية الرقبة، معروفة بقدرتها على التأقلم مع البيئات البحرية والمالحة والمياه العذبة، وقد لعبت دوراً مهماً في انتشار السلاحف عبر القارات خلال العصر الطباشيري.
ثالثا: شيلونويديا
مجموعة بحرية تشمل أسلاف السلاحف البحرية الحديثة، ما يؤكد وجود بيئات ساحلية بحرية قريبة من منطقة الواحات البحرية خلال تلك الحقبة الجيولوجية.
ويوضح هذا التنوع أن منطقة الواحات البحرية كانت موطنا لبيئات متباينة، من أنهار ومستنقعات إلى مناطق ساحلية، وهو ما أدى إلى تنوع كبير في السلاحف القاطنة لها.

امتداد علمي لاكتشافات سترومر الضائعة
تأتي أهمية العمل الجديد في أنه يحيي إرثا علميا ظل مفقوداً لثمانية عقود، ففي عام 1934، اكتشف سترومر عيّنة السلحفاة " أبرتو-تمبورالس بهاريجينسس" ، لكن هذه الأحفورة اختفت ضمن مجموعة المتحف الألماني التي دمرت بالكامل خلال قصف ميونيخ عام 1944.
وتقدم الدراسة الحالية تسجيلا جديدا وموثقا لسلالات السلاحف في المنطقة، وتُعد أول دليل منذ اكتشاف سترومر يؤكد وجود أكثر من نوع واحد من السلاحف في تكوين البهاريا.
أهمية الاكتشاف في فهم تطور السلاحف
تشير الدراسة إلى أن سلالات السلاحف الجانبية الرقبة (بليوروديرا) وتحديداً مجموعة الـ بيلوميدوسويديس ، ازدهرت خلال العصر الطباشيري في أفريقيا، وتنوعت إلى عدة عائلات، كان بعضها قادراً على التأقلم مع البيئات الساحلية والبحرية.
وتشير الأدلة إلى أن السلاحف من عائلة( بوثريميداي) التي تم العثور على بقايا منها في تكوين البهاريا، كانت تمتلك قدرات تكيف متقدمة، مكنتها من العيش في بيئات متغيرة، من المياه العذبة إلى البحار الضحلة، بل والتحرك عبر الحواجز البحرية في زمن كانت خلاله القارات في طور إعادة التشكل.
كما يُعد تسجيل عائلة (أراريبيميديا ) في مصر حدثا علميا مهما، لأنها لم تكن معروفة سابقاً في السجل الأحفوري المصري.

مصر موطن لأقدم سلاحف معروفة في المنطقة
وتكشف النتائج عن أن البقايا المكتشفة تمثل أقدم سجل معروف لسلالات السلاحف في مصر، وتعزز من مكانة الواحات البحرية كأحد أغنى مواقع الحفريات الفقارية في الصحراء الكبرى، جنباً إلى جنب مع مواقع أخرى مثل الخرجة والدخلة.
ويؤكد الباحثون أن الدراسة الحالية ليست سوى خطوة أولى نحو إعادة بناء المشهد الحيوي القديم في هذه المنطقة، خصوصا مع وجود طبقات صخرية غنية يمكن أن تخفي مزيدا من الأسرار المتعلقة بالزواحف والفقاريات التي عاشت آنذاك.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzEg
جزيرة ام اند امز