المسرح اليوناني الأقدم في العالم.. فن عمره 700 عام قبل الميلاد
نما المسرح اليوناني القديم من خلال الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في أثينا تقديسا للإلهة ديونوسوس ومع الوقت امتد للدول المجاورة.
عرفت اليونان التقدم والازدهار في مختلف مجالات العلوم والفنون قبل مئات السنين، بل إن بعضها كانت هي أول من وضعت أسسه، ومن بينها فن المسرح الذي لمع في سماء أثينا منذ عام 700 قبل الميلاد، ليصبح نواة تؤسس للمسرح العالمي فيما بعد.
نما المسرح اليوناني القديم من خلال الاحتفالات الدينية التي كانت تقام في أثينا تقديسا للإلهة ديونوسوس، ولم تكن العروض تقدم بشكل دائم بل في إطار الاحتفالات الدينية فقط، باعتبار العرض المسرحي جزءا من احتفال رسمي مقدس، ومع الوقت امتدت تلك المهرجانات للدول المجاورة وكونت ثقافة إقليمية مشتركة، لذا يعد المسرح اليوناني أصل المسرح الغربي.
وبمرور الأيام تطور المسرح التقليدي وتنوعت أشكاله بين التراجيديا والكوميديا، وتزامن ذلك مع تطور رواية القصص الشفوية في اليونان, ويعد القرن الخامس قبل الميلاد أهم فترة للمسرح الإغريقي واليوناني، إذ كانت العروض تقدم على مسرح ديونيسيوس الذي يتسع لأكثر من 14 ألف متفرج.
تطور المسرح
بعد تدمير الإمبراطورية الفارسية, لأثينا في عام 480 قبل الميلاد، أعيد بناء المدينة وأصبح المسرح فنا رسميا وحظي باهتمام أكبر من ذي قبل فيما عرف بـ"العصر الذهبي للدراما اليونانية"، واعتمد أي عرض آنذاك على 3 ممثلين على المسرح فقط، واعتبرت التراجيديا والكوميديا نوعين مختلفين تماما ولم تدمج أي من العروض جوانب من الاثنين.
المأساة اليونانية التي جسدتها المسرحية الأولى في التاريخ كانت مستلهمة من الأساطير القديمة، وهي عبارة عن خليط من الشاعرية والجدية والنزعة الفلسفية، وتحكي قصة البطل الذي يخوض صراعا مع القوى العدوانية دفاعا عن خياراته الأخلاقية لكن دائماً كانت تنتهي العروض بشكل مأساوي، سواء بهزيمة البطل أو موته.
وبنيت المسارح على مساحات شاسعة في الهواء الطلق، وغالبا كانت تقام عند سفح التلال، بهدف استيعاب عدد كبير من الجمهور يصل إلى 14000 مشاهد، وتميز بتوظيف العديد من العناصر ذات المناظر الخلابة، وفي عام 465 قبل الميلاد بدأ الكتاب استخدام خلفية أو جدار معلق خلف الأوركسترا، وكانت بمثابة منطقة يمكن للممثلين تغيير ملابسهم فيها.
ومن المعروف عن المسرح اليوناني أنه لم يقتصر على الرجال فقط، ورغم أنه أتاح المشاركة للمواطنين الأحرار فقط (لا يوجد عبيد)، فإن النساء كن يحتفظن بالصفوف الخلفية للمقاعد.
رواد الفن
هناك عدد من الكُتاب الذين عاشوا في اليونان القديمة وتألقوا بمؤالفاتهم المسرحية خاصة في بداية نشأة هذا الفن، منهم:
أسخيلوس: كاتب مسرحي يوناني، ويعتبر "أبوالمسرح التراجيدي اليوناني"، ومن المعروف عنه أنه لم يكن منشغلا بتوافه الأمور ولا راغباً في توفير التسلية للجمهور، بل كان لديه من الأفكار والتجارب ما يريد نشره وإشراك الناس فيه، فكانت مسرحياته بعيدة المدى عظيمة التأثير.
سوفوكليس: ربما كان الكاتب المسرحي الأشهر لدى الحضارة اليونانية القديمة؛ إذ ظفر بالعديد من مسابقات الكتابة، فضلًا عن كتابته ما يقرُب من 100 مسرحية، واتسمت أعماله بالعمق في التفكير والثراء في التعبير والحنكة في صناعة التوتر المسرحي وإثارة التهكم الدرامي.
ويرى كثيرون أن مؤلفه "أوديب ملكاً" هي أكمل مسرحية كتبت على إطلاق المسرح منذ نشأته حتى الآن، وامتدحها أرسطو "Aristotle", خاصة حبكتها المشتبكة، وأحداثها المنسوجة بترابط، فضلا عن وضوح الدوافع.
يوربيدس: آخر كُتاب التراجيديا المسرحية العظماء في اليونان القديمة، وتميزت أعماله باستخدام الشخصيات النسائية القوية والعبيد الأذكياء، وعكست مسرحياته بوضوح الظروف المأساوية التي أحاطت به، ووصلنا من مسرحه 18 عملا أشهرها: "إلكترا"، "ميديا"، "النساء الطرواديات"، "هيبوليتس"، "أفيجينيا في أوليس".
أريستوفان: مؤلف مسرحي تخصص في كتابة الكوميديا، ويعد "أبو الكوميديا" في اليونان القديمة.