نقص المهارات وتدني الأجور.. تحديات رئيسية تهدد التحول الأخضر
في الوقت الذي ينشد فيه العالم تسريع وتيرة التحول الأخضر، تطفو تحديات تعوق ذلك المسار، لعل أبرزها يتمثل في نقص المهارات والأجور.
كان من المقرر أن تتحول المياه في بحر الشمال قريبًا إلى مقر لأكبر محطة للطاقة الخضراء في العالم، وذلك بحسب خطة تضمنها إعلان نوايا أصدرته تسع دول مجاورة في مدينة أوستند ببلجيكا في أبريل/نيسان. ويستهدف إعلان أوستند مضاعفة طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2050، مما يعزز إنتاج الهيدروجين الأخضر مع الكابلات المتصلة الجديدة التي تتنقل بين المملكة المتحدة وأوروبا.
لكن أكثر من 100 شركة في أوروبا حذرت من أنها ليست لديها القدرة على الوفاء بهذه الالتزامات، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز".
وقالت شركة ويند أوروبا إن أحد أكبر العوائق هو الافتقار إلى العمال ذوي المهارة وأن "الاستثمارات وحدها لا تصنع المعدات ولا تبحر بالمراكب ولا تشغل مزارع الرياح لذلك قبل كل شيء ، يجب على الحكومات الوطنية بناء قاعدة المهارات اللازمة".
وسلط تقرير "فايننشال تايمز" الضوء على أحد أكبر التهديدات التي تواجه التحول الأخضر، حيث إن المخاوف من فقدان الوظائف تجعل الحكومات أكثر ترددا في نقل العمال من الصناعات القديمة كما يتضح من معارضة ألمانيا للحظر التام على بيع السيارات ذات محركات ذات الاحتراق الداخلي اعتبارًا من عام 2035.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي النقص الحاد في المهارات والعمالة إلى إعاقة تطوير صناعات جديدة وإبطاء الجهود العاجلة لجعل المنازل والمباني التجارية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
وتشير الأدلة إلى أن الحكومات الأوروبية فشلت بالفعل في تدريب عدد كافٍ من العمال للقيام بمهام مثل تركيب المضخات الحرارية والعزل.
المهارات الخضراء
وتشير سو ديوك، رئيسة السياسة العامة العالمية لشبكة "لينكد إن"، إلى أن الأشخاص لا يطورون مهارات خضراء في أي مكان قريب من معدل سريع بما يكفي لتلبية الأهداف المناخية".
وتوضح بيانات الشركة أن التوظيف لمهارات خضراء قد توقف، سواء في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم، على خلفية ضعف أسواق العمل. ومحللو الاستدامة والمتخصصون والمديرون هم من بين أفضل 10 تخصصات نمت فيها الوظائف بشكل أسرع في العام الماضي لكن حصة المهنيين من أصحاب الخبرة الخضراء لم تواكب ذلك.
وتختلف تقديرات حجم التحدي بشكل كبير لأنه لا يوجد تعريف متفق عليه لما يشكل ما يسمى "الوظيفة الخضراء".
وقام بعض الباحثين بحساب عدد الأشخاص المنخرطين في القطاعات التي تقود مباشرة إلى التحول إلي صافي صفر انبعاثات - مثل الطاقة المتجددة أو إنتاج السيارات الكهربائية حيث وجدوا أن حصة الوظائف الخضراء أقل من 5٪ من العمالة في الاقتصادات المتقدمة.
واتبع البعض الآخر نهجًا مختلفًا في تعريف الوظائف الخضراء يشمل النظر إلى المهن التي لها نصيب كبير من المهام المتعلقة بالبيئة مثل تركيب الألواح الشمسية. كما يمكن أن تشمل أيضًا المهن السائدة، مثلا أن يتحول المهندس المعماري إلى تصميم أكثر كفاءة في استخدام الطاقة - أو الكيميائيين أو علماء المياه، وهي وظائف يزداد الطلب عليها نتيجة للتحول الأخضر.
انخفاض أجور الوظائف الخضراء
وباستخدام هذه التعريفات الأكثر شمولاً، تصنف بعض الدراسات خمس الوظائف أو أكثر على أنها "خضراء" ومع ذلك، فإن السؤال الكبير هو ما إذا كان سيتم النظر إلى الوظائف الجديدة على أنها وظائف جيدة ومقبولة من جانب الأفراد.
وكان هناك إجماع واسع بين الباحثين على أن الوظائف الخضراء تتطلب مهارات أعلى وأجرًا أفضل - فضلاً عن كونها أكثر احتمالاً أن يشغلها الرجال ومن بينهم الأكثر تعليماً.
ورغم ذلك، تشير دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام من قبل معهد غرانثام للأبحاث التابع لكلية لندن للاقتصاد أن الوظائف في المجالات منخفضة الكربون لديها بالفعل متطلبات أعلى للمهارات التقنية والإدارية من الوظائف الأخرى، وغالبًا ما تتطلب مهارات تكنولوجيا المعلومات التي كان الطلب عليها مرتفعًا في القطاعات الأخرى. لكنها مع ذلك، لم تكن بالضرورة أفضل من حيث الأجور.
ويعمل في المملكة المتحدة، عدد كبير من الأشخاص في مجال التمويل الأخضر، لكنهم لا يحققون أرباحا بالضرورة، في مقابل المهندس في الولايات المتحدة الذي يعمل في قطاع النفط ويكسب أكثر بكثير مما يكسبه المهندس في القطاعات منخفضة الكربون.
ويشير فرانشيسكو فونا، أحد مؤلفي الدراسة، إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن هؤلاء الأشخاص الذين يعملون في وظائف قطاعات الوقود الأحفوري يتقاضون أجورًا أكثر من الوظائف الخضراء ولذلك فإن الانتقال صعب حتى لو كانت المهارات متشابهة".
وتشير آنا فاليرو، زميلة السياسات في مركز الأداء الاقتصادي، إلى أن الأجور في الاقتصاد الأخضر قد ترتفع قريبًا بسرعة في الولايات المتحدة، بسبب حزمة تحفيز قانون خفض التضخم لإدارة الرئيس جو بايدن، والتي ستدفع الطلب على المهارات النادرة.
وتضيف أن الحكومات الأوروبية يمكن أن تتعلم من النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة ، حيث تقدم حوافز ضريبية إضافية للشركات.
نقص الاستثمار
ويضيف فونا أن نقص الاستثمار في إعادة تشكيل مهارات العمال يمثل عقبة أمام تحقيق أهداف الحكومات لإعادة تأهيل المنازل لتناسب التحديات المناخية ويجب عليهم حقًا تعلم أشياء جديدة خاصة.
ويشير ماركوس جانسر، كبير الباحثين في المعهد الألماني لبحوث التوظيف أن ألمانيا وضعت خطط تشمل زيادة جميع الدورات التدريبية التي تتضمن محتوى عن الاستدامة.
ومع ذلك، يشير أيضًا إلى أن التحول الأخضر لا يمكن أن ينتظر دخول الشباب إلى سوق العمل - ويجادل بأن الحكومات يجب أن تقدم حوافز واضحة للشركات للاستثمار في التقنيات الجديدة ولن تتم مواجهة مشاكل نقص المهارات بمجرد أن تصبح هذه الوظائف جذابة من حيث الأجور وظروف العمل.
aXA6IDMuMTM5LjIzOS4xNTcg
جزيرة ام اند امز