تجديد المفاعلات القديمة.. مستقبل الطاقة النووية
قد يكون اللجوء لتجديد محطات الطاقة النووية القديمة، مستقبلاً محتملاً للطاقة النووية، بمزيد من الاعتماد على هذه المحطات.
ومن ضمن النماذج المحتملة، محطة تورنيس للطاقة النووية على الساحل الجنوبي الشرقي لاسكتلندا، التي تظهر عليها علامات التقدم الزمني.
وخلال السنوات القليلة الماضية، بدأت الشقوق تظهر في الطوب الجرافيتي الذي يغلف قضبان الوقود المملوءة باليورانيوم، لهذه المحطة.
ولإن الطوب صعب الاستبدال، لذا يقوم المهندسون بشكل روتيني بإنزال كاميرات مجهرية داخل المفاعل لمراقبة التآكل والتلف الناتج عن الإشعاع.
وإذا بدأت الشقوق في تعريض قدرة المفاعل على الإغلاق بأمان أثناء زلزال شديد أو كارثة أخرى، فلن يتمكن من البقاء مفتوحًا.
وحتى الآن، كل شيء على ما يرام في هذه المحطة، وتعتزم شركة الطاقة الفرنسية EDF المالكة للمحطة إبقاء المحطة قيد التشغيل حتى عام 2030 على الأقل، بعد 42 عامًا من افتتاحها في عام 1988.
ويعرب مدير المحطة بول فورست عن ثقته في ذلك، ويقول "إذا بدأ فحص الجرافيت في مفاجأتنا، فسوف نغير مسارنا".
وهذه الجهود لتشغيل محطة الطاقة النووية الاسكتلندية القديمة، تشكل جزءاً من مسعى عالمي عاجل لزيادة سنوات إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة النووية القديمة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة المنخفضة الكربون مع محاولة البلدان الابتعاد عن الوقود الأحفوري.
وتم بناء معظم محطات الطاقة النووية العاملة في العالم، والتي يبلغ عددها نحو 400، في السبعينيات والتسعينيات، وهي الآن تقترب من نهاية عمرها المتوقع أو فترات الترخيص الأصلية.
ومع ذلك، فإن الطاقة التي توفرها مطلوبة بشدة، وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على الكهرباء قد يتضاعف بأكثر من الضعف بحلول عام 2050.
وإلى جانب ذلك، فإن الحاجة إلى تزويد مراكز البيانات المتعطشة للطاقة المملوكة لشركات التكنولوجيا بالوقود تخلق جاذبية فورية في العديد من المناطق.
في حين يثبت بناء مفاعلات جديدة في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية في الدول الغربية حجم السباق، فإن تمديد عمر محطات الطاقة إلى ما بعد تراخيصها النموذجية التي تبلغ 40 عامًا يمكن تحقيقه بسرعة أكبر وبجزء بسيط من التكلفة.
ويقول جون بارسونز، من مركز أبحاث الطاقة والسياسة البيئية التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "نحن في حاجة إلى الطاقة ــ والناس يبحثون عن أماكن حيث يمكنهم الحصول عليها، وإطالة عمر المحطات النووية القديمة ضمن الأولويات لتحقيق ذلك سريعا".
وفي الولايات المتحدة، تقدمت جميع المفاعلات التي يبلغ عمرها 30 عامًا أو أكثر بطلب للحصول على ترخيص إضافي لمدة 20 عامًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، بدعم من المساعدة المالية بموجب قانون خفض التضخم للرئيس السابق جو بايدن.
وأنشأت إدارته صندوق ائتمان نووي مدني بقيمة 6 مليارات دولار، والذي منح 1.1 مليار دولار من الأموال لمساعدة محطة الطاقة النووية ديابلو كانيون في كاليفورنيا على البقاء مفتوحة بعد عام 2025.
ويقول لوكا أورياني، رئيس العمليات طويلة الأجل في شركة التكنولوجيا والخدمات النووية ويستنغهاوس، التي زودت اثنين من المفاعلات في ديابلو كانيون: "نحن نشهد مستوى مرتفعًا جدًا من الاهتمام".
وفي الوقت نفسه، تبحث بعض المرافق في المهمة الأكثر تعقيدًا المتمثلة في إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية المغلقة مؤخرًا.
وتم إغلاق حوالي 217 مفاعلًا منذ عام 1963، بسبب العمر أو الحوادث أو المعارضة السياسية أو المنافسة من محطات الطاقة التي تعمل بالغاز وسط طفرة التكسير الهيدروليكي في الولايات المتحدة.
ومن بين هذه المفاعلات مفاعل ثري مايل آيلاند في بنسلفانيا، والذي اشتهر بالانهيار الجزئي الذي حدث عام 1979 والذي ساهم في تراجع الحماس للطاقة النووية، والذي أغلق آخر مفاعلاته في عام 2019.
والآن، تخطط شركة المرافق الأمريكية Constellation Energy لإعادة فتح الموقع في عام 2028، بعد إبرام صفقة إمداد بالطاقة لمدة 20 عامًا مع شركة Microsoft.
ومن المتوقع أن تدفع شركة التكنولوجيا العملاقة ما يقدر بنحو 110 إلى 115 دولارًا لكل ميغاواط في الساعة - وهو ما يقرب من ضعف سعر صفقات الطاقة القياسية في المنطقة - مقابل الطاقة من مركز Crane Clean Energy Center الذي أعيدت تسميته.
لكن ليس الجميع مقتنعين بإحياء محطات الطاقة النووية القديمة.
ويقول بول دورفمان، الباحث في معهد بينيت للابتكار وتسريع السياسات في جامعة ساسكس، وهو منتقد صريح للطاقة النووية: "السؤال الأول هو، هل تحتاج إليها حقا؟ هل سيتحقق الطلب على الطاقة؟ وإذا كنت بحاجة إلى ذلك، فهل هذه هي الطريقة الصحيحة؟".
ودورفمان هو جزء من مجموعة تقييم المخاطر النووية الدولية، التي حذرت في السابق من مخاطر تشغيل محطات الطاقة القديمة.
ويضيف: "إن هذا النوع من المفاعلات التي يتم تمديدها لن يتم بناؤها اليوم، أنت تحاول إعادة تشغيل سيارة كابريس أو فورد قديمة، بينما ما تحتاجه هو سيارة كهربائية".
