بريكس.. كل ما تريد معرفته عن نادي الدول الأكثر نموا
تحولت مجموعة بريكس للأسواق الناشئة المكونة من 5 دول من حلم بعمل مجموعة لها بنك استثماري إلى نادٍ حقيقي يضم أيضًا بنكا تنمويا رئيسيا.
تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، سلط الضوء على مجموعة بريكس للأسواق الناشئة المكونة من البرازيل وروسيا والهند والصين، مع إضافة جنوب أفريقيا لاحقًا.
وقال التقرير إن دولًا من جميع الأطياف السياسية، بما في ذلك إيران والسعودية، باتت تطالب الآن بالانضمام، وهو ما سيتم بحثه في قمة المجموعة التي ستعقد في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس/آب في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا.
نشأة بريكس
وتعرض التقرير لنشأة المجموعة، وقال إنه تمت صياغة مصطلح "بريك" في عام 2001 من قبل الاقتصادي جيم أونيل في مجموعة غولدمان ساكس، وذلك للفت الانتباه إلى معدلات النمو القوية في البرازيل وروسيا والهند والصين.
وكان القصد منه أن يكون أطروحة متفائلة للمستثمرين وسط تشاؤم السوق بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة من ذلك العام. وأخذت الدول الأربع الفكرة وكان نموهم السريع في ذلك الوقت يعني أن لديهم مصالح مشتركة وتحديات مشتركة. وكانوا يتعاونون بالفعل في منتديات ومنظمات مثل منظمة التجارة العالمية وشعروا أن تأثيرهم في النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة سيكون أكبر إذا تم دمج أصواتهم.
وتم تنظيم الاجتماع الأول لوزراء خارجية دول "بريك" من قبل روسيا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006. وعقدت المجموعة أول قمة لقادتها في عام 2009. ودُعيت جنوب أفريقيا للانضمام في نهاية عام 2010، لتوسيع عضويتها لتشمل قارة أخرى.
ماذا تفعل بريكس؟
كانت أكبر الإنجازات الملموسة للمجموعة تتعلق بالأمور المالية. فقد اتفقت الدول على جمع مبلغ 100 مليار دولار من العملات الأجنبية، بحيث يمكن إقراضها لبعضها البعض أثناء حالات الطوارئ.
وبدأت هذه الآلية في العمل عام 2016. وأسسوا بنك التنمية الجديد، وهو مؤسسة مستوحاة من البنك الدولي وافقت على أكثر من 30 مليار دولار من القروض لمشاريع مثل البنية التحتية للمياه والنقل منذ أن بدأت عملياتها في عام 2015 (واقترضت جنوب أفريقيا مليار دولار في عام 2020 من هذا البنك لمكافحة وباء كورونا).
ومن المقرر أن تتم مناقشة جدوى اعتماد عملة موحدة للمجموعة هذا العام. ومن الناحية الاقتصادية، فإن الموارد الطبيعية والمنتجات الزراعية في البرازيل وروسيا تجعل من الدولتين شركاء طبيعيين للطلب الصيني. كما تأمل المجموعة في أن تكون أداة تنافسية لدفع ورواج العلاقات التجارية بين الهند والصين.
ومثل المنتديات الأخرى متعددة الأطراف مثل مجموعة السبع، تصدر قمم البريكس السنوية وعشرات من الاجتماعات الأخرى ذات المستوى الأدنى بيانات مشتركة تعلن اتفاقًا واسعًا. ووفقا لتقرير واشنطن بوست، فإن العقبة الأكبر هناك هي أن الدول لديها مصالح متباينة بشأن قضايا رئيسية، حدودية وسياسية، بما في ذلك العلاقات مع الولايات المتحدة.
مَن المسؤول؟
من الناحية الاقتصادية، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين أكثر من ضعف حجم جميع الأعضاء الأربعة الآخرين مجتمعين. ومن الناحية النظرية، يجب أن يمنحها ذلك أكبر قدر من التأثير. لكن على المستوى العملي، فإن الهند -التي تجاوزت الصين مؤخرا في عدد السكان- تعد قوة موازية.
فعلى سبيل المثال، لم تؤيد مجموعة البريكس رسميًا مشروع التنمية الكبيرة للصين المسمى "مبادرة الحزام والطريق"، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الهند تعارض مشاريع البنية التحتية للحزام والطريق في الأراضي المتنازع عليها التي تسيطر عليها باكستان. كما أنه في بنك التنمية الجديد، لا يوجد مساهم مهيمن، فقد وافقت بكين على الحيازات المتساوية التي دعت إليها نيودلهي. ويقع المقر الرئيسي للبنك في شنغهاي، وقادته هندية قبل أن تقوده الآن رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف.
عضوية روسيا
ظلت روسيا عضوا في بريكس وفي العام الماضي، عُقدت قمة قادة المجموعة عبر الإنترنت، وشارك فيها بوتين. وتبنت دول البريكس الأخرى موقفًا محايدًا بشكل عام تجاه الحرب الجارية في أوكرانيا، معتبرة إياها قضية إقليمية أكثر من كونها أزمة عالمية. لكن مع ذلك، لم تتمكن موسكو من الوصول إلى الأموال عبر نظام العملات الأجنبية المشترك لدول البريكس، مع تراكم العقوبات الأمريكية.
بريكس تختلف عن "العشرين" و"الجنوب العالمي"
بشكل عام، تشبه مجموعة بريكس منتديات عالمية أخرى مثل مجموعة العشرين التي تعمل من أجل تأسيس عالم متعدد الأقطاب بعيدًا عن هيمنة الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.
يمكن القول إن تجمعات أخرى متعددة الأطراف تكتسب نفوذاً كجزء من هذا الاتجاه بما في ذلك أوبك، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والسوق الجنوبية المشتركة (ميركوسور)، والاتحاد الأفريقي.
و"الجنوب العالمي" ليس ناديًا على الإطلاق، ولكنه مصطلح اكتسب زخما في السنوات الأخيرة، حيث يشير إلى البلدان الفقيرة نسبيًا، والتي يشار إليها أحيانًا على أنها نامية أو ناشئة. وهو يتناقض عادةً مع "شمال عالمي" يتألف من الولايات المتحدة وأوروبا وبعض البلدان الغنية في آسيا والمحيط الهادئ. لكن العلاقة بين المفهومين ليست مباشرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكتسب الاتحاد الأوروبي، الذي يشكل جزءًا راسخًا من شمال الكرة الأرضية، مزيدًا من النفوذ في عالم متعدد الأقطاب. كما أن الصين تعتبر نفسها دولة نامية، على الرغم من أن وضعها كثاني أكبر اقتصاد في العالم مع طبقة وسطى كبيرة.
ودعت مجموعة الدول السبع البرازيل والهند وإندونيسيا لحضور قمة زعمائها هذا العام، فيما وصفه المسؤولون بأنه محاولة للتواصل مع دول الجنوب.
مَن يريد الانضمام ولماذا؟
في مسعاها لإبراز صورتها على الساحة العالمية ومواجهة النفوذ الغربي، أطلقت الصين النقاش حول التوسع عندما ترأست المجموعة العام الماضي. وسيكون الاقتراح محور التركيز الرئيسي في قمة هذا العام، وفقًا لأنيل سوكلال، سفير جنوب أفريقيا، الذي تترأس بلاده القمة. وقال في مقابلة إن 19 دولة على الأقل أعربت عن اهتمامها، ومن بينها 13 طلبت رسميا الانضمام، بما في ذلك السعودية وإيران. ومن بين الدول الأخرى التي أبدت اهتمامها الأرجنتين ودولة الإمارات العربية المتحدة والجزائر ومصر والبحرين وإندونيسيا، إلى جانب دولتين من شرق أفريقيا وواحدة من غرب أفريقيا لم يحددها. وبالنسبة للوافدين الجدد، يمكن لكونهم جزءًا من بريكس أن يوسع نفوذهم الدبلوماسي ويفتح فرصًا تجارية واستثمارية مربحة.
"صناديق بريكس"
لا يزال هناك اهتمام كبير بالأسواق الناشئة بين المستثمرين. لكن بريكس اليوم، بحسب واشنطن بوست، لم تعد قطبا استثماريا، كما كانت من قبل بسبب التغيرات الجيوسياسية والمسارات الاقتصادية المختلفة للأعضاء.
وباستثناء الهند، كان أداء دول البريكس دون نظيراتها في الأسواق الناشئة على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقًا لبلومبرغ إنتليجنس. فقد جعلت العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة روسيا وجهة غير قابلة للاستثمار، كما تم فرض عقوبات على قطاعات من الصين -خاصة شركات التكنولوجيا- أو تواجه حظرًا محتملاً للاستثمار. كما أن الاقتصاد الصيني في طور التعافي من التباطؤ الهيكلي الذي أحدثته سياسة "صفر كوفيد" الصارمة.
وفي الوقت نفسه، تباطأ الاقتصاد البرازيلي بشكل ملحوظ بعد نهاية طفرة السلع العالمية قبل نحو عقد من الزمان، بينما تعرضت جنوب أفريقيا لسنوات من انقطاع التيار الكهربائي بسبب عدم قدرة المرافق الحكومية على إنتاج ما يكفي من الكهرباء لتلبية الطلب. أما الهند فقصة نموها تقارن الآن مع الصين قبل 10 أو 15 عامًا، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكانها اتباع نموذج الصين الذي يقوده التصنيع.
aXA6IDE4LjIyMy40My4xMDYg جزيرة ام اند امز