بدأ تأسيس الدولة السعودية الأولى مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم "الدرعية" منتصف عام 1139هـ "22 فبراير 1727".
كان عمر الإمام محمد بن سعود آنذاك 30 عاما، حيث وُلد في "الدرعية" عام 1697، وكان لديه حسٌّ إداريٌّ فائق ونظرة مستقبلية ثاقبة لإنشاء دولة تزدهر عبر القرون، فرفع شعار الوحدة، وبدأ بمدينته "الدرعية"، إذ وحَّد شطريها، وجعلهما تحت حكم واحد، بعد أن كان الحكم فيها متفرقًا بين مركزَين.
وكانت منطقة "نجْد" قبل التأسيس تعيش في غياب متطلبات الأمن والاستقرار، وهذا ما ولّد الضرورة الغريزية والحاجة إلى بناء المسارات السياسية الواضحة، وهذا ما قام به الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، حيث وضع لبنة البناء والوحدة، وأصبحت "الدرعية" عاصمة لدولة مترامية الأطراف، وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة وانتشر العُمران مدعوما بالاستقرار السياسي، وازدهرت الحياة مؤمَّنة بالاستقلال عن أي نفوذ في المنطقة أو خارجها.
لقد حملت فكرة يوم التأسيس في المملكة العربية السعودية الكثير من الأبعاد المهمة ذات العلاقة بكتابة تاريخ الجزيرة العربية بأكمله، فالسعودية دولة السياسة ودولة التاريخ، الذي انطلق منذ 1727م، حيث صنعت السعودية نموذجها، وأصبحت الحاجة مهمة إلى إغناء تراث مرحلة تأسيس الدولة والكشف عن مكنونها الحقيقي، حيث تشكِّل فكرة يوم التأسيس إحدى الأدوات الفاعلة في إثراء مرحلة مهمة في تاريخ الجزيرة العربية.
لقد نشأت الدولة السعودية من داخل مكوّنها الاجتماعي، فلم تكن مستوردة، وهذا ما رسخ سرديتها القائمة على أن ما حدث في سيناريو تأسيسها كدولة هو نتاج طبيعي لحركة تاريخية لم يتدخل فيها عنصر خارجي ولم تسندها أفكار بعيدة، وإنما وُلدت من معايير تاريخية مفهومة وطبيعية وابنة بيئتها، حيث تأسست على الحالة البشرية، التي تجيب عن سؤال منطقي: "ماذا يحتاج الناس من معطيات الحياة والأمن والاستقرار؟".
يوم التأسيس السعودي هو اليوم الثاني والعشرون من فبراير من كل عام، بحسب أمر ملكي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ليكون يوم التأسيس للمملكة العربية السعودية، وليشكّل بذلك تخليداً مهما لذكرى إعلان الدولة السعودية الأولى من قِبل الإمام محمد بن سعود، ولتخليد تاريخ المملكة العربية السعودية عبر ثلاثة قرون مضت.
لقد ارتبط التأسيس الأول في السياق التاريخي، الذي انطلق مع الإمام محمد بن سعود، بتأسيس ثانٍ بدأه الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- الذي يعتبر المؤسس الثاني للدولة السعودية، وذلك في السياق التاريخي الذي انطلق منذ الربع الأول من القرن الثامن عشر، إذ مرت السعودية بمرحلة تأسيس أول في القرن الثامن عشر ومرحلة تأسيس ثانٍ في القرن العشرين، وحققت بذلك ثباتا واستقرارا مهما، فهي في سياق الدول، التي احتفظت بتسميتها نفسها منذ التأسيس الأول، حتى بلغ عمرها اليوم ثلاثة قرون محتفظة بذات المسار وذات الحكم وذات الاستقرار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة