التحمل الحراري.. خطر مناخي يهدد الوجود البشري؟
قد لا تتمكن أجسامنا البشرية من التعامل مع الحرارة المرتفعة مستقبلًا
زاد متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار يتراوح ما بين 1.1 إلى 1.2 درجة مئوية، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
وهذا أثر على جميع أشكال الحياة على الأرض، بما في ذلك البشر؛ فلم يستطع جميعهم تحمل الحرارة المرتفعة، وماتوا؛ فيما يُعرف بـ"الموت الحراري". وفي عام 2015، وقعت 196 دولة على اتفاقية باريس، التي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
لكن وجدت دراسة حديثة أنّه مع ارتفاع درجات حرارة الكوكب عن 1.5 درجة مئوية عن مستويات عصر ما قبل الصناعة، سيُسبب دمارًا لصحة البشر في جميع أنحاء الكوكب؛ نتيجة عجز الجسم البشري عن تبريد نفسه، ونُشرت الدراسة في دورية «بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز» (Proceedings of the National Academy of Sciences) في 9 أكتوبر /تشرين الأول للعام 2023.
كيف يُنظم الجسم البشري حرارته الداخلية؟
عند ارتفاع درجات الحرارة في الوسط، يتخذ الجسم البشري بعض الإجراءات للحفاظ على حرارته الداخلية، ومن ضمن استراتيجياته:
- التعرق: عادةً ما يتعرق جسم الإنسان عند وجوده في وسط مرتفع الحرارة، ويحصل ذلك نتيجة إفراز العرق، ما يساعد في تبريد الجلد، وبالتالي إعادة تنظيم الحرارة الداخلية.
- توسع الأوعية الدموية: مع ارتفاع درجات الحرارة، يزداد اتساع الأوعية الدموية تحت الجلد، ما يتسبب في تدفق الدم إلى البشرة التي تصبح أكثر برودة، ما يتيح للجسم إطلاق الحرارة.
حدود التحمل الحراري
تتحمل أجسام البشر نطاقًا معينًا من درجات الحرارة، وهذه تُعرف بـ"حدود التحمل الحرارية"، ومع تجاوزها، يتعرض الجسم لمشاكل صحية أخرى مرتبطة بالحرارة، مثل: ضربة الشمس أو الأزمة القلبية. ووجدوا أنه في بعض الأحيان، قد تنخفض مستويات الحرارة عن حدود التحمل الحرارية التي يحددها العلماء، وأقرب مثال على ذلك، موجة الحرارة الشديدة التي شهدتها ولاية أوريغون في الولايات المتحدة عام 2021، وأودت بحياة 700 شخص.
وعادةً ما تكون حدود التحمل الحراري لكبار السن أقل من الشباب، وبالنظر إلى الماضي، نجد أنّ موجة الحر التي ضربت شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995، أودت بحياة ما يزيد عن 730 شخص، تجاوزت أعمارهم الـ 65 عامًا.
أبشع السيناريوهات
وضع العلماء نماذج تتراوح فيها درجات الحرارة العالمية ما بين 1.5 إلى 4 درجات مئوية؛ لتحديد المناطق التي يصل فيها الاحترار إلى مستويات معينة من الحرارة والرطوبة التي تتجاوز حدود التحمل الحراري عند البشر.
درجتين
وجدوا أنه إذا زادت درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة؛ فقد يتضرر ما يقرب من 3 مليار من سكان الأرض، يعيشون في: باكستان ووادي السند وشرق الصين وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا؛ فقد تشهد تلك المناطق: موجات حر ورطوبة عالية، وهذا أمر خطير، يؤثر على قدرة الجلد على التعرق، والذي هو وسيلة الجسم للتخلص من الحرارة الزائدة، وبالتالي لن تستطيع أجسام المقيمين في تلك المناطق تبريد أجسامهم.
والأدهى من ذلك أنّ تلك المناطق تُصنف اقتصاديًا على أنها ذات دخل منخفض إلى متوسط، ما يعني أنّ عددًا كبيرًا من المتضررين، لن يستطيعوا الوصول إلى وسائل التكيف مع ذلك الوضع.
ثلاث درجات
وفي حالة ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية عن 3 درجات مئوية عن مستوى ما قبل الصناعة، فهذا يعني أنّ الحرارة والرطوبة ستتجاوز قدرات البشر على التحمل، خاصة عند الساحل الشرقي ووسط الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أمريكا الجنوبية وأستراليا.
أربع درجات
ربما هذا أسوأ سيناريو، والذي بسببه قد يترك أهالي المنطقة المتأثرة موطنهم للأبد؛ لأنه صار غير صالح للعيش. على سبيل المثال، الحديدة في اليمن، وهي مدينة ساحلية على البحر الأحمر، تضم 700 ألف شخص. ومع زيادة متوسط درجات الحرارة العالمية إلى 4 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة؛ فمن المتوقع أن تمر تلك المدينة بأكثر من 300 يوم في السنة، تتجاوز فيه درجات الحرارة حدود التحمل البشري للحرارة، ما يجعلها غير صالحة للسكن.
لذلك، يُوصي مؤلفو الدراسة بضرورة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والحفاظ على متوسط درجات الحرارة العالمية دون ارتفاع قد يودي بحياة البشر ويزيد معاناتهم.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز