بالصور.. "حمام الشفاء" النابلسي.. استجمام وعلاج بنكهة التاريخ
تأسس عام 1225 م ويعد أحد أقدم الحمامات بفلسطين
حمام الشفاء في نابلس، يعد واحدا من أقدم مواقع السياحة العلاجية في العالم، إذ يزيد عمره عن 760 عاما.. ما قصته؟
تشتهر مدينة نابلس الفلسطينية، شمالي الضفة الغربية بالصابون النابلسي المصنوع من زيت الزيتون الخالص، والكنافة النابلسية التي طافت بشهرتها أرجاء الوطن العربي، لكن لتلك المدينة العريقة وجه أخر للشهرة وهو الحمامات التركية القديمة التي تمتلك منها 9 حمامات، ما زالت تعمل حتى الآن، رغم أن عمر بعضها جاوز 8 قرون.
حمام الشفاء التركي، أقدم تلك الحمامات التسعة، ويقع في قلب البلدة القديمة بمدينة نابلس، المحصورة بين جبلين، وما زال يقدم لزواره خدمات صحية تجعل "الخارج منه مولود"، كما يقول شاهر أبو يوسف، مدير الحمام لـ"بوابة العين".
فلا يمكن لزائر نابلس أن يخرج منها دون أن يأكل الكنافة النابلسية أو يشتري الصابون النابلسي المصنوع من زيت الزيتون، وبالطبع دون أن يزور حمام الشفاء أقدم الحمامات التركية التسعة الموجودة بالمدينة.
وكما تشير اللافتة المعلقة على بابه، يعود تاريخ إنشاء حمام الشفا التركي إلى عام 1225 ميلادية في نهاية العهد العثماني، وهو يقع في قلب البلدة القديمة بمدينة نابلس الفلسطينية، شمالي الضفة الغربية، وبمجرد عبورك مدخل الحمام ستشعر أنك انتقلت إلى عالم آخر، فعبق التاريخ يسيطر على المكان، والصوت الجبلي للمطربة فيروز يصدح بأغانيها لتضفي على المكان رونقا مميزا.
ويضيف أبو يوسف مدير حمام الشفاء إن "هذا الحمام ملك لعائلة طوقان، وهي من أعرق عائلات مدينة نابلس، وقد تدهورت حالته كثيرا نتيجة الإهمال، في فترة الاحتلال، إلى أن قام بترميمه السيد يوسف الجابي في عام 1993، وأنا حاليا أستأجر المكان منه لأديره".
وكما تشتهر مدينة نابلس بالصابون النابلسي والكنافة النابلسية، يقول أبو يوسف إنها كانت تشتهر أيضا بالحمامات التركية التي كان يبلغ عددها نحو 40 حماما، وكان لكل عائلة حمامها الذي ترعاه، لكن لم يتبق الآن سوى 9 حمامات في المدينة أغلبها مغلق ولا يعمل منها سوى 3 أو 4 فقط، أقدمها حمام الشفاء".
ويوضح أن تسمية الحمامات بالتركية تعود إلى أن الأتراك عندما حكموا فلسطين أمموا الحمامات وأتاحوا لكل الناس استعمالها بعد أن كان كل حمام مقصورا على العائلة التي شيدته.
وعن الطراز المميز لبناء حمام الشفاء، يقول أبو يوسف إن الحمام استخدم في بنائه الحجر الملوكي الذي يتميز بأنه يمتص أول وثاني أكسيد الكربون، بينما يوجد في السقف نحو 500 فتحة زجاجية تدخل ضوء الشمس والحرارة، وهي موزعة بشكل يحافظ على درجات الحرارة معتدلة داخل الحمام.
ويضيف "أرضية الحمام أيضا يكسوها حجر صلب يسمى الحجر السلطاني ويتم تنظيفه بمادة خاصة يتم جلبها من المصابن، التي تنتج الصابون النابلسي، وهي عبارة عن مزيج من الزيت والصابون".
ويعتبر موسم الصيف من أزهى فترات الحمام ، بحسب أبو يوسف، لكونه موسما للزواج، فيقبل الشباب والبنات على الحمام قبل حفلات الزفاف، وبعضهم يقيم حفلات في الحمام في الليلة التي تسبق العرس.
وعن الفوائد الصحية للحمام التركي يقول أبو يوسف إن "من أبرزها تنشيط الدورة الدموية، وإزالة الجلد الميت عن البشرة عن طريق تكييس الجلد، وتخليص الدم من الشوائب والجراثيم، وتخليص الجسم من الأملاح الزائدة التي تسبب الكثير من الأمراض، والتعرق بكميات كبيرة وهو ما يريح الكلى ويزيد من كفاءتها ونشاطها، ومعالجة أمراض الروماتيزم والشد العضلي، وتخفيف آلام الانزلاق الغضروفي، وكذلك تنشيط الجسم وتجديد شباب الجلد وحيويته، والمحافظة على جمال البشرة ونضارتها".
ويضيف "نقدم أيضا خدمات خاصة للعرسان والعرائس ونقيم ليلة الحنة التي تسبق العُرس ونحرص على إقامتها طبقا للتقاليد الفلسطينية للحفاظ عليها من الاندثار". ويوضح أن القائمين بالعمل داخل الحمام خاصة في مجال التدليك من المتخصصين في العلاج الطبيعي لضمان تقديم أفضل خدمة للزبائن بطريقة صحيحة، خاصة أن الحمام يقدم خدمة العلاج الطبيعي لما بعد الإصابات بالكسور".
وعن أبرز زبائنه حاليا، يقول أبو يوسف "نتيجة الاحتلال الإسرائيلي فالسياحة شبه منعدمة، ولكن من أبرز زوارنا غالبية الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين لدى السلطة الفلسطينية والكثير من عرب 1948، بالإضافة إلى المقبلين على الزواج".
ويوضح أن تكلفة الخدمات التي يقدمها الحمام تبلغ نحو 20 دولارا، معتبرا أنه "مبلغ زهيد مقابل الفوائد الصحية التي نقدمها لزوارنا".
وحول طقوس الحمام يوضح أن زائر الحمام بعد أن يخلع ملابسه ويجلس في بركة من الماء الفاتر لتهيئته، يدخل إلى منطقة "بلاطة النار"، وهو عبارة عن قطعة حجرية كبيرة متدرجة السخونة ينام عليها الزائر لمدة تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة لتخلص جسده من الطاقة السلبية والآلام الروماتيزمية والرطوبة.
ويقول أبو يوسف "بعد ذلك ينتقل الزائر إلى غرفة الساونا حيث يمضي فيها نحو ربع ساعة، يعقبها غرفة البخار يقضي فيها ربع ساعة أخرى، قبل أن ينتقل إلى مرحلة التكييس، وهي مرحلة يتم فيها نزع الجلد الميت من الجسد كله باستخدام كيس مصنوع من ذيل الخيول مصدره مدينة حلب وهي عملية تساعد على تجديد خلايا الجلد وتنشيط الغدد وتزويدها بالطاقة".
ويضيف أبو يوسف "بعد ذلك ينتقل الزائر لعمل تدليك للجسم كله (مساج) بزيت الزيتون، على يد متخصصين، قبل أن ينتقل للمرحلة الأخيرة، وهي الاستحمام بالصابون النابلسي الشهير ومياه جوفية من بئر أسفل الحمام".
أما عن حفلات العرسان الجدد فيقول مدير حمام الشفاء "نقدم للمقبلين على الزواج خدمات خاصة، إذ عادة ما يغلق الحمام على العريس وأصدقائه الذين يأتون معه، ويظلون ينشدون الأغاني التراثية الخاصة بالزواج طوال فترة الاستحمام، ويحملون العريس على أكتافهم ويجوبون به جنبات الحمام".
aXA6IDE4LjE5MS4yMTIuMTQ2IA==
جزيرة ام اند امز