تسونامي ماكرون يحطم الأحزاب الفرنسية القديمة
بعد فوزه بالإليزيه واكتساح حزبه للبرلمان.. هل قضى ماكرون على الأحزاب الفرنسية القديمة؟
بانتهاء الجولة الثانية للانتخابات التشريعية في فرنسا، يستحوذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحزبه الوليد "الجمهورية إلى الأمام" المنبثق عن حركة "أون مارش" أو "إلى الأمام"، على الأغلبية الرئاسية المطلقة في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي)، ومع هذا الاستحواذ الصوري لا يجد الحزب الوليد الصدى المطلوب في الشارع الفرنسي، خصوصا مع حداثة سنه السياسية وعزوف انتخابي تاريخي وسط تكهنات بعجز الحزب عن احتواء الناخب الفرنسي فضلا عن استقطابه.
- لوبان تختلق شخصية وهمية على "تويتر" لمهاجمة منافسيها
- أبرز تحديات أحزاب فرنسا قبل الجولة الثانية للانتخابات التشريعية
وكما اعتلى ماكرون ذو الـ39 عاما عرش الإليزيه نتيجة لتصويت عقابي قام به الناخب الفرنسي تجاه مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين لوبان، حقق حزب الجمهورية إلى الأمام وحلفاؤه هذا الانتصار نتيجة لفتور العلاقة السياسية بين الناخب وبين الأحزاب التقليدية القديمة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
ومن هنا وصفت مجلة "شالانج" الإسبوعية، قضاء ماكرون على أحزاب وتكتلات سياسية فرنسية عتيدة بأنه "تسونامي ماكرون"، لافتة إلى أن على رأس تلك الأحزاب "الجمهوريون" و"الديمقراطيون" الذين فضل بعضهم التحالف معه، والحزب الاشتراكي وحلفاؤه الذين أفل نجمهم إلى الأبد كما تقول الصحافة الفرنسية، وحزب "فرنسا الأبية" بزعامة المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلانشون والحزب الشيوعي الفرنسي، واختفاء حزب الخضر وبقية أحزاب الوسط، وحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي خفت توهجه بعد هزيمة زعيمته أمام ماكرون وهزيمته أمام حزب ماكرون.
الحزب الاشتراكي (الحاكم مسبقا)
لم يتوان ماكرون الذي خرج من تحت عباءة الحزب الاشتراكي بزعامة جان كريستوف كامباديليس باستقالته من منصب وزير الاقتصاد في "حكومة فالس" تحت قيادة الرئيس السابق فرانسوا هولاند، وتكوينه حركة "إلى الأمام" في استقطاب فيلة الحزب من وزراء إلى برلمانيين إلى رؤساء بلديات وغيرهم ممن كانت الدولة تحت قبضتهم منذ 2012 حتى فوزه بالرئاسة مايو الماضي لدعمه إبان حملته الانتخابية الرئاسية.
شهد الحزب حالة من الانقسام والتشتت لم يشهدها منذ تأسيسه عام 1905، وكان أكثر الخاسرين هما المرشحان السابقان مانويل فالس الذي انتهى به الأمر إلى دعم ماكرون، وبنوا آمون الذي مني بهزيمة ساحقة في الرئاسية، وها هو لم يحقق كتلة برلمانية تذكر في التشريعية رغم تحالفه مع أحزاب يسارية أخرى.
دببة اليمين
ربما ساعدت حالة التخبط التي ضربت حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" أو ما يعرف الآن بالحزب الجمهوري، ماكرون في تقليم أظافر دببة اليمين الفرنسي الليبرالي، فبعد استقطابه لأرباب العمل وكبار اقتصاديي فرنسا من جميع الأطياف كونه "ابن البنك" (كما أطلقت عليه غريمته اليمينية المتطرفة مارين لوبان إبان احتدام حملتهما الرئاسية)، شوهت اتهامات متلاحقة بالفساد نالت المرشح الرئاسي للحزب "فرانسوا فيّون"، آخر أوراق لعب الحزب المضمونة في سباق الإليزيه، خصوصا بعد اختفاء الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي ورجل الحزب المعتدل عمدة بوردو "آلان جوبيه".
وانتهت الحال بالحزب إلى تمثيل كتلة معارضة ضئيلة نسبيا قياسا بتاريخه السياسي الطويل، حيث تقول آخر استطلاعات الرأي بأنه يستطيع حجز نحو 100 مقعد من بين 577 مقعدا في البرلمان.
أقصى اليسار
ما زال زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون يناضل هو وحلفاؤه من الشيوعيين لتعويض خسارتهم في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بالسعي إلى حجز نحو 25 مقعدا في البرلمان.
كابوس اليمين المتطرف
بادرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد إعلان ماكرون رئيسا، إلى تهنئته والشعب الفرنسي بتسديد ضربة موجعة لليمين المتطرف في أوروبا بهزيمة مارين لوبان. وكان الأمر مهما على نحو خاص لميركل التي عانت من تظاهرات لحركات يمينية متطرفة مثل "بيجيدا" عامي 2014 و 2015 في الوقت نفسه التي كانت تكابد فيه مشقة الحيلولة دون وصول المهاجرين غير الشرعيين الفارين من الشرق الأوسط وإفريقيا.
وتلفظ مارين لوبان وحزبها حاليا الأنفاس الأخيرة في آخر جولاتهما السياسية المتمثلة في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية لعام 2017، والتي تتوقع لها استطلاعات الرأي أن لا تزيد عدد المقاعد في البرلمان عن 6 مقاعد.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز