هناك معطيات في الحياة لا تقبل القسمة على اثنين، كأن لا يُستبدل بالإنسان أي أولوية أخرى في نظر أي حكومة تريد أن تمسك زمام التنمية الإدارية الصحيحة.
هذه هي الرؤية غير التقليدية، التي تقدمها دولة الإمارات لباقي حكومات المنطقة والعالم لتمكين مجتمعاتهم، بعد أن عمّمتها على قيادات العمل الحكومي والصفوف الأولى والثانية فيها، والذين أخضعتهم لمختبرات وجلسات عصف ذهني واسعة ودورية قبل عشر سنوات من اليوم مع إطلاق القمة الحكومية، حيث باتت العملية أكثر منهجية رغم أن العمل انطلق قبل ذلك بكثير.
التنفيذ كان منظما للغاية مع وضوح الأهداف والخطط، إذ اعتبرت حكومة دولة الإمارات الإنسان فلكا تدور حوله كل عناصر التنمية، ما سهّل على القطاعات كافة تصميم مبادرات تضمن رخاء هذا الإنسان وتؤسس له مستقبلا أكثر إشراقا واستقرارا.
وفي المقابل يكون هذا الإنسان لاعبا رئيسيا بمعرفته وعمله الدؤوب ليضمن استدامة هذا النهج.. فاليد الواحدة لا تصفق، ومن هنا جاء الإيمان المطلق بأهمية فرق العمل، التي تعمل بروح واحدة.
ولكن هل يمكن لفكرٍ كهذا أن يتبلور بشكل عشوائي دون وجود رُبّان لديه نظرة ثاقبة واستشراف عميق وإصرارٌ على السير بمركبته بين الأمواج المتلاطمة بثبات؟!
إنها مدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي يؤمن بقيمة دفع العمل الحكومي قُدُما، فقد قال يوما: "تطوير أنظمة الإدارة الحكومية هو أكبر خدمة يمكن أن يقدمها الإنسان لوطنه ومجتمعه وأمته، لأن تطويرها يحقق قفزاتٍ لكل مجالات الحياة".
فعمل يدًا بيد مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الذي يبارك كل خطوة شجاعة في نهضة حكومية استثنائية تغير من أنماط التفكير التقليدية، وهو ما حقق كل هذه المراكز المتقدمة في مؤشرات التنافسية لدولة الإمارات.
ثورة في أساليب العمل الإدراي أحدثتها دولة الإمارات، التي وضعت نموذجها كمختبر تطلع على نتائجه دول المنطقة والعالم.
في البدايات كانت النظرات مستعجبة ومستكثرة على دولة فتية كل هذا الطموح، ومع مرور السنوات وجدوا أنهم أمام تجربة لا تقبل المستحيل، فكان الإنجاز والعمل المتقن هو الرد.. ولم يزد ذلك دولة الإمارات إلا رغبة أصدق في توسيع وتعميم تجربتها، منطلقة من مسؤوليتها التاريخية، فمدّت يدها للقريب والبعيد، واستقطبت الشباب العرب المبدعين وكل مَن لديه فكر استثنائي ومواهب تبحث عن حاضنات أعمال ومستثمرين والراغبين في النهوض داخل بيئة مستقرة ومحفزة.
وجعلت دولة الإمارات من تجاربها في التنمية الإدارية مختبرًا حيًّا يضمن للحكومات خططا استباقية للتحديات المستقبلية، وهو ما يتجسد من خلال حدثها الأبرز اليوم "القمة العالمية للحكومات"، التي كانت قمة وطنية تضم قبل عشر سنوات 150 خبيرا دوليا، لتتحول اليوم إلى أكبر عصف ذهني يجمع 20 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 250 وزيرًا، و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين، يتبادلون الخبرات والمعارف والأفكار، التي تسهم في تعزيز التنمية والازدهار حول العالم بلغة العصر الحديث وأدواته المعقدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة