بشكل عام.. فإنه يمكن القول إن هناك عددا من الأفكار والأنشطة التي عرف من خلال الخبرات والتجارب أنها طريق للإحساس بالسعادة
السعادة غاية وهدف، كل النفوس تنشُدها، والقلوب تتوق إليها، وجميع الأقلام كتبت عنها، والأديان والعلوم والفنون كانت جميعاً من أجلها، فما هي هذه السعادة؟ وكيف يمكن تحقيقها في وسط عالم مادي بحت؟ وهل تصورنا للسعادة حقيقي وصائب أم وهمي وخاطئ؟
بدايةً.. نجد أن السعادة تناولها العلماء بمختلف مجالاتهم، من فلاسفة وعلماء نفس ورجال الدين وعلماء الأنثروبولوجي وغيرهم، ويتحدث الجميع بناء على تخصصه، وما فيه من نظريات تقدم تفسيرات للسعادة وأسبابها، وكيف يمكن تحقيقها. الفيلسوف أرسطو مثلاً كان يعتبر أن السعادة هي الهدف الرئيسي للحياة, وأن العقل شرط ضروري وأساسي لتحقيق السعادة, وفي الفلسفة الحديثة نجد أن الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل يذهب إلى أن السعادة تعتمد على مصدرين, مصدر خارجي يتحدد في البيئة التي يعيش فيها الإنسان, ومصدر داخلي يتعلق بالإنسان نفسه, ويرى راسل أنه إن كانت الظروف الخارجية ليست سيئة إلى الحد المهول فإن الإنسان يمكنه أن يصل إلى السعادة، شريطة أن تكون عواطفه واهتماماته تتجه للخارج وليس للداخل, ويؤكد راسل أن الإنسان السعيد هو الذي يعيش حياته بموضوعية, ويمتلك كذلك عواطف حرة واهتمامات واسعة, وأن من أهم ما يؤدي إلى السعادة أن يكون الإنسان مُستقبِلاً للحب, والسبب لذلك هو أن الإنسان المُستقبِل للحب هو الذي يعطي الحب.
بشكلٍ عام.. فإنه يمكن القول إن هناك عددا من الأفكار والأنشطة التي عُرِف من خلال الخبرات والتجارب أنها طريق للإحساس بالسعادة، منها وجود عمل للإنسان يجد من خلاله رزقه ويشبع احتياجاته، إسعاد الآخرين وإدخال السرور عليهم، الاستقرار الأسري
ومن منظور علم النفس، نجد أن الطبيب النفسي فيكتور فرانكل يرى أن السعادة تكون في أن يتجاوز الإنسان ذاته وليس في أن يُشبعها, في حين يرى عالم النفس ناثانيال براندن أنه من المستحيل أن نشعر بالسعادة إلا بتحقيقنا الأشياء التي نعتقد أنها المهمة في حياتنا.
وفي ظني أن تصورنا ومفهومنا للسعادة يتشكل حسب البيئة التي وُلِد وترعرع فيها الإنسان، مثلاً الإنسان الذي يعيش في بيئة متدينة ومحافظة ستكون نظرته للدين على أنه المصدر الوحيد للسعادة، لذا عندما يواجه هذا الإنسان المتدين مشكلات صغيرة أو كبيرة في حياته فإنه سيستعين بالدين ويستقي منه العلاج، كالدعاء وقراءة القرآن والصدقة ونحو ذلك، وهكذا الحال سيكون مع الإنسان الذي يعيش في أسرة ثرية تقدس المال، سينظر للمال على أنه كل شيء، وقس على ذلك.
وبشكلٍ عام.. فإنه يمكن القول إن هناك عددا من الأفكار والأنشطة التي عُرِف من خلال الخبرات والتجارب أنها طريق للإحساس بالسعادة، منها وجود عمل للإنسان يجد من خلاله رزقه ويشبع احتياجاته، إسعاد الآخرين وإدخال السرور عليهم، الاستقرار الأسري، وجود أصدقاء يشاركون الفرد اهتماماته، الابتعاد عن العزلة؛ لأن العزلة تجلب للإنسان جميع أنواع الضرر، ويصبح الإنسان معها يعيش في دوَّامة من الأفكار المتكررة والروتين القاتل، أيضاً لا بد من توافر خطة للإنسان وهدف رئيسي يسعى لتحقيقه، كذلك إشباع الجانب الروحي من خلال القرب من الله والقيام بأركان الدين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة