اختيار عام 2018 ليكون "عام زايد" فرصة لتوضح للعالم إحدى الصفات الأساسية التي غرسها زايد الخير.
هناك زعماء وقيادات صنيعة المناصب التي تولوها، وهناك زعماء وقيادات أكسبوا المناصب التي شغلوها قيمة ومكانة فكانوا أكبر من المنصب، وأرفع من الموقع.
ولا شك أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- القائد والمؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، كان نهجا منفردا بخصائص الزعامة انطلاقا من إيمانه بأن القيادة صدق في القول، وإخلاص في العمل، وتفانٍ مستمر لخدمة المواطنين، ورفعة الوطن، وإعلاء رايته عاليا بين الأمم.
فالشيخ زايد رحمه الله لم يكن نموذجا متميزا في القيادة والزعامة على الصعيد المحلي فحسب، بل على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضا؛ فإنجازاته ومبادراته هي شاهد حي على أنه قائد استثنائي يصعب أن يتكرر.
وتأتي مبادرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- بإعلان عام 2018 "عام زايد" في الإمارات ليكون مناسبة قومية للاحتفاء بالقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمناسبة مرور 100 سنة على ميلاده، عرفانا بالجميل وترجمة لقيم وصفة الوفاء التي غرسها زايد الخير في نفوس أبناء شعبه، وتأكيدا للدور المشرف الذي قام به في تأسيس وبناء دولة الإمارات، ولأن من حق أبناء هذا الوطن أن يلموا بما قدمه زايد الخير من مبادئ وقيم، وما حققه من إنجازات على الصعيدين المحلي والعالمي، وما بذله من جهد حتى غدت دولة الإمارات العربية المتحدة على ما هي عليه الآن من تقدم ومن تطور في مختلف الميادين.
فالشيخ زايد رحمه الله قد عايش قساوة الصحراء وما عاناه الآباء والأجداد فيها من شظف العيش، وعزم على أن يجنب أبناء شعبه قساوة حياة الماضي، وعندما تفجرت أرض الإمارات بثرواتها النفطية لم يشغل المال بال زايد القائد عن مصالح شعبه، وعن آماله وطموحاته، وإنما عمل على استيعاب تاريخ المنطقة، وما تحتاجه من تطور ونمو، وأطلق شرارة الثروة الزراعية ضاربا بآراء الخبراء الزراعيين الذين أوحوا إليه باستحالة ذلك، وهذه الخطوة كانت لربط الناس والبدو الرحل بأرضهم، وغرس العمل كقيمة سامية في نفوسهم، وما حققه زايد الخير من إنجازات زراعية، هو ما أهله لنيل جائزة الباندا الذهبية العالمية من الصندوق العالمي للحفاظ على الطبيعة؛ فكان أول رئيس دولة يحصل على هذه الجائزة على مستوى العالم.
وشجع زايد رحمه الله أبناء شعبه على العمل مهما يكن، ما دام عملا شريفا، وقال لهم: "لا تكتفوا بالوظائف العليا؛ أريد أن أرى منكم الزارع والصناع والعمال".
وقال: "لقد علمتنا الصحراء أن نصبر طويلا حتى ينبت الخير، وعلينا أن نصبر ونواصل مسيرة البناء حتى يتحقق الخير لوطننا".
وأيقن زايد الخير أنه لا تنمية للقدرة المادية إذا لم تكن هناك ثروة بشرية، وكوادر وطنية مؤهلة قادرة على توظيف هذه الثروة وفق مساراتها الصحيحة.
ولم يعتمد زايد الخير التنمية كهيكل بلا روح؛ فالتنمية لديه ليست في البناء الأسمنتي للمؤسسات التعليمية والمستشفيات والمساكن والجسور فحسب، بل كان الإنسان ركيزته التي اعتبرها أساس كل حضارة، وأثمن ثروة لهذا الوطن، وحتى الثروة النفطية لم تشغل زايد عن رباطه العربي والقومي في حرب أكتوبر المجيدة عندما أعلن قراره التاريخي بوقف النفط عن الغرب قائلا: "المال ليس أغلى من الدم العربي، والنفط ليس أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على جبهة القتال".
وإن اختيار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عام 2018 ليكون "عام زايد" فرصة لتوضح للعالم إحدى الصفات الأساسية التي غرسها زايد الخير لدى أبناء شعبه، ألا وهي صفة الوفاء، وفاء أبناء الإمارات للشخصية الاستثنائية لزايد الخير، ولتعريف أبناء الإمارات بمختلف أجيالهم على ما قدمه هذا القائد الاستثنائي من عطاء وما أنجزه في مسيرة الإمارات، وللحفاظ على هذا الميراث من المكتسبات، والحفاظ على صرح اتحاد دولة الإمارات فاتحاد إماراتنا يُعَد من معجزات زايد السبع التي أمكنه أن ينظمها في عقد دولة الاتحاد.
والاحتفال بعام زايد هو دعوة للتمسك بنهج وقيم زايد النبيلة وترجمتها بسلوكنا تعزيزا لبيتنا الداخلي لنتفانى في الدفاع والذود عن حياض وطن بذل زايد الغالي والرخيص في سبيل رفعته ورفع رايته عاليا بين الأمم.
وكما قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: "فلتكن مئوية زايد مئوية الوطن، ولتعِش الإمارات اليوم حلم زايد الذي تحقق، وكما قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: زايد الخير سيظل نموذجا ملهما للقيادة والتضحية والإخلاص".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة