شبح السقوط.. حكومة المشيشي بين غضب الشارع وابتزاز الإخوان
يصفها متابعون بحكومة "السير على حبل مشدود"، ويطوقها ابتزاز الإخوان وغضب الشارع، ما يجعلها محاصرة باستمرار بشبح السقوط.
مصادر برلمانية مطلعة، كشفت لـ"العين الإخبارية" أن التحالف البرلماني المتكون من "قلب تونس" (30 نائبا من أصل 217)، و"النهضة" (54) وائتلاف الكرامة (19) طلب بشكل رسمي، من رئيس الحكومة هشام المشيشي إدخال تعديلات على حكومته قبل نهاية 2020.
وأوضحت المصادر أن الثلاثي المتحالف اشترط تغيير وزراء الداخلية توفيق شرف الدين، والعدل محمد بوستة، واستبعاد عدد من المستشارين المقربين من المشيشي، ووزير الاقتصاد علي الكعلي، من أجل مواصلة دعم الحكومة برلمانيًا.
ولا يخفي الثلاثي البرلماني، في تصريحات إعلامية سابقة لأعضائه، رغبته في استبعاد الوزراء المحسوبين على الرئيس قيس سعيد، مستغلا في ذلك انفجار الأوضاع الاجتماعية أمام حكومة المشيشي لابتزازه والضغط عليه، وفق متابعين.
في المقابل، يعتبر أكثر من ملاحظ في تونس أن الحكومة تبدو ضعيفة وعاجزة عن مسايرة نسق الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات المندلعة في أكثر من محافظة.
ومن أبرز أوجه الأزمة الاجتماعية، تواصل اعتصام أهالي محافظة قابس (جنوب) أمام محطة إنتاج الغاز المنزلي، مما تسبب في شلل تام للمجمع الكيميائي التونسي، واقتحام أهالي محافظة قفصة (جنوب) لمقرات إدارية، وإغلاق محطة إنتاج النفط بمحافظة القصرين (غرب) .
أزمة أكدها وزير المالية التونسي علي الكعلي، خلال جلسة برلمانية، بالقول إن تونس ستنهي 2020 بعجز في الموازنة بنسبة 11.4%، وهو رقم قياسي.
ولفت الوزير إلى أن الوضع الاقتصادي في تونس يمر بفترة حرجة، بعد أن تراجعت مداخيل الدولة بنحو 8 مليارات دينار (3 مليارات دولار).
الإخوان وتجارة الأزمة
بالرغم من مسؤوليتهم المباشرة عن تواتر الأزمات في تونس منذ سنة 2011، فإن إخوان تونس وعلى رأسهم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان، يواصلون ابتزاز الحكومات من أجل انتزاع الغنائم.
ويعمل الغنوشي على إسناد مناصب هامة في الدولة للمقربين منه، من أجل توسيع دائرة نفوذه على حساب الأزمات.
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يعتمد فيها شيخ إخوان تونس أسلوبه المعتاد في ابتزاز الدولة، حيث فضح هذه الممارسات الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف إبان انتخابات 2019.
وحينها، قال الجملي في مقابلة متلفزة، إن الغنوشي قام بابتزازه بشكل لاوطني في شهر يناير/كانون الثاني 2الماضي، مؤكدًا بأن الإخواني يشكل "ضررا على التونسيين" .
نفس الأسلوب الإخواني يواجهه هشام المشيشي، حيث تقول الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة، إن الغنوشي استغل الحصار الذي يعيشه رئيس الحكومة من قبل المحتجين، من أجل ابتزازه وانتزاع منافع لأنصاره مقابل دعمه برلمانيًا.
وأكدت بن قمرة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن قدرة المشيشي على الاستمرار أصبحت ضعيفة، خاصة وأنه لا يملك الحلول لإطفاء الحرائق الاجتماعية، وفي ظل خواء خزينة الدولة ورفض البنك المركزي التونسي تمويل الموازنة العامة.
وسبق أن رفض المركزي التونسي ضخ سيولة مالية في الميزانية العامة للدولة، خوفا من ارتفاع نسبة التضخم التي قاربت 6%، حسب ما أكده محافظ البنك مروان العباسي.
وبحسب بن قمرة، فإن "تونس مفتوحة على جميع السيناريوهات في ظل هذه الأزمة المتعددة الأبعاد اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، وحكومة هشام المشيشي أول ضحاياها" .
ووصفت الحكومة بـ"الفريق العاجز عن الصمود أمام العواصف" .