أندريه شديد.. الأديبة الفرنسية المصرية صاحبة "اليوم السادس"
الكتابة عن مصر القديمة وريف مصر الحديث تسود الأعمال القصصية لأندريه شديد، ومنها "الرماد المعتق 1952" و"جوناثان 1955"
تحل، الخميس 6 فبراير/شباط، ذكرى وفاة الأديبة الفرنسية من أصل مصري أندريه شديد، التي كانت تحمل أيضا اسم أندريه صعب، حيث فارقت الحياة في مثل هذا اليوم عام 2011.
وعلى الرغم من الشهرة التي حازتها في فرنسا، والتي هاجرت إليها لتنضم إلى طائفة من كتاب الفرانكفونية ذوي الأصل المصري أمثال ألبير قصيري وروبير سوليه وجليبرت سينويه، فإنها كانت أقلهم حظاً فيما يخص معرفة الجمهور المصري بها.
ولم يعرف الجمهور المصري بأندريه إلا بعد أن قرر المخرج الراحل يوسف شاهين تقديم روايتها "اليوم السادس" في فيلم سينمائي حمل الاسم نفسه، لعبت بطولته الفنانة داليدا مع محسن محيي الدين.
وعلى الرغم من ابتعادها الطويل عن مصر، فإنها ظلت تكتب عنها وعن تاريخها، واحتفظت في كتاباتها بمصريتها على الرغم من أنها أرادت أن يكون لها امتداد عالمي بتعبير الكاتب أنيس منصور، الذي كتب عنها فصلاً بكتابه "في انتظار المعجزة".
كتبت "شديد" عن ملوك مصر القديمة، وخصت بالمجد أخناتون وكليوبترا، ليس فقط لتثير اهتمام الفرنسيين، وإنما لترتبط بالبلد الذي ولدت فيه، فقد كان قلبها وعيناها وأذناها مع مصر، كما يقول أنيس منصور، الذي أرخ رحلة خروجها.
ولدت أندريه شديد بالقاهرة في 20 مارس/آذار 1920، لأسرة تعود إلى الشوام المتمصرين، فوالدها هو سليم صعب، وأمها أليس خوري حداد جوديل، وتعود عائلة أبيها إلى "بعبدا" في لبنان، وعائلة أمها من دمشق في سوريا.
وتم إرسالها إلى مدرسة داخلية كعادة الأسر الأرستقراطية في أربعينيات القرن الماضي، وهناك تعلمت الإنجليزية والفرنسية، وفي الـ14 من عمرها سافرت إلى أوروبا، ولكنها عادت ثانية إلى القاهرة لتدرس بالجامعة الأمريكية بالعاصمة المصرية.
ومنذ أن هاجرت أرادت أن تكون مثالاً للمواطنة العالمية التي لا تعرف حدودا في الجغرافيا ولا بين الأجناس الأدبية التي كتبت فيها كلها، فقد كتبت الشعر والمسرح والرواية.
وأقامت أندريه شديد في باريس منذ عام 1946، واستقرت فيها وهي في عمر الـ26 من عمرها، وتزوجت من عالم أحياء، وأنجبت ميشيل ولويس شديد، وهو مغنٍ فرنسى مشهور، ولها حفيد هو مطرب الروك الفرنسي ماتيو شديد.
وكانت قد بدأت مشوارها الأدبي عام 1943 بمجموعة من الأشعار المكتوبة باللغة الإنجليزية، ولكنها تبنت اللغة الفرنسية، وأصبحت الفرانكفوانية خيارها الثقافي.
وانضمت بفضل ما كتبته عن مصر إلى طائفة من الكتاب عاشت ما سماه روبير سوليه "الولع بمصر"، حيث يسود الشرق ومصر القديمة وريف مصر الحديث أعمالها القصصية، ومنها: "الرماد المعتق 1952"، و"جوناثان 1955"، و"اليوم السادس 1960".
وعقب وفاتها نمت حركة ترجمة أعمالها التي صدرت عن المركز القومي للترجمة في مصر، ودار الهلال وسلسلة إبداعات عالمية بالكويت، وإضافة لأعمالها الشعرية، كانت لها عدة نصوص من بينها "أخوة الكلام 1967".
وعلى الرغم من هذا الالتصاق بذاكرتها الأولى، فإنه من الصعب وضع أدبها في خانة "الانتماء القومي" أو "الشوفيني"، لأنها كانت تؤكد أن ما كتبته وسجّلته في "الفرعونيات" و"اللبنانيات"، ظل بعيداً عن الخانات القومية والوطنية.
فهذه الأديبة الفرانكوفونية العربية الأصل، أحبت فرنسا وكتبت عن باريس: "أحب هذه المدينة، وأجـد فيها من المنشـطات ما يحفز قـواي دوماً، هـذا ما قلـته لنفسي مـنذ طـفولتي".
وحازت أندريه شديد كثيرا من الجوائز منها: جائزة لويز لابيه عام 1966، وجائزة النسر الذهبي للشعر 1972، والجائزة الكبرى للأدب الفرنسى من الأكاديمية الملكية ببلجيكا عام 1975، وجائزة أفريقيا المتوسطة عام 1976، وهي أرفع الجوائز التي ينالها كاتب وافد للثقافة الفرانكفونية من ثقافة أخرى.