هجمات الحوثي في البحر الأحمر.. إلى أي مدى تتأثر موانئ اليمن؟
أثر تصاعد وتيرة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر بشكل كبير على الحركة الملاحية في الموانئ اليمنية، لا سيما ميناء الحديدة، ما يهدد بتعميق الأزمة الإنسانية في البلاد.
وأدت هجمات مليشيات الحوثي البحرية ضد سفن الشحن التجارية إلى ارتفاع سعر الحاوية القادمة إلى ميناءي عدن والحديدة كبرى موانئ اليمن بنسبة 100%، وهو ما سوف ينعكس بشكل مباشر على ارتفاع الأسعار، وفق خبراء.
وسيطر تأثر موانئ اليمن، بعد تزايد عدد شركات الشحن الدولية من تعليق حركة الملاحة عبر البحر الأحمر، على اهتمامات الحكومة اليمنية التي حذرت من "التداعيات الخطيرة على الأمن الغذائي وارتفاع كلفة التأمين والشحن البحري على السفن المتجهة إلى الموانئ في البلاد".
ووفقا للحكومة اليمنية فإن ارتفاع كلفة تأمين السفن يضاعف "الأعباء الاقتصادية ويعمّق أزمة الشعب اليمني الإنسانية، إثر استمرار تهديد مليشيات الحوثي لخطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن".
وأمام تلك التداعيات، أطلقت الحكومة اليمنية، أمس الثلاثاء، دعوة "للدول المطلة على البحر الأحمر إلى التحرك العاجل لمواجهة هذا العبث الإيراني بأمن المنطقة وحرية الملاحة الدولية في واحد من أهم الممرات التجارية في العالم".
ارتفاع أسعار شحن الحاويات
شهدت أسعار الشحن البحري إلى الموانئ اليمنية ارتفاعا جنونيا، وفق خبراء يمنيين، إذ وصل سعر شحن الحاوية إلى ميناء الحديدة إلى 12700 دولار أمريكي، وإلى ميناء عدن بلغت تكلفة نقل الحاوية 11000 دولار أمريكي.
ويؤكد الخبراء أن هذه الهجمات الحوثية قد تُلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني، وسلاسل الإمداد إلى الموانئ اليمنية، وهو ما يُهدد بتأزم الوضع المعيشي والإنساني لليمنيين.
وبحسب أستاذ علم الاقتصاد والسياسة في جامعة عدن، الدكتور سامي نعمان، فإن "التأثير على مناطق سيطرة الشرعية لن يكون كبيرا في حالة بقاء الهجمات الحوثية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر فقط، في ظل وجود موانئ للحكومة الشرعية على بحر العرب مثل ميناء نشطون في المهرة، والمكلا والشحر في حضرموت".
وأضاف الخبير الاقتصادي، مستدركا لـ"العين الإخبارية" أن "تمركز لجان التفتيش الخاصة بالسفن في جيبوتي وجدة سيجعل هناك تأثيرا كبيرا".
كما أن "السفن أساسا كانت تتجه للحديدة بدلا من عدن بسبب الإجراءات والسياسات التي اتخذها الحوثيون والتهديدات على التجار وبالتالي بسبب ارتفاع أسعار الشحن البحري والتأمين إلى الضعف بعد أن كان قرابة 4100 دولار"، وفقا للأكاديمي اليمني.
ومع استمرار هجمات الحوثي البحرية، يتوقع نعمان أن "يحول التجار بضائعهم إلى ميناء المكلا أو برا عبر موانئ خليجية أخرى".
ولكن ذلك لن يمنع ارتفاع أسعار السلع المستوردة -وفق نعمان- إلا أن الارتفاع في الأسعار سيكون أكبر في مناطق سيطرة الحوثيين حيث الكتلة السكانية الأكبر.
اختناقات حادة
يؤكد مراقبون أن تصاعد وتيرة هجمات الحوثي البحرية من المحتمل أن تكون لها تداعيات اقتصادية على مستوى تدفق التجارة العالمية، واختناق حاد في وصول البضائع إلى اليمن، كون هذه العمليات ستؤدي إلى تعطيل موانئ الحديدة، التي باتت بموجب الهدنة الأممية تستقبل غالبية السلع الواصلة إلى المناطق الخاضعة للانقلاب الحوثي.
ووفقا للخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح، فإن "تزايد المخاطر للشحن البحري في منطقة البحر الأحمر، دفع بكبريات شركات الشحن العالمية، إلى إعلان وقف عملياتها الملاحية في مياه البحر الأحمر وباب المندب، حيث وصل عددها إلى 16 شركة، في ظل تصاعد الهجمات التي طالت السفن التجارية في المنطقة".
وأكد صالح لـ"العين الإخبارية"، أن" شركات الشحن الدولية قررت تغير مسار سفنها بعيدا عن الممر الحيوي الذي يعبر فيه أكثر من 13% من التجارة العالمية، وسط تحذيرات من التداعيات الكارثية للهجمات الحوثية على الشحن البحري والتجارة الدولية بشكل عام، والموانئ اليمنية بشكل خاص".
وأشار إلى أن خطوات الإيقاف المتواصلة من قبل شركات النقل البحري الدولية، تتزامن مع تصاعد الهجمات الحوثية التي تهدف بدرجة رئيسية لتعطيل الملاحة العالمية وإلحاق أكبر ضرر بالتجارة العالمية المارة من المنطقة.
كما أن الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي على بعض السفن التي تعبر البحر الأحمر قد تقلص سعة الشحن العالمية بنحو 20%، إذ سلكت بالفعل 121 سفينة حاويات طرقا أطول لتجنب قناة السويس والبحر الأحمر، نتيجة القرصنة الحوثية في البحر الأحمر، وفق صالح.
وأكد أن "تأثيرات الهجمات الحوثية في باب المندب من شأنها أيضا تعطيل حركة الموانئ المشاطئة للبحر الأحمر، وهو ما يعني إحداث اختناقات حادة في الوضع التمويني والإمداد السلعي، خصوصا لتلك الدول التي تعتمد على الاستيراد لتوفير أغلب احتياجاتها من السلع الأساسية والمواد الغذائية، كما هو حال اليمن الذي يضربه أسوأ أزمة إنسانية بالعالم".