عام على حرب أوكرانيا.. سفير روسيا يرسم لـ"العين الإخبارية" أفق نهاية الأزمة
عام مر على الأزمة الروسية الأوكرانية، وتأثر العالم بها على المستوى المالي والغذائي والطاقة، ما جعل الكثيرين يتعطشون لقرب نهاية للحرب.
ويتساءل كثيرون أين وصلت الأزمة؟ وهل نجحت روسيا في تحقيق أهدافها؟ وضمن حوار مزدوج مع طرفي الأزمة، حملت "العين الإخبارية" أسئلة إلى السفيرين الروسي والأوكراني في القاهرة.
وفيما يلي نص الحوار مع السفير الروسي في القاهرة جيورجي بوريسينكو:
* إلى أين وصلت "العملية الروسية" في أوكرانيا؟
نقوم بالعملية العسكرية الخاصة بشكل متقدم، تم إطلاقها لحماية دونباس وأحبطنا بالفعل خطط الهجوم الأوكراني على هذه المنطقة، والذي هدد بالإبادة الجسدية الكاملة لسكان دونباس.
وعلى خلفية رفض سلطات كييف بتحريض من الغرب المفاوضات، بما في ذلك حول إنهاء التمييز ضد السكان الروس، استعادت روسيا الأراضي التي كانت تنتمي إليها تاريخيا، وعبّرت جمهوريتا دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين، ومنطقتي زاباروجيا وخيرسون في الاستفتاءات التي أجريت في 23-27 سبتمبر/أيلول 2022، بأغلبية أصوات السكان، عن رغبتها في أن تصبح جزءا من بلدنا.
اتحدت هذه المناطق مع الدولة التي كانت جزءا منها عندما لم تكن أوكرانيا، التي لم تكن موجودة على الإطلاق.
وأصبح بحر آزوف مرة أخرى بحرا داخليا لروسيا، وأحبط ذلك خطط "الناتو" لإقامة قاعدة بحرية على شواطئه، ونقوم الآن بالنشاط لإعادة دمج الأراضي المحررة في بلدنا، وإعادة بناء البنية التحتية التي تم تدميرها خلال المعارك.
* هل تحققت الأهداف الروسية؟ وماذا عن الأهداف التي تأخرت؟
لم نسمح للنازيين الأوكرانيين برعاية الغرب بإزالة ملايين من الروس، وتم إعادة ضم أراض تبلغ مساحتها 100 ألف كيلومتر مكعب وعدد سكانها إلى 6,2 مليون نسمة، إلى روسيا.
ومع ذلك، لم يتم تحقيق جميع أهداف العملية حتى الآن، لا يزال القوميون الأوكرانيون يحتلون الأراضي الروسية ويقصفون أراضينا بلا رحمة، ويستهدفون بشكل خاص السكان المدنيين، ولذلك تتواصل العملية العسكرية.
نعتزم تحرير كل متر من الأراضي الروسية وعلى انتهاء عملية نزع السلاح وإزالة النازية في أوكرانيا ستنتهي العملية العسكرية بعد تحقيق جميع المهام الرامية إلى ضمان الأمن القومي الروسي ومقاومة ضد نظام كييف الدموي الذي يقف وراءه حلف "الناتو".
* وهل يحلق خطر حدوث أزمة نووية؟
نحن مستعدون لأي تصعيد إذا حاول "الناتو" مهاجمتنا، ومع ذلك فإننا لن نبدأ مثل هذه المواجهة التي يمكن أن تؤدي إلى الحرب العالمية الثالثة.
* الغرب يحاول توجيه الاتهام لروسيا فيما يحدث في العالم من أزمات سواء الطاقة أو الغذاء، كيف يمكنكم أن تعلقوا؟
من الواضح أن مثل هذه الاتهامات هي شكل آخر من أشكال الدعاية الشريرة الغربية المعادية لروسيا، لم يكن الصراع في أوكرانيا دافعا حقيقيا للتدهور السريع للوضع الاقتصادي العالمي، ولكن تسببت فيه العقوبات الغربية المفروضة على بلدنا، لقد كانت هي التي أدت إلى انقطاع العديد من سلاسل التوريدات بما في ذلك توريدات الأغذية.
لولا فرض العقوبات على روسيا لما شعر العالم بأنه تجري عمليات قتال في شمال البحر الأسود، المورد الرئيسي للقمح للسوق العالمية ليس أوكرانيا على الإطلاق، التي تمثل أقل من 1% من التجارة العالمية من القمح، بل روسيا التي كان حصاد القمح فيها عام 2022 يقرب من 100 مليون طن، ونحن مستعدون لتصدير حوالي 60 مليون منها، ويكفي ذلك لتموين عدد كبير من الدول بالحبوب.
ولكن عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تشمل فصل البنوك الروسية عن نظام SWIFT ومنع تحويلاتها المالية بالدولار واليورو إلى الخارج، بالإضافة إلى منع عمل شركات التأمين الأجنبية التي تؤمن شحناتنا ومنع السفن الغربية من زيارة الموانئ الروسية ومنع دخول الأسطول التجاري الروسي إلى الموانئ الأوروبية، كلها أدت إلى تعقيد الخدمات اللوجستية، بما في ذلك الارتفاع الجسيم لتكلفة الشحن.
* وهل تسبب الغرب بالجوع في العالم؟
أدى ذلك إلى الذعر في الأسواق العالمية الذي أثاره الغرب، وتسبب بشكل مقصود في الجوع في بعض الدول لإفساد علاقاتها مع روسيا واضطرارها إلى رفض التعاون مع موسكو، ولكن فشل الغرب.
إننا نواصل الوفاء بجميع عقود توريد المنتجات الزراعية إلى أفريقيا والشرق الأوسط بشكل دقيق، غير أنه من أجل تطبيع الوضع بالكامل لا بد من إزالة جميع قيود النقل والتأمين وضمان إجراء المدفوعات بحرية.
* وماذا عن سوق الطاقة؟
نشاهد نفس الوضع في سوق الطاقة، كانت روسيا ولا تزال شريكا موثوقا به في قطاع النفط والغاز منذ الستينيات، على عكس الغرب وليس من عادتنا أن نلعب بطريقة "غير شريفة" باستخدام النفوذ الاقتصادي لأغراض سياسية.
وعلى الرغم من ضغوط العقوبات، ما زلنا ملتزمين بالوفاء بالتزاماتنا التعاقدية خلافا لبعض الأوروبيين الذين يرفضون الطاقة الروسية، وينقضون المعاهدات الموقعة وفقا لأمر من واشنطن، يعني ذلك أنهم يضغطون علينا وليس بالعكس.
* كيف تتغلب روسيا على العقوبات الاقتصادية؟ وهل تلجأ للسوق العربية لتعويض ما فقدته من الغرب؟
على الرغم من الضغط الهائل الذي تمارسه الولايات المتحدة وأتباعها، لم ينضم أصدقاؤنا حول العالم كله إلى العقوبات ضد روسيا. لم تنجح مطالب واشنطن لدول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية برفض التعاون مع روسيا.
وبالإضافة إلى ذلك على رغم آمال الغرب لم يتم تدمير اقتصادنا وفشل الغرب في إزالة عملتنا "الروبل". وبالعكس تم تقوية الروبل وفتح خروج الشركات الغربية من سوقنا بابا أمام المنتجين الروس والمصدرين من الدول الودية واستخدموا هذه الفرصة.
ويسأل كثير من المحللين الاقتصاديين، ما هو سبب قصة النجاح الروسي. ويوجد توضيح بسيط: أولا لم يمكن للأوروبيين أن يرفضوا بشكل كامل الطاقة الروسية التي لا تزال تروج سوقها، وثانيا فشلت محاولات عزل بدنا لأننا قوة كبيرة للغاية، وقد تم تكامل اقتصادنا إلى الاقتصاد العالمي بشكل كبير، على سبيل المثال بلغ حجم الصادرات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي في الفترة من يناير/كانون الثاني، إلى نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022 حوالي 194،9 مليار يورو، ويعد ذلك رقما قياسيا يتجاوز حجم الصادرات الروسية في الفترة المشابهة عام 2021 بـ34%.
أما التعاون مع الدول الودية فنحن طبعا بكل سرور نستمر في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية، فبلغ حجم التجارة المتبادلة بين روسيا ومصر في عام 2022 إلى حوالي 6 مليارات دولار وتجاوز حجم تجارتنا في عام 2021 بأكثر من 20%، وفي رأينا أن هذه الأرقام تزداد أكثر في المستقبل. وتدخل الشركات الروسية في أسواق الشرق الأوسط بنجاح، ونحن ننتظر ظهور بضائع عربية في بلدنا.
* كيف ترى الرسالة الأخيرة الأمريكية لروسيا عبر مصر؟ وهل يتجه العرب لتحقيق وساطة لضمان أمن روسيا وإيقاف الحرب؟
لم نتوقف عن المفاوضات مع أوكرانيا بشأن تحقيق السلام، لقد خرج منها نظام كييف بأمر من واشنطن. وروسيا مستعدة للاستماع إلى أي اقتراح جاد يهدف إلى حل الوضع الحالي بشكل شامل.
لذلك نحن نقدر جهود وساطة الدول العربية تقديرا عاليا، وأصبح الأصدقاء المصريون أحد المبادرين في إطار جامعة الدول العربية بتشكيل مجموعة اتصال عربية، خاصة بأوكرانيا تتكون من الأمين العام للجامعة ووزراء خارجية الجزائر ومصر والأردن والعراق والسعودية والإمارات والسودان.
أما بالنسبة للرسالة والإشارات الأمريكية الأخرى، فهي حتى الآن تدور حول الرغبة الأمريكية في منع روسيا من حماية مصالحها الوطنية واستسلامنا لرحمة الغرب، لتكون الولايات المتحدة قادرة على الحفاظ على مكانتها المهيمنة في العالم وإملائها على البشرية كيف تعيش، بما في ذلك عن طريق تدمير الأسرة التقليدية وفرض الزواج من نفس الجنس، ولا نقبل مثل هذه الشروط.
* وماذا عن اعتماد الجنيه المصري في البنك المركزي الروسي؟ وهل سيتم التبادل بالعملات المحلية؟
بدأ البنك المركزي الروسي بالفعل في 18 يناير/كانون الثاني 2023 في تحديد سعر صرف الروبل لـ9 عملات أجنبية؛ بما في ذلك الجنيه المصري، تكون الخطوة التالية نحو التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية، بما في ذلك المعاملات الغذائية، هي فتح حسابات مراسلة في البنوك في البلدين لإجراء المعاملات المباشرة.
وبالإضافة إلى ذلك من الضروري ربط النظام المصرفي في مصر بنظام تبادل الرسائل المالية الروسية وهو بديل روسي لنظام SWIFT، وبالتالي سيكون من الممكن القضاء على الاعتماد على عملات الدولار واليورو التي يعد استخدامها ببساطة أمرا خطيرا، لأن الغرب -الذي يحاول السيطرة على العالم بأسره- يمكنه في أي وقت إيقاف المدفوعات والتحويلات التي تتم فيها إذا لم تعجبه هذه الدولة أو تلك.
كما نأمل في إدخال بطاقات الدفع "مير" الروسية في مصر، إذ سيؤدي ذلك إلى زيادة تدفق السياح القادمين إلى مصر بشكل كبير، وبلا شك فإن تحقيق التقدم في هذه المجالات سيكون له تأثير إيجابي على اقتصادات روسيا ومصر، كما سيعطي دفعة كبيرة للتعاون الثنائي وتعزيز العلاقات بين شعبينا الصديقين.
aXA6IDMuMjEuMjQ2LjUzIA== جزيرة ام اند امز