تزامنا مع "ميونيخ للأمن".. بيع سلاح ألمانيا لأردوغان يحرج حكومة ميركل
نظام أردوغان يستخدم السلاح ضد المدنيين العزل لتنفيذ أهدافه التوسعية، إضافة إلى تزويد الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط به.
مع انعقاد مؤتمر ميونيخ للأمن العالمي، باتت سمعة حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على المحك، بسبب استمرارها في تصدير الأسلحة والآليات العسكرية لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
- شحنات الموت.. تركيا تدمر ليبيا بتهريب السلاح
- منظمات ألمانية وأوروبية تطالب "ميونيخ للأمن" بوقف بيع الأسلحة لتركيا
وقوبل هذا الإصرار من قبل حكومة ميركل بمظاهرات مستمرة من أكثر من 90 اتحاداً ومنظمة وحزبا ألمانيا تطالب بوقف تصدير السلاح الأوروبي، لاسيما الألماني، لنظام أردوغان، الذي يستخدمه ضد المدنيين العزل داخل تركيا وخارجها، لاسيما في الشمال السوري لتنفيذ أهدافه التوسعية، إضافة إلى تزويد الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط به.
وبحسب سياسيين ألمان ومعارضين أتراك ومحللين سياسيين متخصصين في العلاقات التركية- الألمانية، فإنه بجانب هذه المطالبات، تتصاعد الضغوط من جانب الإعلام في برلين، والأحزاب الممثلة في البرلمان الألماني على حكومة ميركل لإيقاف بيع السلاح إلى تركيا.
وأوضح الخبراء أن ألمانيا التي كانت تمد تركيا بأكثر من نصف تسليحها العسكري، خفضت حجم الآليات العسكرية، التي تقدمها لها، وأوقفت 80% من التعاقدات والاتفاقيات الموقعة في هذا الشأن، منذ ربيع العام الماضي، بعد أن اجتاحت أنقرة الشمال السوري، واحتلت مدينة عفرين، معتمدة على الدبابة الألمانية "ليبارد 2" و"ليبارد – أي 2"، لكن المحتجين يطالبون بوقف نهائي لتصدير الأسلحة لنظام أردوغان.
وأشار الخبراء إلى أن الضغوط على الحكومة الألمانية مستمرة بسبب اعتماد النظام التركي على هذه الأسلحة في الحرب ضد الأكراد في الشمال السوري، وسقوط آلاف المدنيين، فضلاً عن غياب الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان، وتصاعد حملات الاعتقالات ضد المعارضين في الداخل التركي، الأمر الذي وجد تعاطفاً من الشعب الألماني، الذي ضغط على حكومته بشتى الطرق، لوقف العلاقات العسكرية.
غضب شعبي وحزبي
أكد عضو الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي الألماني حسين خضر، أن منح الحكومة الألمانية 20 موافقة لشحن قطع غيار لأسلحة، تقدر بـ 4.4 مليون يورو، بعد قرار الوقف في بداية العام الماضي، أحدث غضبا بين الأحزاب الألمانية والشارع مرة أخرى.
وأضاف "خضر"، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "العلاقات التجارية العسكرية بين ألمانيا وتركيا، تقوم على مصالح قوية في الأساس منذ عقود، ولكن في الأعوام الثلاثة الأخيرة أصبحت في أسوأ حالاتها".
وأشار إلى أن "تركيا كانت تشتري أكثر من 60% من آلياتها العسكرية من ألمانيا، وأن النسبة انخفضت الآن ما بين 10 و20%"، موضحا أن "الأزمة الأكبر لدى تركيا في منع تصدير برلين قطع غيار دبابات ليبارد بإصداريها الأخيرين، وذلك كان يتم بحسب اتفاقيات عسكرية تجمدت بشكل كبير".
وأكد "خضر" أن "سوء العلاقات الألمانية- التركية، الذي انعكس على تخفيض إتمام اتفاقيات التسليح العسكري المبرمة، جاء لعدة أسباب، منها كشف ألمانيا عن مخططات أنقرة في التجسس على مؤسسات وطنية عبر مراكز دينية تابعة لتركيا أصبحت خطرا على الدولة".
إضافة إلى "دعم تركيا العناصر الإرهابية في الشمال السوري، وما ترتب على ذلك من تصدير مقاتلين أوروبيين بعد تجنيدهم في ألمانيا إلى سوريا والعراق، والتلاعب بملف اللاجئين الذي تحصل تركياً بناءً عليه على مساعدات سنوية من ألمانيا تصل إلى 3 مليارات يورو، والأهم من ذلك، هو حالة حقوق الإنسان وتضييق الحريات، وفتك نظام أردوغان بمعارضيه من جماعة رجل الدين كولن"، في ظل تعاطف الشارع الألماني مع الشعب التركي حيال هذه الإجراءات".
وقال "خضر"، إن "قطع غيار دبابات ليبارد توقفت نهائياً في يناير 2018 مع احتلال تركيا لعفرين، ولكن هناك إرسال أسلحة بصورة متقطعة، مما يرفضه الشارع والأحزاب والإعلام في ألمانيا، لتصبح سمعة حكومة ميركل في خطر".
أردوغان يُسلم السلاح لداعش والنصرة
قال المعارض التركي جودت كامل إن "الشعوب الأوروبية لديها حساسية تجاه حقوق الإنسان، في الوقت الذي ينتهك فيه أردوغان كل هذه الحقوق في تركيا".
وأضاف أن "ألمانيا والدول الأوروبية ترى أن هناك مئات الآلاف من الأطباء والمعلمين في السجون بدون محاكمات عادلة، بعد أن اخترع أردوغان في تركيا فيلم الانقلاب للسيطرة على السلطة".
ويؤكد "جودت"، أن جزءاً كبيراً من الأحزاب والإعلام في ألمانيا يضغط في هذه الأثناء، مستغلا مؤتمر "ميونيخ"، لوقف أي تصدير لصفقات تسليحية إلى تركيا، حتى بعد أن أصبحت النسبة الحالية ضئيلة، مقارنة بالعقود التي تم إبرامها في السنوات الماضية.
وأشار إلى أنه "تم الكشف عن استخدام السلاح الألماني في دعم الإرهاب، حيث أعطاه أردوغان لجماعات إرهابية، مثل داعش والنصرة في سوريا، الأمر الذي سبب حرجا كبيرا للحكومة الألمانية".
وتابع: "الأسلحة الألمانية لها أرقام مسلسلة، مسجلة لدى الحكومة التركية، وعندما حدث اقتحام عفرين، ضبطت أسلحة ألمانية مسجلة بأرقامها، ووقتئذ خرجت الأرقام المسجلة بالسجلات في أنقرة لتثبت أن أردوغان يُعطي السلاح الألماني للجماعات الإرهابية، ووقتها تمت محاكمة الموظفين المسؤولين في أنقرة عن تسريب هذه السجلات".
توقعات بإجراءات حاسمة ضد ميركل
من جانبه، قال الباحث الكردي في ميونيخ إبراهيم كابان، إن "الدبابة ليبارد، التي كانت تبيعها ألمانيا إلى تركيا التي استخدمتها الأخيرة في احتلال عفرين، بداية العام الماضي، تحاصر الآن مدناً سورية في الشمال، وقُصف بها آلاف المدنيين".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "الأسلحة والآليات التي تشتريها تركيا من دول أوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، وصلت ليد جبهة النصرة وداعش في إدلب".
وتابع: "عند انكشاف الأمر خرجت حملة إعلامية ضد الحكومة الألمانية في العام الماضي، وحصار من جانب الأحزاب، لبيع الحكومة أسلحة لتركيا، وصلت إلى يد الإرهابيين، وقُتل بها المدنيون في سوريا، وهنا تم وقف بيع قطع الغيار الألمانية، وتجميد عدد كبير من الاتفاقيات مع نظام أردوغان".
وأوضح أن "تركيا التفت عبر بعض شركات السلاح الألمانية، على القرار الرسمي بوقف تصدير قطع الغيار إليها، إلا أن هناك جزءاً من التسليح التركي".
وأوضح "كابان"، أن "هناك هجوماً من البرلمان والإعلام الألمانيين من جهة على حكومة ميركل، بسبب استمرار بيع أسلحة ألمانية إلى تركيا".
وأكد أنه "في الوقت الحالي، باتت الأجواء في ألمانيا، تتجه نحو اتخاذ إجراءات حاسمة، بوقف بيع هذه الأسلحة والمعدات إلى تركيا نهائياً، بعد أن بات يعلم الجميع في أوروبا أن الأسلحة، التي يشتريها
أردوغان من ألمانيا، تصل إلى يد الجماعات الإرهابية في إدلب ومناطق الاحتلال التركي غرب نهر الفرات".