3 أمهات يروين معاناتهن مع أطفال التوحد
التوحد يعد أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة علميا بـ"اضطرابات في الطيف الذاتويّ"، وغالبا تظهر في سن الرضاعة
تلقي اضطرابات طيف التوحد بأعباء معنوية واقتصادية ثقيلة على كاهل المصابين بهذه الاضطرابات وأسرهم، وتنطوي رعاية الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد الوخيم على متطلبات كثيرة، خاصة عندما تكون فرص إتاحة الخدمات والدعم غير كافية.
ومرض التوحد هو أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة علميا بـ"اضطرابات في الطيف الذاتويّ"، وغالبا تظهر في سن الرضاعة، قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات.
ويؤثر التوحد على نمو الطفل وتطوره، وتختلف مظاهر التوحد حسب مستوى التطور وعمر الفرد، وعادة يسبب خللا وظيفيا في التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2007 قرارا باعتبار يوم 2 أبريل/نيسان "اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد"، لتسليط الضوء على الحاجة إلى تحسين حياة الذين يعانون من التوحد حتى يتمكنوا من العيش، وجرى أول احتفال في عام 2008.
ويصيب مرض التوحد الصبيان بنسبة 3 إلى 4 مرات أكثر من الفتيات، ويعاني الشخص المصاب بالتوحد من صعوبة في التواصل الكلامي وغير الكلامي وفي التفاعل الاجتماعي وفي اللعب واللهو والنشاط، بحسب جمعية التوحديين الأمريكية.
وتشير منظمة الصحة العالمية، في إحصائية أعدتها لعام 2017، إلى أن مرض التوحد يصيب الملايين حول العالم، ويقدر عدد المرضى بنحو 70 مليونا وفق إحصائية لمنظمة "التوحد يتحدث"، التي تنظّم حملة عالمية للتوعية كل عام، وتعد أكبر منظمة متخصصة في علوم التوحد والدفاع عنه على الصعيد العالمي.
وتتحدث حياة أحمد عن رحلة معاناة مع طفلها المتوحد بدأت بالتشخيص الخاطئ، قائلة: "عندما بلغ ابني الثالثة من عمره كان يعاني من تأخر في الكلام ويميل للعزلة بطبعه فعرضته على أخصائي أطفال، وبتشخيص الحالة قيل إنها تأخر في الكلام وطلب مني عرضه على طبيب تخاطب".
وتضيف حياة: "بعد عام كامل من التردد على عيادات الأطباء اكتشفت أن ابني مصاب بالتوحد وهنا بدأت رحلة أخرى من المعاناة بسبب ندرة المراكز المتخصصة".
وتضاعفت أعباء حياة بعد أن اكتشفت حقيقة مرض ابنها، فلم تجد مدرسة مناسبة لعلاج التوحد في ظل ندرة المراكز الحكومية التي تساعد المتوحدين.
وتواجه أمهات أطفال التوحد مشكلة ندرة المستشفيات أو المراكز الحكومية لتأهيل وعلاج أطفال التوحد، معتمدات على المراكز الخاصة التي تغالي في أسعار تكلفتها، الأمر الذي يكلفهن ثلاثة أضعاف ما يتم إنفاقه على أي طفل، وتصل تكاليف المدرسة التي تستقبل أطفال التوحد إلى 20 ألف جنيه مصري سنويا.
وتقول مشيرة أحمد، وهي أم لطفل متوحد، إن المشكلة الرئيسية هي عدم دمج أطفال التوحد في المجتمع، مشيرة إلى أن الدمج متوفر في بعض المدارس الخاصة لكنها تتقاضى مبالغ باهظة تصل إلى 60 ألف جنيه مصري، والمدارس الحكومية لا توافق على الدمج، ولا تخصص لذوي الإعاقة أوقات مختلفة عن الأشخاص الطبيعيين.
وتضيف: "أيضا تكاليف العلاج والتحاليل والفحوص وجلسات التخاطب كلها مكلفة جدا والمراكز الحكومية التي تقدم الخدمة قليلة وغير مؤهلة ولا تكفي لعدد الأطفال المتوحدين".
وترى مشيرة أن ملف التوحد كاشف للمجتمعات في فكرة قبول الآخر، وتوعية الأطفال الطبيعية بالآخرين المختلفين، موضحة أن دمج هؤلاء مع الأطفال الآخرين هو أساس تحسين نوعية الحياة لهم والتعامل معهم كجزء من المجتمع.
وترى أن المعلومات المتاحة عن التوحد قليلة ومتضاربة وهو ما يصعب من معاناة أمهات وآباء أطفال التوحد.
بالنسبة للكثير من الأشخاص الذين يعانون من طيف التوحد، يعد الوصول إلى تقنيات مساعدة ميسورة التكلفة شرطا أساسيا لتمكنهم من ممارسة حقوقهم الإنسانية الأساسية والمشاركة الكاملة في حياة مجتمعاتهم، ويمكن للتكنولوجيا المساعدة أن تقلل أو تقضي على الحواجز التي تحول دون مشاركتهم على قدم المساواة مع الآخرين.
وتعاني مريم عادل من عدم قبول المجتمع لطفلها وما تواجهه من تعليقات سلبية وهو ما يضعها تحت ضغط نفسي وعصبي، قائلة: "حتى في مراكز التأهيل لا توجد معاملة آدمية ولا رعاية كافية لأطفال التوحد.. ناهيك عن التعليقات السلبية طيلة الوقت".
وترى مريم أن دور الدولة هو التخفيف عن كاهل أسر أطفال التوحد بالتوعية المستمرة بعيدا عن الحفلات والمؤتمرات.