"العين الإخبارية" تكشف مافيا الحوثي النفطية التي دمرت الريال اليمني
"العين الإخبارية" تكشف ميلاد الشركات الحوثية التي تستورد المشتقات النفطية في اليمن، وتشكل رأس حربة السوق السوداء.
بعد 4 سنوات من الحرب العسكرية التي شنوها على المدن اليمنية وتسببت بمقتل وإصابة نحو 60 ألفا، بدأت مليشيا الحوثي الانقلابية بشن حرب اقتصادية تستهدف نحو 29 مليون يمني، لكن السلاح هذه المرة لن يكون قذائف ورصاص قناصة وألغاما أرضية، بل مجاعة.
وخلال الأيام الماضية، دخل الريال اليمني في مرحلة انهيار غير مسبوقة على الإطلاق أمام العملات الأجنبية، وسجل تراجعا بنحو 199% عمّا كان عليه قبل الانقلاب الحوثي على السلطة أواخر العام 2014، وذلك بواقع 800 ريال أمام الدولار الواحد.
بدأت المليشيا الحوثية باغتيال الاقتصاد باكرا، فبعد أشهر من اجتياحها للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 والسيطرة على مؤسسات الدولة السيادية؛ بما فيها البنك المركزي، قام الحوثيون بنهب الاحتياطي الأجنبي لليمن، والسحب على المكشوف، ما تسبب بانهيار العملة المحلية من 215 ريالا أمام الدولار الواحد، إلى 300 ريال.
وبعد أن تنبهت الحكومة الشرعية للخطر القادم، قامت وبالتعاون مع المؤسسات الدولية الاقتصادية، وعلى رأسها البنك الدولي ومؤسسة النقد الدولية، بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وذلك في أكتوبر من العام 2016.
وعلى الرغم من اتفاقات برعاية أممية على تحييد الاقتصاد من الصراع نظرا للعواقب التي قد يخلفها على المواطن اليمني، إلا أن مليشيا الحوثي، رفضت منذ ذلك التاريخ أن تقوم بتوريد المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى البنك الرئيسي في عدن، وعلى رأسها الموارد المهولة التي تجنيها من ميناء الحديدة، وتقدر بـ 5 مليارات دولار سنويا.
وبعد فشل كافة محاولاتها في الإطاحة بالريال، باتت "السوق السوداء" هي الملعب المشبوه لمليشيا الحوثي في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث منحت أكثر من 30 تاجرا صلاحية استيراد النفط والمضاربة به في المناطق الخاضعة لها، كما استحدثت المئات من محلات الصرافة غير المرخصة.
وبعد إلغائها لدور شركة النفط الحكومية وإصدار قرار بتعويم النفط، كانت شركات استيراد المشتقات النفطية الحوثية، تعمل شهرا بعد آخر، على رفع أسعار الوقود وتقر جرعات سعرية متتالية.
وباتت تلك الشركات النفطية الحوثية، هي من تتحكم بالسيولة النقدية الأكبر في اليمن، وتقوم بعد ذلك بشراء العملة الأجنبية من الدولارات بأسعار باهظة من أجل استيراد مشتقات نفطية، وهو ما ساهم بعمل هزات متتالية للريال اليمني جعلته يترنح يوما بعد آخر.
- شركات نفطية غير مؤهلة
تتبعت "العين الإخبارية"، ومن خلال كشوفات وسجلات رسمية، ميلاد الشركات التي تستورد المشتقات النفطية، وكشفت عن قرابة 20 شركة حوثية حديثة النشأة، تمتلك صلاحيات حصرية في الاستيراد عبر ميناءي الحديدة والصليف، وتشكل رأس حربة السوق السوداء.
وكشف مصدر في شركة النفط بالحديدة لـ "العين الإخبارية"، أن المدير التنفيذي لشركة النفط المعين من قبل الانقلاب، ياسر الواحدي، هو من يتحكم بتسعيرة النفط داخل المحافظات الخاضعة للحوثيين بشكل كامل.
ووفقا للمصادر، فإن الواحدي، وهو أحد أذرع الرجل الثاني بالجماعة، مهدي المشاط، يقوم بتسهيل شحنات الوقود التي تعقدها الشركات الحوثية، وتجني من وراءها أرباحا خيالية، وذلك إثر بيعها بسعر مضاعف عن السعر الرسمي بفارق يقدّر بـ 6 دولارات للتر الواحد.
وخلافا للأسعار المعتمدة في المناطق المحررة، والتي يباع فيها جالون البنزين سعة 20 لترا بمبلغ يتراوح ما بين 6600 إلى 7 آلاف ريال يمني في عدن ومأرب وحضرموت، تفرض المليشيا الحوثية على سكان صنعاء وكافة المحافظات الشمالية الأسعار التي يقررها تجار السوق السوداء.
وخلال اليومين الماضيين، رفعت مليشيا الحوثي سعر جالون البنزين سعة 20 لترا إلى 14 ألف ريال يمني، فيما يتم بيعه ببعض محطات الوقود بصنعاء بسعر يصل إلى 20 ألف ريال يمني.
ـ مافيا تجارة الوقود الحوثية
تعود تجارة المشتقات النفطية إلى نافذين كبار في مليشيا الحوثي الذين قاموا بتأسيس شركات من الباطن لا يتجاوز عمرها 4 سنوات، وهو عمر الانقلاب الحوثي على السلطة.
ومن أشهر الشركات النفطية الحوثية الجديدة التي تتلاعب بأسعار الوقود وتقوم بسحب الدولار من السوق المحلية والمضاربة به، هي " ستار بلس يمن" ويملكها "صدام الفقية"، و"شركة أبكر"، ويملكها عبدالله أبكر عبدالباري، و"آزال بتروليك" ويملكها محمد غوبر، و"جيما يمن" ويملكها أحمد ماطرة.
كما تتواجد شركات "أتلانتك أويل" والتي يملكها أحمد البيضاني، وشركة "يحيى عسيلي"، وشركة "فيول أويل"، والتي يملكها شخص ينحدر من أسرة حوثية يدعى "قصي الوزير"، و"بلانسكو" ويملكها وديع الرعيني، و"نيشال" التابعة لمحمد هنشل.
كما ظهرت شركات نفطية جديدة على رأسها "أبراج اليمن" و "الذهب الأسود" و "الزهراء" و"يمن كرود" و "الجباحي" و "أتيكو" و "بتروليوس" و "جازولين أمان" و "الطاقة" و "الشركة اليمنية للاستثمارات " و"يمن إيلاف"، والتي تعود ملكيتها على التوالي لشخصيات حوثية هم "علي قرشة"، و"عبدالله الوزير" و"زيد الشرفي" و"محمد عبدالله الجباحي"، حمير الحثيلي، ناجي القعيصي، حسين المطيعي، عبدالله فاضل الحثيلي، فاهم، وعبدالله دباش.
وتنقسم تبعية الشركات النفطية الجديدة التي تحتكر الوقود وتقوم بالمضاربة به، بين الرجل الثاني في مليشيا الحوثي "مهدي المشاط"، والرجل الثالث "محمد علي الحوثي"، فيما يتبع البقية قيادات حوثية أخرى أبرزها "أبو علي الحاكم " و"عبدالكريم الحوثي".
ومن أجل المحافظة على استمراريتها، تقوم تلك الشركات التي تمتلك السيولة النقدية الأكبر من الريال اليمني، بسحب كافة العملات الأجنبية من الدولار والريال السعودي من السوق المحلية، بأي ثمن، وفقا لمصادر مصرفية لـ "العين الإخبارية".
وقالت المصادر، إن كل تاجر للمشتقات النفطية، لديه عدد كبير من الصرافين الذين يقومون بشراء الدولار من المواطنين بأي ثمن، وهم من يحددون الأسعار التي تنتشر في السوق المحلية بشكل فوري، ما يجعل الريال ينهار في غضون أيام.
ولا تكتفي تلك الشركات التي باتت بمثابة "مافيا" يتحكم بسوق الصرف، بسحب العملة من المحافظات الخاضعة للحوثيين، بل لديها أذرع في عدن والمحافظات المحررة يقومون بشراء الدولار وإرساله بتحويلات نقدية إلى صنعاء، حيث تم القبض على عدد من السماسرة التابعين لهم، كما كشف رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، الثلاثاء، في اجتماع استثنائي أمام الحكومة.
ـ منع المضاربة على النفط في المحافظات المحررة
من أجل ضمان عدم المضاربة على المشتقات النفطية وسحب العملة كما هو حاصل في صنعاء، قامت الحكومة الشرعية مؤخرا بدعم الوقود في عدن وحصر الاستيراد والبيع بشركة النفط اليمنية الحكومية فقط، والتي تبيع جالون البنزين سعة 20 لترا بـ 6600 ريال، وهو مبلغ مدعوم من الحكومة كونه أقل من السعر العالمي "يوازي 9 دولارات".
وتقول الحكومة إنها ستستمر في دعم الوقود بعدن بمبلغ 10 ملايين دولار شهريا للمحافظة على استقرار الريال، كما ستساهم المنحة السعودية الأخيرة، بدعم الوقود والسلع الغذائية الأساسية بسعر مدعوم، حفاظا على عدم استغلال المواطنين من جشع التجار الذين قاموا برفع السلع إلى 3 أضعاف بناء على انهيار العملة.