لقد تجلت القيم الإنسانية بأبهى المعاني وأجلها، بتتويج سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله لمن قضوا نحبهم من أطباء مخلصين وشجعان بوسام أبطال الإنسانية.
هذه المبادرة المتفردة، التي جاءت اعترافا لما بذله أبطال خط الدفاع الأول من أجل حياة الأنفس الإنسانية، إنها للفتة إنسانية كبرى، وحُلة من الحلل البهية التي تكسو بها دولة الإمارات غرر الزمن بالإنجازات والمبادرات.
وتتجلى الرسائل الإنسانية الفذة التي تلف هذه المبادرة باختيار التوقيت المناسب لتكريم وتوشيح المستحقين لهذا الوسام، وذلك في يوم الشهيد وفي ساحة الأبطال واحة الكرامة، عندما بادر سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء رعاه الله بتقليد أبطال الإنسانية في تلك الليلة المشهودة ليحمل ذلك المشهد وذلك التوقيت رسالة عالمية بأن من قدم نفسه دفاعا من أجل الوطن ومن أجل الإنسان حقه أن يخلد ذكره، وأن يشاد بمآثره، وتسمو ذكراه ومكانته.
وتزدهي المبادرة وتسمو عندما يكرّم سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مكتب فخر الوطن حفظه الله، أبطال الإنسانية باتصال هاتفي مع ذويهم، ليسطر بذلك الاتصال قيما ورسائل عظمى، منها أن عظمة المواقف وهيبة من يرخص بروحه تجاه ما يؤمن من عمل يستحق أن نقف له إجلالا وتشريفا، إذ قدم روحه وفارقت جسده مرتحلا عن هذه الدنيا، وأقدم بكل جسارة في إتمام عمله ومهنته بحيادية وحرفية وإخلاص، لينقذ أرواحا بين يديه، يهبط ويعلو الأمل في أن تبقى أو تتلاشى، وخلف هذه الأرواح أعدادا من الأسر تترقب وتخنقها حزنا أو فرحا حالة مرضاهم، وهكذا هي المواقف الصعبة الحالكة المرتبطة باستمرار الحياة أو الموت تظهر فيها معادن البشر وخامات الإنسانية الصافية، وقيم الإيثار والأخوة الإنسانية.
ومن الرسائل والقيم التي تجلت في تلك المكالمات الهاتفية أنها حملت في طياتها تجسيدا للقيادة العظيمة في شخص سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تلك الشخصية التي لا تزال تلهم كل ذي حس بالحياة، وتحثه حثا في تكريم الإنسان ومحبته، وهذا يملي علينا وجوبا ومحبة أن نقدم الغالي والنفيس في خدمة هذا القائد الفذ، وأن نكون أمناء وساهرين على رعاية مسؤولياتنا الوطنية، وواجباتنا تجاه بلادنا وهذا الشعور فاض على من عاش على تراب دولة الإمارات وعمل فيها.
ومن الرسائل التي نستقيها من مكالمة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لأسر أبطال الإنسانية، تلك الكلمات الحانية والمؤثرة التي بادل بها بأبويته المعهودة تلك الأسر الكريمة، فكم كان وقع كلماته حفظه الله من تأثير إيجابي عميق على ذوي أبطال الإنسانية وعلى المقيمين في دولة الإمارات، فالتكريم بتلك الكلمات الصادقة يبرهن على وفاء وتقدير وشكر القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو النهج الذي عهده الناس من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – فالشكر واجب لأهل الفضل، وهو ثقافة نقتدي في ترسيخها بقيادتنا الرشيدة.
ومن القيم التي كلل بها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مكالماته لذوي الأبطال، قوله حفظه الله: "عندكم أهل في الإمارات، وعندكم أخ اسمه محمد بن زايد"، ومفاد هذه الكلمات عظيم فالوطن هو الحضن الدافئ لكل من أخلص فيه، وهو الملاذ الآمن لكل من عاش في ربوعه، فما أكبر حضن الوطن وما أكبر أرضه وسماه، وأن الذي يحتمي في حمى الوطن فهو في حمى الخير كل الخير وفي حمى السعادة وفي حمى الاستقرار وفي حمى الحياة الكريمة له ولأهله ومن بعدهم، وإن الحظ ليكبر، والفخر ليسمو ويعلو، أن يكون سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله هو الأخ لهؤلاء الأبطال، فنعم الأخ ونعم العضيد.
وتتأكد تلك المعاني الأبوية النادرة، والقيم الأخوية الصادقة عندما يقول صاحب السمو لأسر الأبطال: "البلد بلدك ونحن أهلك"، إنها مظلة الاطمئنان والارتياح، فمن يعرف الإمارات ويعرف أهلها، يسعد بها، ويأنس معاشا وحياة في ربوعها.
وتظهر نخوة القائد عندما يثمن العطاء بقوله: "خلونا نرد الجميل، بأي شكل كان، في أي وقت كان"، فها هو حفظه الله كعادته وعهده الذي خلده بمواقفه؛ يقدر المواقف البطولية والتضحيات الميدانية، ويكافئ الإحسان بالإحسان المضاعف، ويحمل الوفاء لهؤلاء الأبطال.
وقول سموه: "نحن محظوظون بوجود أشخاص مثلكم عملوا معنا وقدموا التضحيات"، فيها تقدير كبير وعظيم للعمل الذي قدمه أولئك الأبطال، ولتميزهم وعطائهم بإخلاص، فأثمرت جوانبه عطاء ملموسا وأثرا نافعا للدولة، وهم نوعية من الأبطال ستبقى مآثرهم تتناقلها الأجيال في فخر واعتزاز، فما مات من بقيت ذكراه بين الناس فهو حي بعمله وتضحيته، وما مات من خلد الوطن ذكره بالبطل، وما مات من قال له سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: "مديونين لكم إلى يوم الدين"، وقال له: "أمانة في رقابنا إلى يوم الدين" ثبات على العهد، وعرفان بالصنيع البطولي الممتد ما دام نبض الحياة، فالأبطال باقون مكرمون أحياء معنا وبين أهلنا وفي دولتنا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة