أشباح كتالونيا تطارد كاليدونيا الراغبة في الطلاق الفرنسي
الحكومة الفرنسية أعلنت أنها توصلت إلى اتفاق مع إقليم كاليدونيا الجديدة، بشأن استفتاء على استقلاله وفقا للقانون الموقع سنة 1998.
لعلها مرادف لأمواج الشعبوية التي ضربت العديد من المناطق في العالم، فكثرت الدعوات المطالبة بالانفصال على أساس عرقي أو جغرافي.
ولذلك كانت الأنظار كلها تحدق في كردستان التي تريد الانفصال عن العراق في الشرق، وكتالونيا الراغبة في الانفصال عن إسبانيا في الغرب، وكان الفشل عظيما في الحالتين، بشكل أطلق شحنة سلبية لكل الراغبين فيما يرون أنه استقلالا، ويراه الآخرون انفصالا وتشرذما.
وبينما تصدر مدريد مذكرة اعتقال أوروبية بحق رئيس إقليم كتالونيا المقال، أعلنت الحكومة الفرنسية أنها توصلت إلى اتفاق مع إقليم كاليدونيا الجديدة، بشأن استفتاء على استقلاله وفقاً للقانون الموقع سنة 1998، الذى ينص على إنهاء الاستعمار بشكل متتابع للأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ، والذي ينتمي إلى مقاطعات وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية.
وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2018، سيكون سكان كاليدونيا الجديدة قادرين على التعبير عن أنفسهم في استفتاء لتقرير المصير، ويمكن لأرخبيل المحيط الهادئ أن يصبح مستقلاً عن فرنسا، لكن لابد من إجراء استفتاء حتى يقرر سكان هذه الجزيرة الواقعة في شرق أستراليا علاقاتهم المستقبلية مع حكومة باريس. والسؤال هنا هل يتكرر سيناريو كتالونيا بتفاقم الأحداث؟.
يرى محللون فرنسيون أن عدة أسباب تجعل مصير كاليدونيا مختلفاً عن كتالونيا، فيما يخشى الجانب الآخر من جبال البرانس، المعارضين للانفصال وأنصار القومية والاتحاد أن يتدهور الوضع في كاليدونيا الجديدة وتلقى نفس مصير الإقليم الإسباني.
ونقلت محطة "إل.سي.أي" الفرنسية عن أستاذ التاريخ في المعهد الوطني للتاريخ والحضارة الشرقية، والمتخصصة في السياسة الفرنسية في المحيط الهادئ، سارة جيرالد، قولها إن "من المحتمل أن تتعرض كاليدونيا لنفس مصير كتالونيا، وهذا أمر واضح"، مشيرة إلى أنه من السهل تنظيم استفتاء لتقرير المصير، لا سيما بعد موافقة السلطة الاستعمارية السابقة (الفرنسية).
وأضافت جيرالد أن "هناك عملية إنهاء للاستعمار تلتزم بها الحكومة الفرنسية بموجب اتفاق رسمي منذ 30 عاماً"، موضحة أن المؤيدين والمعارضين للاستقلال، جلسوا على طاولة مفاوضات للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.
وظلت الحكومة الفرنسية ظاهرياً في وضع المراقب بناء على رغبة الشعب إلا أن موقف الحكومة الفرنسية يبدو واضحاً، لا سيما بعدما صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الحملة الانتخابية، قائلاً "أتمنى أن تظل كاليدونيا الجديدة تحت المظلة الوطنية".
وحذرت المحللة الفرنسية من اندلاع الحرب الأهلية في البلاد في حالة ظهور النتيجة النهائية للاستفتاء "لا" للانفصال، مشيرة إلى أن ما حدث عام 1980 وفقدان العشرات من ألكاناك (شعب كاليدونيا الأصلي) يمكن أن يتكرر.
من جهتها، أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، اجتمع مع ممثلي الإقليم، أمس الخميس، للتوصل إلى اتفاق سياسي مع حكومة كاليدونيا"، لافتة إلى التغيرات الجذرية التي ستحدث للاقتصاد الفرنسي نتيجة انفصال الجزيرة الغنية بمعدن "النيكل"، والتي تشكل ربع الاحتياطي العالمي من هذا المعدن.
من جانبها، أوضحت إذاعة "فرانس إينفو" الفرنسية أن الجزيرة التي تعد إحدى الأراضي الفرنسية منذ 1853، وتبعد عن باريس بنحو 16 ألف كيلومتر، سيصوت العام القادم، نحو 158 ألف ناخب ليختار ما بين الاستقلال والبقاء تحت مظلة باريس، مشيرة إلى أن استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه معهد "أي سكوب" لدراسات الرأي العام، أكد أن 54.2% من شعب كاليدونيا ضد الاستقلال مقابل 21.4% مؤيدين له، فيما لم يحدد 24.4%.
كاليدونيا الجديدة
- الموقع:
تقع جزيرة كاليدونيا في القارة الأوقيانوسية في المنطقة الجنوبيّة من المحيط الهادئ، ويحدها من الشرق أستراليا، ومن الجنوب جزر سليمان وبابوا غينيا الجديدة، ومن الشمال نيوزيلندا، وإلى الغرب من كلٍّ من الجزر: فيجي، وتونجا، ونييوي، وكوك، وبولينيزا الفرنسية، وتبعد 16,136 كم إلى الشرق من الأراضي الفرنسية.
وقد كانت الجزيرة مستقراً لكل من البريطانيين والفرنسيين في القرن الـ19، وتقدر المساحة الإجمالية لكاليدونيا قرابة 19 ألف كيلومتر مربع تقريباً، تقدر نسبة المياه منها قرابة 500 كيلومتر مربع تقريباً.
- المناخ:
تسود في كاليدونيا الأجواء الاستوائية المتخللة بالرياح الجنوبية الشرقية، هذا وتشتد الحرارة في هذه المنطقة في بعض الأحيان، وترتفع نسبة الرطوبة فيها.
- السكان:
يقدر عدد السكان في كاليدونيا بحوالي 280,767 ألف نسمة تقريباً، وينتمي السكان في كاليدونيا إلى العديد من العرقيات؛ فهم مزيج من شعب الكاناك (السكان الأصليون لكاليدونيا الجديدة) وسكان من أصول أوروبية من الكالدوش وفرنسيو الأراضي الفرنسية، وشعوب بولينيزية هم في معظمهم من الواليسيين، وسكان من جنوب شرق آسيا، إلى جانب أقليات ترجع جذورها إلى الأقدام السوداء وجزائري المحيط الهادئ. وتعد الفرنسية هي اللغة الرسمية بالإقليم، بالإضافة إلى وجود 33 لهجةً فيها.
- السياسة:
تعد كاليدونيا الجديدة إقليماً فريداً، حيث يتولى حكم البلاد مجلس إقليمي مكون من 54 عضواً، وكيان تشريعي يتألف من أعضاء 3 مجالس إقليمية، ويمثل الدولة الفرنسية في الإقليم مفوض سامٍ، كما يمثل كاليدونيا الجديدة في البرلمان الفرنسي اثنان من النواب واثنان من الشيوخ، وقد بلغت نسبة إقبال ناخبي كاليدونيا الجديدة على التصويت في انتخابات 2017 الرئاسية الفرنسية 60.1%.
- الجيش:
تتكون القوات المسلحة لكاليدونيا الجديدة من نحو 2000 جندي، يتمركز معظمهم في كوماك ونانداي وتونتوتا وبلوم ونومياكما، كما ينتشر في الأرخبيل 760 من جنود الدرك الوطني.
- الزراعة:
تعد المساحة الصالحة لممارسة النشاط الزراعي محدودة جداً، إلا أنها تتميز بعدة محاصيل أهمها البصل والكراث والفجل موجود بكثرة.
- الاقتصاد:
تعتبر جزيرة كاليدونيا جزيرةً غنيّةً جداً بالنيكل؛ إذ تُقدّر الكميات الموجودة فيها بحوالي 25% من إجمالي النيكل العالمي، بالإضافة إلى ذلك فإن كاليدونيا تحصل على دعم من الحكومة الفرنسية يُقدّر بحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي، هذا وتعتبر السياحة في كاليدونيا من أهم الأنشطة المؤثرة في الاقتصاد.
- الوضع القانوني:
منذ سنة 1986، أدرجت لجنة الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار كاليدونيا الجديدة في قائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المحكومة ذاتياً، وقد عُقد استفتاء بشأن الاستقلال في العام التالي، إلا أن الغالبية العظمى ممن شاركوا في الاستفتاء صوتوا ضد الاستقلال.
وفي 5 مايو 1998، وُقع اتفاق نوميا الذي وضع الأسس الممهدة لفترة انتقالية مدتها 20 عاماً تنتقل خلالها السلطات تدريجياً إلى حكومة محلية، وجاء ذلك في أعقاب فترة من الاضطرابات الرامية إلى الانفصال التي وقعت في الثمانينيات. وأُقر في استفتاء عام، أن تجري كاليدونيا الجديدة استفتاءً ثانياً على الاستقلال بين عامي 2014 و2018، وقد حُدد التاريخ الرسمي للاستفتاء ليكون في سنة 2018، وهي السنة التي ينتهي فيها مفعول اتفاق نوميا.
- اسم جديد:
يحتمل أن يتغير اسم الإقليم في المستقبل القريب بموجب الاتفاق، الذي نص على أن "تبحث جميع الأطراف مجتمعة عن اسم وعلم ونشيد وطني وشعار وتصميم لأوراق النقد، وذلك للتعبير عن الهوية الكاناكية وعن المستقبل المشترك لجميع الأطراف". إلا أنه لم يحدث حتى اليوم اتفاق على اسم جديد للإقليم.
أما عن الرموز الوطنية، فقد بدأت كاليدونيا الجديدة تسير حثيثاً نحو اتخاذ رموز خاصة بها، فاختارت نشيداً وطنياً، وشعاراً، وتصميماً جديداً لأوراق النقد. وفي يوليو 2010، اتخذت كاليدونيا الجديدة العلم الكاناكي- إلى جانب العلم الفرنسي ثلاثي الألوان ـ علماً رسمياً مزدوجاً للإقليم.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز