مزيج الطاقة العالمي.. صورة بانورامية بين الشرق والغرب
وفق أرقام منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، فإن النفط الخام والغاز الطبيعي، يشكلان معا، أكثر من 53% من مزيج الطاقة العالمي..
تواجه قمة مجموعة السبع في مدينة هيروشيما اليابانية اليوم، محادثات عاصفة بشأن انتقال الطاقة على مستوى العالم، وسط وجود خطة يابانية، تراها الدول الغربية مثيرة للجدل، لكنها أكثر واقعية للتطبيق بحكم خصوصية كل بلد.
وبينما يطالب معظم أعضاء مجموعة السبع بضرورة تنفيذ تحول جذري في الطاقة على حساب مصادر الطاقة التقليدية، ترى اليابان، أن آسيا على وجه الخصوص لديها أولويات أخرى بعيدا عن التحول الأخضر، خاصة وأن الطاقة الحالية تمثل مصدر آمنا لإمداداتها، وتحقيق أهداف النمو.
بينما يرى أعضاء في مجموعة السبع بأوروبا والولايات المتحدة، أن العالم مطالب بتنفيذ تحول فوري في مجال الطاقة، دون الأخذ بعين الاعتبار أولويات الانتقال لكل منطقة.
في الجانب الآخر، ما تزال تصريحات أمين عام ومنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" هيثم الغيص، بشأن تحذيراته بضرورة تحقيق انتقال مرن للطاقة وتدريجي، تحظى باهتمام صنع القرار في مجال الطاقة عالميا.
يأتي ذلك، بعد أن بدت وكالة الطاقة الدولية متطرفة بشأن ضرورة تحول الطاقة، وضخ استثمارات أكثر في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة على حساب مصادر الطاقة التقليدية.
لكن، وفق أرقام منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، فإن النفط الخام والغاز الطبيعي، يشكلان معا، أكثر من 53% من مزيج الطاقة العالمي والنسبة المتبقية تتوزع بين الفحم والطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة.
نماذج عالمية
في اليابان على سبيل المثال، ترى الحكومة أن الواقعية في انتقال الطاقة هي الهدف الأكبر، بينما تمارس دول غربية ومؤسسات تنشط في قطاع الطاقة، دورا مغايرا لتحقيق هدف آخر يتمثل في الانفكاك الكامل عن مصادر الطاقة التقليدية.
اليابان، التي تعتبر اليوم رابع أكبر مستورد للنفط الخام عالميا، بمتوسط 2.7 مليون برميل يوميا، تأمل في أن تجتمع الدول الآسيوية معا لمعالجة أهداف المناخ دون التضحية بالنمو الاقتصادي.
في مارس/آذار الماضي، قال رئيس الوزراء فوميو كيشيدا إن دول آسيا بحاجة إلى أكبر عدد ممكن من الخيارات بشأن الطاقة من أجل، مشيرا إلى أهمية وجود خيارات واقعية تتبناها دول آسيا بسبب نموذجها المتبع في الحصول على الطاقة.
يقصد رئيس الوزراء الياباني، أن انتقال الطاقة والوصول إلى الحياد المناخي، هو هدف أسمى، لكن واقعية الانتقال تبقي على أهداف نمو اقتصادات آسيا للعقدين أو الثلاثة القادمة.
تريد اليابان، أن تتبنى دول آسيا، مزيجا من الطاقة، يتألف من مصادر الطاقة التقليدية، إلى جانب بناء تدريجي متزامن في استثمارات مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، للوصول إلى أهداف المناخ بحلول 2050 و 2060.
وتدفع اليابان باتجاه نهج "واقعي" للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، بالنظر إلى أن ظروف آسيا تتطلب سرعة مختلفة في تحول الطاقة، بالنظر إلى طبيعة المجتمعات الآسيوية الفتية، وأولويات الإنفاق خاصة بالنسبة للمجتمعات النامية.
دول آسيا اليوم، هي في مرحلة بناء وتحتاج فترة قد تمتد لأكثر من عقدين للازدهار، ما يعني أن الحاجة إلى الطاقة من مختلف مصادرها يعتبر أولوية، وليس ضخ استثمارات للتحول الأخضر على حساب الاستثمارات الأخرى.
نموذج غربي
دول أوروبا تسير وفق مخططات يرسمها كبار القارة، مثل ألمانيا وفرنسا، تتمثل بضرورة تحويل غالبية استثمارات الطاقة إلى المصادر الجديدة والمتجددة، على حساب استثمارات الطاقة التقليدية.
أوروبا أيضا، التي تواجه اليوم شيخوخة غير مسبوقة كنسبة من إجمالي السكان، تبحث عن تحول الطاقة، لعدم وجود أي عمالة تشغّل مرافق الطاقة التقليدية، ولأسباب أخرى صحية.
لكن أكبر اقتصاد أوروبي -ألمانيا- والذي طالما طالب بضرورة تبني خيارات الطاقة المتجددة، تراجع إلى الخلف عند أول مفترق، تمثل بإعادة تشغيل محطات توليد الطاقة بالفحم، بعد أن واجه أزمة نقص إمدادات الغاز.
الأزمة التي واجهتها أوروبا العام الماضي، بشأن إمدادات الطاقة، تعزز حجة اليابان بضرورة البناء الواقعي لإحداث انتقال في مزيج الطاقة، وليس التحول المفاجئ.
لكن الأخطر من كل ما سبق، أن المعسكر الغربي بدأ ينفذ استثمارات أقل في مصادر الطاقة التقليدية، وهو ما ينذر بأزمة إمدادات عالمية، عند أية مفاجآت جيوسياسية أو اقتصادية غير محسوبة.
اليوم يبلغ متوسط الطلب اليومي على النفط الخام، 101 مليون برميل يوميا، بينما بدأت دول منتجة في خارج أوبك تخفض استثماراتها في مصادر الطاقة التقليدية، ما يعني إنتاج براميل لا تلبي الطلب العالمي.
aXA6IDMuMTQ5LjI0Ny4yNDMg جزيرة ام اند امز