جوسيبي مياتزا.. أسطورة إيطاليا الخالدة بين الحقائق والأكاذيب
يعد جوسيبي مياتزا واحدا من أشهر أساطير كرة القدم الإيطالية، وأحد القلائل الذين لعبوا للثلاثي الكبير، ميلان وإنتر ويوفنتوس.
امتلك مياتزا مهارات مذهلة، وقدرة رائعة على تسجيل الأهداف بغزارة، حتى إن الصحافة الإيطالية أطلقت عليه لقب "il genio" أو "العبقري"، كما صنفه عدد كبير من النقاد كأفضل لاعب كرة قدم في العالم في النصف الأول من القرن الماضي.
وفي عام 1980، تقرر إطلاق اسم جوسيبي مياتزا على ملعب "سان سيرو" في مدينة "ميلانو"، مسقط رأسه، وهو الملعب الذي يحتضن مباريات فريقي ميلان وإنتر، الذي يعد مياتزا أحد أساطيرهما.
شغف مبكر
وُلد مياتزا في مدينة ميلانو، وتوفي والده عام 1917 أثناء قتاله في الحرب العالمية الأولى، وكان حينها في السابعة من عمره، لينشأ في ظروف صعبة مع والدته، وكان يساعدها في بيع الفاكهة والخضراوات في السوق.
امتلك جوسيبي شغفا مبكرا بكرة القدم، وكان يمارس اللعبة في الشوارع وهو حافي القدمين بكرة مصنوعة من الأقمشة البالية مع فريق اسمه "مايستري كامبيونيزي"، وعندما بلغ 12 عاما، حصل على الإذن من والدته للعب بشكل احترافي، وانضم إلى نادي جلوريا إف سي، وبعدها حصل لأول مرة على حذاء كرة قدم، كهدية من أحد المشجعين.
عندما بلغ جوسيبي مياتزا عامه الـ14، نال إعجاب مسؤولي ميلان، لكن النادي قرر في النهاية عدم التوقيع معه بسبب بنيته الضئيلة، لينضم إلى القطب الآخر للمدينة، إنترناسيونالي، وأُطلق عليه "إيل باليلا" أو "الصبي الصغير".
انضم مياتزا إلى فريق إنتر الأول عام 1927، وكان عمره 17 عاما فقط، وسجل ثنائية في أول ظهور رسمي له، وسرعان ما حصل على إشادة الصحف والجمهور، واستمر توهجه حتى ثبت أقدامه بسرعة مع الفريق، وأصبح أحد أعمدته الأساسية.
وفي بداية مسيرته الاحترافية اعتمد المدربون على مياتزا في مركز الظهير، لكن حاسته التهديفية كان لها دور في تحوله سريعا ليلعب في مركز المهاجم، وقضى فترات طويلة في مسيرته كجناح أيسر، وتميز بقدرته على التسديد والمراوغة، فضلا عن إجادة ألعاب الهواء والتسجيل من الرأسيات.
أسطورة خالدة
استمر مياتزا مع إنتر لمدة 13 موسما، لكنه عانى من لعنة الإصابات في نهاية الثلاثينات، مما أثر سلبا على مشاركته كأساسي، لينضم إلى ميلان في عام 1940، واستمر معه عامين، ثم انتقل للعب بصفوف يوفنتوس بين عامي 1942 و1943.
بعد ذلك خاض مياتزا تجربتين قصيرتين مع فريقي فاريزي وأتالانتا بين عامي 1944 و1946، ثم عاد إلى إنتر ميلان كلاعب ومدرب، وانتهى مشواره كلاعب في عام 1947، ثم استمر عاما إضافيا كمدرب للفريق اللومباردي، وساعده على تجنب الهبوط في ذلك الوقت.
وعلى المستوى الدولي انضم مياتزا إلى منتخب إيطاليا عام 1930، وحقق معه لقب كأس العالم عامي 1934 و1938، وشارك في 53 مباراة سجل خلالها 33 هدفا حتى اعتزاله الدولي عام 1939.
مسيرة مياتزا كمدرب لم تشهد نجاحا كبيرا مثل مسيرته كلاعب، وخاض عدة تجارب داخل إيطاليا وخارجها حتى اعتزاله التدريب في منتصف الخمسينات من القرن الماضي.
وخلال مسيرته مع الأندية، شارك مياتزا، الذي رحل عام 1979، في 511 مباراة، سجل خلالها 313 هدفا، وحقق 4 ألقاب، جميعها مع إنتر ميلان.
قصة خيالية
مثل أغلب عباقرة كرة القدم، عُرف عن جوسيبي مياتزا عدم التزامه وميله للسهر حتى وقت متأخر، وهو، لحسن حظه، الأمر الذي لم يؤثر كثيرا على مسيرته الكروية.
تألق مياتزا رغم نمط حياته الذي لا يساعد على النجاح كان سببا في ظهور عدة قصص أسطورية، منها القصة الأشهر عن استيقاظه متأخرا، وجلوسه على المقهى لبعض الوقت مع أحد أصدقائه، ثم وصوله إلى الملعب في الشوط الثاني، ليسجل بعدها هاتريك.
رغم شيوع القصة وتداولها منذ سنوات عديدة، إلا أنها ملفقة ولا أساس لها من الصحة، ولا يزال مصدرها مجهولا إلى الآن، فصحيح أن مياتزا كان متألقا رغم استهتاره، لكن ليس لهذه الدرجة.
القصة الأقرب لما يتم تداوله رواها مياتزا بنفسه في لقاء تليفزيوني بعد اعتزاله، وقال إنه حين كان لاعبا في صفوف إنتر ميلان، وصل إلى الملعب متأخرا، قبل 5 دقائق فقط من انطلاق المباراة، حيث كان اللاعبون وقتها يصلون إلى الملعب بمعرفتهم، وليس في حافلة الفريق كما هو الحال الآن.
مياتزا أشار إلى أنه سمع بعض المسؤولين في النادي يتحدثون عن عقابه لعدم التزامه، لذا بذل كل ما لديه في المباراة تجنبا للعقاب، وبالفعل تمكن من تسجيل هاتريك، لكن بعد المشاركة في اللقاء كاملا وليس في الشوط الثاني كما تقول القصة الأسطورية.
الجدير بالذكر أن الأسطورة الإيطالية كرر الفعل نفسه لاحقا، وتوجه بعض مسؤولي النادي إلى منزله لإيقاظه قبل لقاء هام ضد يوفنتوس، وبالفعل وصل قبل دقائق قليلة من انطلاق المباراة، وسجل ثنائية.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ni41IA==
جزيرة ام اند امز