نجحت الجهود المصرية والقطرية الحثيثة بالآونة الأخيرة في عقد هدنة بين الاحتلال وفصائل غزة، مما سمح للطرفين من تبادل الأسرى، وخفض ضجيج آلة الحرب والدمار ولو نسبيا.
ويحسب للدولة المصرية عدم تفويت أي فرصة في التعامل مع إسرائيل أو الولايات المتحدة لإدخال أكبر كم من شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، كذلك موقف مصر الخاص بحماية أمنها القومي وعدم تركها لأي فرصة أو مساحة كي تنفذ إسرائيل مخططاتها في نقل سكان غزة إلى سيناء، لتصفية القضية تماما أولا، ومن ثم نقل عبء غزة إلى سيناء، كي تكون الأخيرة قنبلة موقوتة ثانيا.
وهنا اسمحوا لي أن أسلط الضوء على المشهد الحالي جراء تلك الهدنة بواقعية وهدوء، بعيدا عن العنتريات والشعارات الفارغة، كي نقرأ المشهد بشكل حقيقي بعيدا عما يدور من تزييف للحقائق بشاشات الأحزاب المؤدلجة.
أولا: نحن أمام هدنة مؤقتة، وليس نهاية الحرب، وهذا أمر في حد ذاته يعني أن الكارثة لم تنتهِ بعد، ولا نتوقع أن يتوقف يوم على المدى القريب.
ثانيا: وبناء على ما ذكر في النقطة السابقة أتعجب بشدة من احتفالات الحمساوية بالهدنة!
وأتساءل. هل الهدنة هي انتصار لتلك الفصائل، كي يحتفلوا بها، ويصرحوا بأنها نصر عظيم لفلسطين؟!
فأي فلسطين يقصدون؟ هل فلسطين التي انقلبوا عليها، وسيطروا فيها على قطاع غزة بقوة السلاح بعد سحل وقتل مئات المواطنين ومؤيدي حركة فتح في شوارع القطاع يونيو 2007؟ أم فلسطين التي قسموها لشطرين بعيدا عن بعض كل البعد (الضفة والقطاع)، وليس جغرافيا فقط؟
أم فلسطين التي أدخلوها بمغامراتهم العسكرية في حروب متكررة كل عامين لا جدوى منها سوى قتل آلاف الفلسطينيين وهدم بيوتهم؟!
واليوم يا أحبائي نرى الآن تداعيات يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بوضوح تام، وهي قتل آلاف الفلسطينيين، وتدمير كل البنية التحتية للقطاع، وتقليص مساحة قطاع غزة بعد نزوح جميع سكانه إلى الجنوب، فأي انتصار تتكلم عنه حماس اليوم لمجرد عقد هدنة مؤقتة؟!
وأي مغفل الذي يهلل لتلك الفصائل التي لا تعمل سوى لصالح أجندات قوى إقليمية، ولا تمت لمشروع التحرر الوطني الفلسطيني بأي صلة.
أخيراً وليس آخراً تذكروا رغبة حماس الدائمة ومن يحركها في حرق سلطة ونفوذ وشعبية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ألا وهي السلطة الوطنية الفلسطينية، وهنا مربط الفرس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة