نودع عام 2022 ونحن نعيش تداعيات حرب روسيا-أوكرانيا، التي لحقت بتراكمات اقتصادية نجمت عن كوفيد-19، ما يجعل عام 2023 يتجه استراتيجيا لمعالجة تأثيرات مراحل ما بعد "كوفيد وأوكرانيا".
يأتي هذا في ظل حاجة نحو 340 مليون إنسان في الكوكب إلى المساعدات، بحسب "لجنة الإغاثة الدولية".
من المتوقع أن يمر العالم بعدة تحديات سياسية واقتصادية في 2023، بناء على معطيات 2022، أبرزها استمرار الحرب في أوكرانيا، والتي ترتبت عليها أزمة في الطاقة العالمية، وأثرت بشكل كبير في إمدادات الغذاء، وعليه، ارتفعت تكلفة المعيشة في العديد من الدول، ما كلفها عدم الاستقرار السياسي.
لقد دخلت حالة الجمود بين روسيا وأوكرانيا شهرها العاشر، وتستمر التقارير، التي تتحدث عن استعداد روسيا لشن عملية عسكرية على "كييف" في الشتاء، واستئناف أوكرانيا الهجوم المضاد، ما يعكس تضاؤل فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
بناء على هذا، فلن يحقق أي من الطرفين مكاسب تضعه في موقف تفاوضي أقوى، ما يعني استمرار أزمة الطاقة، والارتفاع المستمر في أسعار الغاز، خصوصًا في شتاء 2023-2024.
ولو علمنا أن أوروبا تمكنت من دخول شتاء 2022 بإجراءات استباقية، ونسبة تخزين وقود عالية، فقد يدفعها شتاء العام المقبل -مع الظروف الاقتصادية الهشة- إلى تقليص دعمها لأوكرانيا.
من ناحية أخرى، أسهمت جائحة كورونا وأزمة أوكرانيا في تعجيل الركود الاقتصادي العالمي، ما دفع العديد من الدول لرفع أسعار الفائدة لإيقاف التضخم، خوفا من تفاقم الأوضاع في 2023، في ظل تبلور نظام دولي جديد تتعدد به القوى الصاعدة، مثل حلفاء أمريكا في الغرب، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وحلفاؤها في الشرق، اليابان وكوريا الجنوبية والهند، وأضيف إليهم البرازيل.
من ناحية أخرى، أتوقع استمرار التنافس على الاستثمار في أفريقيا بين الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا، ما يفسر اتجاه واشنطن مؤخرا لعقد القمة الأفريقية-الأمريكية.
كذلك ستستمر المواجهة بين الصين والولايات المتحدة على الصعيد السياسي والاقتصادي، ما يعني بداية "حرب باردة" بين القطب التقليدي في واشنطن والقطب الصاعد في بكين، وصراعات بالوكالة بين القوتين العظميين في مختلف مناطق العالم، خصوصا مع تنامي دور الصين خارجيا، ومبادرتها العالمية "الحزام والطريق"، في ظل استمرار الرئيس "شي جين بينج" في السلطة، ما سيجعل أمريكا في وضعية دفاعية لاحتواء التنامي الصيني، عبر تحالفاتها في "الناتو" ومجموعة السبع ودول آسيا.
ستظل التحديات المُناخية في سلم أولويات قادة الدول في 2023، وسيكون لدولة الإمارات دور كبير في قيادة الجهود العالمية عندما تستضيف أعمال مؤتمر COP28 العام المقبل، في ظل أوضاع دولية معقدة، وتصاعد للأزمات الاقتصادية، ما أثر بشكل سلبي في إدارة ملف تغيرات المُناخ، بسبب اختلاف الأولويات ما بين الغرب، المتمثل في الولايات المتحدة وأوروبا، ومن جانب آخر اقتصادات دول مثل الصين، ما قد يبدد جهود مفاوضات المناخ الدولية.
سيشكل ملف المفاوضات النووية مع إيران تحديا كبيرا لمنطقة الشرق الأوسط، لما يشكله من تأثيرات مباشرة في ملفات سوريا ولبنان والعراق واليمن، وقد لا يؤدي استئناف المباحثات بين الغرب وإيران إلى نتيجة، في ظل تسارع البرنامج النووي الإيراني، وصعود حزب الليكود بقيادة "بنيامين نتنياهو" إلى السلطة في إسرائيل، ما قد يزيد فرص التصعيد بشكل غير مباشر على أقل تقدير، بحيث من الممكن أن تستخدم إسرائيل سلاح الهجمات الإلكترونية لإضعاف تقدم إيران النووي.
ستواصل دولة الإمارات دورها الفاعل في السياسة العالمية، وذلك لمكانتها الدولية الكبيرة، التي حققتها بسبب حكمة القيادة السياسية والتنمية الاقتصادية المستدامة، ما جعلها تبرز كدولة محورية مؤثرة في الملفات الدولية والإقليمية، كما أصبحت شريكا موثوقا للقوى الكبرى في الشرق والغرب.
وقد برز الدور الإماراتي بشكل واضح خلال جائحة كورونا، من خلال دعم جهود مواجهة الوباء عالميا، بالإضافة إلى موقفها بشأن أزمة أوكرانية، وجهود الوساطة لوقف هذا النزاع، كذلك دورها في مجلس الأمن الدولي، والذي سيخدم الإقليم والعالم في مواجهة التحديات، وسيسهم في تعزيز السلام والتنمية والاستقرار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة