الحوثي وصالح.. سفينة الانقلاب تغرق في بحر الأطماع
إذا كان مشهد الاشتباكات الدامية اليوم بين صالح والحوثي يمثل ذروة الاختلاف فإن هناك بوادر مهدت له ظهرت في أكثر من مناسبة
يقول المثل العربي "إذا اختلف اللصوص ظهرت المسروقات"، وهو ما ينطبق على تحالف الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي.
وإذا كان مشهد الاشتباكات الدامية بين الطرفين اليوم في صنعاء يمثل ذروة الاختلاف فإن هناك بوادر مهدت له ظهرت في أكثر من مناسبة، منذ أن اختطف الطرفان العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014.
وخلال ثلاث سنوات هي عمر هذا التحالف البغيض طفت على السطح كثير من الخلافات التي أخذت شكل التلاسن اللفظي أحياناً والاقتتال "المحدود" أحياناً أخرى، إلى أن تفجرت الأوضاع اليوم السبت 26 أغسطس 2017 في العاصمة صنعاء، عبر اشتباكات دامية بين الطرفين، يرى مراقبون أنها ستقودهما حتماً إلى الغرق معاً.
وينظر المراقبون إلى مشهد اليوم بأنه نهاية طبيعية لتحالف قام على قاعدة "عدو عدوي صديقي"، فصالح والحوثي لم يكونا يوماً حليفين، غير أن صالح وجد في الحوثي واجهة يتسلل خلفها ليعود إلى صدارة المشهد في اليمن، بعد أن نجحت ثورة 11 فبراير 2011 في إجباره على ترك السلطة عبر المبادرة الخليجية.
وكان أول خلاف بارز ظهر بين الطرفين في نوفمبر 2014 حول تشكيل المجلس الرئاسي، حيث رفض حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده صالح مقترح تشكيل هذا المجلس، وطالب بأن يكون الحل عبر الأطر الدستورية والبرلمان الذي يملك أغلبيته، وهو ما أقلق الأحزاب ودفعها إلى تأييد مقترح الحوثيين بمجلس رئاسي كون البرلمان قد يعيد الرئيس السابق أو نجله للرئاسة، ويتم تعديل الدستور وفقاً لرؤية الرئيس السابق وأنصاره.
وادعى الطرفان لاحقاً توافقهما على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة ائتلاف، إلا أن هذا الادعاء سرعان ما غرق في بحر الأطماع، بعد أن فوجئ المخلوع صالح بتهميش الحوثيين لنجله أحمد في المجلس الرئاسي، مما دفعه لعدم الاعتراف بهذا المجلس، وأصدر بشكل منفرد تشكيلاً جديداً عيّن فيه نجله نائباً لرئيس المجلس الرئاسي الجديد.
هذا الصراع على السلطة، تبعه تلاسن لفظي ثم اغتيالات متبادلة، وأحداث عنف، واتهم الحوثيون خلايا تابعة للمخلوع علي عبدالله صالح بقتل القيادي الحوثي والإعلامي عبد الكريم الخيواني في مارس/أذار 2015.
واتسعت رقعة الخلاف بين الطرفين رويداً رويداً إلى أن وصلت في فبراير 2017 إلى اشتباكات محدودة على خلفية سعي الحوثيين إلى السيطرة على سوق شعبي وسط صنعاء يقع تحت سيطرة قوات الأمن الخاصة الموالية لصالح.
وأسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل 3 في صفوف الحوثيين وإصابة آخرين، كما تسببت في جرح عدد من المدنيين.
وفي ضوء ما سبق لم يكن مشهد أمس السبت غريباً، والذي بدأت بودارة يوم الخميس، حين دعا صالح أنصاره إلى الاحتشاد للاحتفال بالذكرى الـ35 لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء.
وكان صالح يهدف من هذه الخطوة إلى استعراض القوة على خلفية إقدام الحوثيين على إبعاد ضباط ومسؤولين أمنيين موالين لصالح من جهازي الأمن القومي والأمن السياسي في جهاز المخابرات.
وفي المقابل نظم الحوثيون تظاهرة في مدينة صعدة (معقل الحوثيين) تحت شعار "مواجهة التصعيد بالتصعيد" رداً على دعوات صالح، ووجهوا إنذاراً شديد اللهجة لأنصاره باختطاف نجل أحد قيادات حزب المؤتمر في العاصمة صنعاء، وإخضاعه لعمليات تعذيب، حسبما قال والده.
أمس السبت كان المشهد امتداداً طبيعياً لأحداث الخميس، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة بين عناصر من قوات الحرس الجمهوري الموالية لعلي عبدالله صالح وعناصر من مليشيا جماعة الحوثي، أدت إلى مقتل 6 أشخاص وسقوط عدد من الجرحى.