أردوغان الخاسر سياسيا بالداخل والذي تحول إلى ديكتاتور شمولي يكاد يشابه النماذج النازية والفاشية قد تملكت الأحقاد من قلبه تجاه مصر وتونس
بدا من الواضح أن الأغا العثماني رجب طيب أردوغان قد بدأ مسيرة الانهيار والانحدار، وفقدان التوازن، وإذ يتعرض إلى خيبات الأمل والانكسارات في الداخل، تراه كعهد كل مهزوم يسارع إلى الخارج، لافتعال معارك يحاول فيها إظهار فحولته، حتى وإن كلفته وبلاده من ورائه المزيد من الخسائر، على كافة الأصعدة المادية والمعنوية.
لقد أوصد أردوغان الأبواب منذ فترة طويلة، وذلك حين خيل إليه خياله المريض أن التاريخ يمكن أن يعود إلى الوراء، عبر قصر به ألف غرفة يسكن فيه السلطان الجديد، ومن خلال بيوت أزياء صممت له ملابس الحرس العثماني القديم، وفاته أن التاريخ لا يكرر نفسه كما قال كارل ماركس ذات مرة.
من الواضح بالنسبة لأعضاء حلف الناتو أن تركيا ورئيسها اليوم، الدولة العضو في الحلف، لا يمكن الوثوق بها، وأن أردوغان يتلاعب على المتناقضات، فهو يود الحصول على أحدث الطائرات الأمريكية من الأمريكيين، وأفضل الصواريخ الروسية من الروس، ما يهمه هو إعادة بناء خلافته المزعومة من جديد
لم تكن معارك أردوغان حتمية بالضرورة فقد أدركت بلاده نجاحات اقتصادية، وعلاقات تجارية مع محيط بلاده الإقليمي والدولي وحققت مستوى عاليا من التنمية، لكن جنون العظمة أطبق على عقله وقلبه، وكان أن دعم حركات الإسلام السياسي، تلك التي لم تحمل يوما خيرا لدول المنطقة، وجل ما كان وما زال لديها هو إضمار الشر، وقد وجدت فلولها لديه المأوى، ووسائط الإعلام التي ينعق فيها البوم.
لم تتوقف معارك الأغا المهزوم عند حدود رفض الشعوب للإرهاب والإرهابيين، إذ لا يزال يعتبر أن معركته قائمة، وأنه قادر على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء مرة جديدة، وعلى غير المصدق أن ينظر إلى ما تفعله تركيا في ليبيا.
على بعد عدة آلاف من الكيلومترات يرسل أردوغان سفنه المحملة بأسلحة الموت لكي يعزز من وضع الإرهابيين الليبيين، ومن يشعل المعركة معهم من جنود الظلام القطري، هؤلاء وأولئك الذين لا يريدون تسامحا أو تصالحا بين الليبيين وبعضهم البعض.
أردوغان الخاسر سياسيا في الداخل والذي تحول إلى ديكتاتور شمولي، يكاد يشابه النماذج النازية والفاشية، وقد تملكت الأحقاد من قلبه تجاه مصر وتونس، حيث تمت هزيمة أنصار مشروعه الفوضوي المتدثر في أردية الأديان، ولهذا يحاول جاهدا، وإن كان فاشلا، تصدير الإرهاب إلى مصر، وما فيها بقايا من طابور خامس يريد الإضرار بالوطن، وتونس بالمثل حيث يسعى الإسلامويون لإفساد البلاد والحرص على عدم وقوفها على أقدامها من جديد.
لا يؤمن أردوغان بمفاهيم الدولة الويستفالية، أي احترام حريات واستقلال الدول الأخرى، ولا يقيم وزنا لأي دولة جاره لا سيما إذا شعر أنها أضعف من بلاده من الناحية العسكرية، إنها نفس العقلية الهتلرية التي مضت وراء غرور وأوهام القوة، ووصل بها الحال إلى التحطم على صخرة الغرور والعند الإمبراطوري الواهي.
يدرك القارئ أننا نقصد بذلك مواصلة تركيا التنقيب عن الغاز قبالة السواحل القبرصية بغير وجه حق، ضاربا عرض الحائط بكافة القوانين والمواثيق الدولية، ومعتمدا على قواته البحرية وغير عابئ بأي خطوط طول أو عرض للمياه الإقليمية، إنه السلطان الذي يأمر فيطاع وينهي فيسمع صوته، أو هكذا يعيش في خياله المريض.
لا يهتم أردوغان من قريب أو من بعيد بالاتحاد الأوروبي، ولا بالانتقادات التي وجهتها له بروكسيل، حتى ولو كان الأمر بالنسبة للأوروبيين "تصعيدا غير مقبول ".
الأغا العثماني يحيي في نفوس شعبه من جديد أشباح الماضي والصراع بين تركيا وأوروبا، والرجل موتور من الأوروبيين، أولئك الذين رفضوا عضويته في اتحادهم، ولهذا يسعى بكل الطرق إلى توجيه الإهانات لهم مادية كانت أو أدبية، ويخطئ الظن كعادته بالتصور أن الأوروبيين واليونانيين والقبارصة سيقفون في مواجهته مكتوفي الأيدي.
لا شك أن معركة الغاز التركي ربما لا يكون المقصود بها قبرص بقدر كونها موجهة ضد مصر، فالمصريون الذين اكتشفوا ثروات أراضيهم ومياههم الإقليمية، قد أضحوا أملا كبيرا لأوروبا ولبقية العالم من جهة توفير الطاقة النظيفة، والقبارصة واليونانيون والإسرائيليون يمررون طاقاتهم من الغاز إلى موانئ التسييل المصرية؛ ما يعني أن تركيا سوف تتراجع مكانتها يوما تلو الآخر إلى الوراء على الصعيد الاقتصادي تحديدا.
آخر معارك الأغا الخاسرة، هي تلك الموصولة ببطاريات صواريخ "إس -400" الروسية التي بدأت أنقرة في استلامها من موسكو، والسؤال ما الذي يستدعي حصول الأتراك على ذلك النوع المتقدم من الصواريخ الروسية والقادرة على تهديد أحدث أنواع الطائرات المملوكة لحلف الناتو، لا سيما طائرات إف – 35 الأمريكية؟
من الواضح بالنسبة لأعضاء حلف الناتو أن تركيا ورئيسها اليوم، الدولة العضو في الحلف، لا يمكن الوثوق بها، وأن أردوغان يتلاعب على المتناقضات، فهو يود الحصول على أحدث الطائرات الأمريكية من الأمريكيين، وأفضل الصواريخ الروسية من الروس، ما يهمه هو إعادة بناء خلافته المزعومة من جديد، حتى وإن صرف الأتراك أنفسهم عنه، واستعدوا لإسقاطه في أقرب انتخابات.
لن يعد حصول أردوغان على صواريخ إس 400 نصرا، بل هزيمة كبرى لا سيما وأن واشنطن بدأت جديا في إجراءاتها العقابية له، فقد صرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي الديمقراطي أليوت أنجل، وكبير الجمهوريين مايكل ماكول: "حذرنا تركيا وأردوغان مرارا وتكرارا من أن تسليم نظام الدفاع الصاروخي والصواريخ الروسية سيكون له عواقب وخيمة على العلاقات الأمريكية التركية".
في هذه الآونة ووقت ظهور هذه السطور إلى النور يكون البيت الأبيض منشغلا بتوقيت فرض العقوبات ومدى قسوتها، تلك التي يتيحها قانون "مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات"، وتبدأ من عند حظر التعاملات العقارية، وفرض قيود على الاستثمارات في الأسهم والسندات التي تعود بالفائدة على الأطراف الخاضعة للعقوبات بالإضافة إلى منعهم من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي .
عما قريب سوف يدرك الأغا أي منقلب ينقلب، وأي أوهام خيمت على مقدراته العقلية، في الحال والاستقبال، أردوغان صاحب الشهادة الجامعية المشكوك في صحتها، لا دالة له على قراءة التاريخ، إنه من الطغمة التي لا تقرأ، وإذا كان من الذين يقرأون لا ينهزمون، فالعكس صحيح، الذين لا يقرأون سوف يوفي لهم الفشل ويخلفهم النجاح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة