ولأن الصبر الطويل لا بد وأن ينتقل إلى إجراء حاسم حتى لا يوصف بأنه ضعف فلا بد من تغيير المسار والبدء باتخاذ ما يلزم من الإجراءات
منذ سنوات طويلة تتجاوز العقدين من الزمن لاحظ أبناء المنطقة أن هناك تغيرا ملحوظا يجري في المنطقة وتحديدا على المستوى الإعلامي، عندما انطلقت قناة الجزيرة التي شكلت في بداياتها صوتا غريبا في المنطقة، كانت البداية ملفتة للنظر وتدعو إلى طرح مئات الأسئلة حول هذه الجزيرة الجديدة التي مارست لعبة إعلامية مليئة بالمتناقضات وتعمدت إرباك التفكير في المنطقة على جميع المستويات الشعبية والسياسية.
حاول القادة في الخليج ممارسة فكرة الصبر كونهم يعلمون أن الجزيرة هي جزء من مسار مفتعل لتلويث الأجواء الخليجية، وتحاشت دول الخليج أن تفتح الصفحات على بعضها رغبة منها في المحافظة على الكيان الخليجي وصبرت ثم صبرت ثم صبرت؛ ولكن النتيجة المرجوة من ذلك الصبر لا تغير شيئا في الدوحة.
يؤكد التاريخ ومسيرة الأحداث بما فيها التاريخ السياسي القطري المضطرب والمتحول في فترات وجيزة: أن قطر أصبحت خارج حسابات دول الخليج ولن تعود إلى منظومتها السياسية، ولعل ارتباكها السياسي في المنطقة وتحالفاتها المتناقضة تؤكد أنها تشعر بعدم وجود مكان لها بين دول الخليج.
تضاعفت الإساءة ومارست الجزيرة دورا يصعب على العقل المتزن تفسيره، ومارست دورا مزدوجا في التعاطي مع القضايا الإقليمية، وتدخلت في كل صغيرة وكبيرة ليس بهدف الإصلاح أو التغطية الإعلامية ولكن بهدف التضليل وتشتيت الشعوب، وروجت الحكومة القطرية لنفسها وكأنها الوكيل الشرعي عن شعوب الخليج، بعد الانقلاب السياسي المشهور حيث انقلب الابن على الأب في مشهد يصعب على التاريخ نسيانه.
في منتصف عام 2017، قررت دول الخليج مقاطعة قطر؛ لأن العقوق في هذه الدولة انتقل من الداخل إلى الخارج وأصبحت ممارساتها صعبة التفسير أو التقبل، تلك التي تعبّر بها الجزيرة عن توجهات النظام الحاكم في قطر. ومع أن الكثير من النوايا والأهداف غير الحسنة قد تسربت ووصلت إلى مستوى يصعب السكوت عنه إلا أن دول الخليج مارست مزيدا من الصبر.
ولأن الصبر الطويل لا بد وأن ينتقل إلى إجراء حاسم حتى لا يوصف بأنه ضعف فلا بد من تغيير المسار والبدء باتخاذ ما يلزم من الإجراءات، فالصبر انتهى وحل بدلا منه الإجراء الطبيعي والمفترض أن يتم مع الدوحة، ومع أن الجميع مع سياسية الصبر والبحث عن مشهد جديد من شأنه تغيير السلوك بعيدا عن تكسير البيت الخليجي، إلا أن الدوحة بنظامها ظلت تتصرف بشكل مختلف.
يقولون إن السياسة لعبة مصالح ماهرة وهذا دقيق ولكن الحالة القطرية بين دول الخليج أصبحت قضية حاسمة تجاوزها الزمن بحقائق أصبحت ثابتة ومؤكدة، واليوم يؤكد التاريخ ومسيرة الأحداث بما فيها التاريخ السياسي القطري المضطرب والمتحول في فترات وجيزة إن قطر أصبحت خارج حسابات دول الخليج ولن تعود إلى منظومتها السياسية، ولعل ارتباكها السياسي في المنطقة وتحالفاتها المتناقضة تؤكد أنها تشعر بعدم وجود مكان لها بين دول الخليج، فالأزمة السياسية عندما تصل إلى الذروة تفرض التغيير المطلوب تنفيذه، لأن الدول ككيان ومركبات سياسية واجتماعية لا تتحمل أن تكون معلقة سياسيا بهذا الشكل لفترات طويلة وسوف تشهد الأيام القادمة بذلك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة