قطر ترتمي في أحضان إيران بسفير فوق العادة
قطر تعيّن سفيرا جديدا لدى إيران بمرتبة دبلوماسية أعلى رغم عام من المقاطعة الخليجية.
أفادت وسائل إعلام إيرانية، الأربعاء، بأن قطر قررت تعيين سفير جديد لها لدى طهران بأعلى رتبة دبلوماسية.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من انقضاء عام كامل من مقاطعة دول الرباعي العربي (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) للدوحة منذ يونيو/حزيران 2017 بسبب تورطها في دعم وتمويل تنظيمات إرهابية بالمنطقة، وتقاربها مع أنظمة سياسية معادية للجوار الخليجي.
وأشارت صحيفة "إطلاعات" الإيرانية، إلى أن تميم بن حمد آل ثاني قد أصدر الثلاثاء، مرسومين بتعيين كل من محمد سعد الفهيد الهاجري، سفيرا "فوق العادة" لدى إيران بعد تقلده المنصب ذاته في ليبيا واليمن واليونان، وعلي السليطي السفير القطري السابق لدى إيران في الرتبة الدبلوماسية ذاتها لدى دولة بيرو.
ويعد منصب سفير "فوق العادة" أعلى مرتبة دبلوماسية في مراتب السفراء، وتمنح بموجبه صلاحيات ومهام خاصة للشخص المكلف به للقيام بها لصالح بلاده سواء لدى بلدان أخرى أو منظمات دولية، حيث تشمل منحه استثناءات من بينها إبرام وتوقيع اتفاقيات.
وتأتي هذه الخطوة في مسار العلاقات الوطيدة التي باتت تجمع الحليفين المعاديين لدول الجوار مؤخرا، بمثابة تأكيد على مدى اتساع عمق التلاقي بين أهداف نظام الملالي في إيران وتنظيم الحمدين في قطر، لا سيما أن الدوحة أعادت في أغسطس/آب الماضي سفيرها "السليطي" وثيق الصلة بالاستخبارات الإيرانية إلى طهران في أوج أزمتها مع دول الجوار الخليجي، في إصرار واضح على التعنت إزاء مطالب دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب، الرامية إلى كف يد الإمارة الخليجية عن دعم الأنظمة التخريبية والتنظيمات الإرهابية.
في السياق ذاته، اعتبر موقع إيراني تحليلي أن سياسات الدوحة، التي اتسمت بـ"العدائية" على مدار عام من أزمتها مع دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب، تعد "نموذجا" لطهران، على إثر الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات جديدة ضد أنشطتها التخريبية.
وزعم موقع "تابناك"، المقرب من مسؤول إيراني بارز يدعى "محسن رضائي"، يتولى منصب أمين ما يُعرف بـ"مجلس تشخيص مصلحة النظام"، أن الدوحة قد نجحت مؤخرا في تطبيق نظرية اقتصادية تطلق عليها إيران اسم "الاقتصاد المقاوم"، والتي سبق وأن أطلقها علي خامنئي المرشد الإيراني قبل 7 سنوات، بهدف البحث عن بدائل أمام العقوبات الغربية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، وهو الأمر الذي أثبت فشله في ظل تدهور معدلات التنمية، وارتفاع نسب التضخم والفقر بين المواطنين الإيرانيين إلى حد غير مسبوق، وكذلك قطر التي تواجه مصاعب مالية، واقتصادية فادحة مؤخرا.
وكشف عام المقاطعة عن الكثير من الجوانب السرية القديمة الجديدة في علاقات ما بات يُعرف مؤخرا بـ"محور الشر" بين الدوحة وطهران، حيث عضدت الإمارة الخليجية من علاقاتها مع إيران في السياسة والاقتصاد وكذلك عسكريا، ورياضيا، حيث بات مستوى العلاقة والتنسيق بين مليشيات الحرس الثوري الإيراني وقطر أوضح من أي وقت مضي، منذ يونيو/حزيران 2017.
لكن تقارب الدوحة مع الحرس الثوري لم يكن وليد ضغط الأزمة، فقد حاولت الإمارة الصغيرة التستر على العلاقات الوطيدة التي تربطها بالمليشيا الأبرز لحليفتها إيران، والتي تعد رأس الحربة لتنفيذ مشروعها التخريبي داخل بلدان الشرق الأوسط، وذلك منذ أن رست بوارج عسكرية تابعة للحرس الثوري وعلى متنها قادة بارزون من بينهم الأميرال محمد شياري، وبرئاسة علي رضا ناصري، قائد المنطقة الرابعة للقوات البحرية للحرس الثوري بموانئ الدوحة في ديسمبر/كانون الأول عام 2010.
وفي أعقاب اندلاع الأزمة الخليجية وبقاء قطر على موقفها المتعنت من قبول المطالب العربية الرامية إلى كف يدها عن دعم تمويل الإرهاب، والتوقف عن التقارب مع أنظمة سياسية معادية للجوار الخليجي، كشفت وسائل إعلام إيرانية عن وصول وفد عسكري على رأسه قائد بارز في الحرس الثوري إلى قطر، في مارس/آذار الماضي، للمشاركة في معرض سلاح قطري ضمن مؤتمر قادة القوات البحرية بمنطقة غرب آسيا، في زيارة استغرقت 3 أيام، وأثارت الكثير من الجدل حول مدى استقلالية أراضي الدوحة، بعد أن أكدت تقارير إخبارية عدة تدخل المليشيات الإيرانية بقوة في عمل المؤسسات القطرية الرسمية.
وفضحت تصريحات أدلى بها رضا تنكسيري، نائب قائد الوحدة البحرية بالحرس الثوري الإيراني الذي ترأس وفد طهران على الرغم من أن غرض المؤتمر اقتصر على توفير مظلة للقاء الجيوش النظامية وليس المليشيات، أهداف بلاده من المشاركة في المؤتمر القطري الذي حظي برعاية خاصة من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، معتبرا أن إيران "تدعم قطر شعبا وحكومة"، مشددا على أن "الظروف مهيأة لتعزيز التعاون معها إلى حد غير مسبوق"، وفي إشارة إلى حضور الوفد العسكري الإيراني قال تنكسيري "نسعى إلى علاقات أقوى في هذا المجال".
وبحسب القيادي في "الحرس الثوري" فإن الوفد العسكري الإيراني يشارك للمرة الثانية في معرض الدوحة، مؤكدا في الوقت نفسه أن المليشيا الإيرانية تحاول بيع منتجات من الأسلحة على مدار السنوات المقبلة، وهو الأمر الذي يتواءم مع ما كشفت عنه المعارضة القطرية مؤخرا، حول استغلال الموانئ القطرية في عمليات تهريب أسلحة للمليشيات الإيرانية، إضافة إلى نقل المخدرات التي تشرف على زراعتها الاستخبارات الإيرانية لتمويل أنشطة طهران التخريبية بالمنطقة.
وتضمنت المعلومات التي أوردتها المعارضة القطرية عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر" في هذا الصدد، أن تلك العمليات تتم على نحو سري باستخدام سفن مموهة، من خلال سفر عناصر من الحرس الثوري الإيراني إلى الدوحة كممثلين عن شركات إيرانية، واستغلال الشراكات والاتفاقيات التجارية للتستر على تلك الأنشطة المشبوهة، مؤكدة ضلوع ضباط تابعين لجهاز الأمن القطري "الاستخبارات" في هذا الأمر.
aXA6IDE4LjIyNC41NS42MyA= جزيرة ام اند امز