منطقة ابن طولون بالقاهرة.. مزار سياحي مهم يجمع بين 3 عصور
أهالي القاهرة يطلقون اسم الخليفة على منطقة ابن طولون التي تبدأ من ميدان السيدة نفيسة وتنتهي بشارع طولون؛ حيث عصبها الرئيسي شارع الخليفة
تاريخ عريق يسكن شارع طويل، ككتاب مفتوح على جنباته، مليء بحكايات عن منطقة "الخليفة" أو السباع سابقاً التي تحمل جزءاً من تاريخ مصر لأكثر من ألف ومئة عام.
يطلق أهالي القاهرة اسم الخليفة على منطقة ابن طولون التي تبدأ من ميدان السيدة نفيسة وتنتهي بشارع طولون؛ حيث عصبها الرئيسي شارع الخليفة، ولأهمية حي "الخليفة" التاريخي والديني تم ضمه إلى قائمة التراث العالمي تحت مسمى "القاهرة الإسلامية" عام 1979.
ويقول الدكتور أحمد سالم، الأستاذ بكلية الفلسفة والآداب قسم التاريخ وآثار العصور الوسطى جامعة غرناطة إسبانيا، إنه تم تسمية منطقة الخليفة قديماً باسم "السباع" نسبة إلى رمز السبع، وهو رمز الدولة حينذاك التي كان يستخدمها السلطان الظاهر بيبرس البندقداري، بينما أطلق اسم "الخليفة" لسكن الخلفاء العباسيين الذين جاءوا إلى مصر بعد سقوط بغداد على أيدي التتار، وجاء بهم الظاهر بيبرس بهدف إحياء الخلافة العباسية، ولأن هناك أكثر من 17 خليفة دفنوا خلف مسجد السيدة نفيسة في منطقة يطلق عليها اسم ضريح الخلفاء العباسيين.
مسجد ابن طولون
أسست "الخليفة" لتكون عاصمة حكم سلالة حاكمة جديدة لمصر وثالث عاصمة إسلامية بعد الفسطاط والعسكر، بعد أن تولى أحمد بن طولون حكم مصر عام 868 م، وأنشأ مع أبنائه مدينتهم، حدودها مسجد ابن طولون في الشرق، بركة الفيل في الشمال، مقام زين العابدين في جنوب، بينما ارتفع جبل يشكر في منتصف المدينة، سميت المدينة الجديدة "القطائع".
ويقول الدكتور أحمد سالم، تصبغت مصر بالصبغة الطولونية بعدما انفرد أحمد بن طولون بالحكم العسكري في بلاط الحاكم الخليفة العباسي، فهو كان مملوكاً من منغوليا، وقرر تأسيس مدينة القطائع التى أنشأ عليها جامع بن طولون، ويذكر أنه عثر على كنز للمصري القديم وأقام به المسجد ولكن ذلك غير مثبت.
ويضيف سالم لـ"العين الإخبارية" "أدخل على الجامع عدة توسعات في العصر الفاطمي وبعده في العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني، وينفرد المسجد أنه بني على طراز معمار مساجد سامراء المميزة بمآذنها الحلزونية عام 876 م وانتهى في 879 م، وهو الأثر الوحيد الذي نجا بعد انتهاء حكم السلالة الحاكمة الطولونية الذي لم يزد على حوالي أربعين عاماً".
كما يقع بجانب المسجد متحف جير أندرسون (أو بيت الكريتلية الأثري) ويتكون من بيتين هما بيت محمد بن الحاج سالم وبيت السيدة آمنة بنت سالم، وتم الربط بينهما بممر (قنطرة)، ويعد هذان البيتان من أهم الآثار الإسلامية بالقاهرة؛ حيث ينتمي إلى العصر المملوكي والعثماني.
الأشراف
لم تكن الخليفة منطقة مركزية للحكم والاقتصاد منذ وقت هدم القطائع، ولكنها امتازت بالمساجد والمشاهد والأضرحة التي بنيت في الفترات المختلفة خاصة في عهد الفاطميين الذين قدسوا آل البيت وكانوا رواداً لتلك الأضرحة.
ويقول سالم أطلق على جزء من تلك المنطقة اسم "الأشراف" نسبة إلى الأضرحة والمشاهد التى تقع به؛ حيث إنه في بداية هذا الشارع يقع مسجد السيدة نفيسة ويضم بين جنباته مشهد السيدة رقية ابنة الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، ومشهد السيدة عاتكة والجعفري، والسيدة سكينة ابنة الإمام الحسين والمشهورة بمجالس العلم وجميعهم من آل البيت.
قبة فاطمة خاتون
وعلى مسافة ليست بالبعيدة يضم قبة فاطمة خاتون الخاصة بأم الملك الصالح علاء الدين المملوكي، وكانت جزءاً من مدرسة تحولت إلى تكية عرفت باسم تكية السيدة نفيسة وقبة شجرة الدر الشهيرة.
ويشير سالم إلى أن أغلب الأضرحة والمشاهد لم يدفن بها أصحابها فقبة شجر الدر التي بنتها خلال حكمها لم يوثق أنها دفنت بها، نظراً لبشاعة طريقة موتها الشهيرة بالقباقيب، سوى السيدة نفيسة والمعروفة بنفيسة العلم والمعرفة ابنة الإمام الحسن الأنور، التى دفنت بمصر بعدما عاشت بها 7 سنوات.
كما يضم شارع الأشراف أيضاً مباني لأضرحة محمد بن سيرين مفسر الأحلام الشهير وضريح محمد الأنور عم السيدة نفيسة، إلى جانب مسجد السيدة سكينة الذي تم ترميمه من فترة.
وتصف لجنة التراث العالمي القاهرة بأن قيمتها تتخطى كونها عاصمة تاريخية للعالم الإسلامي، لكونها "أعجوبة من أعاجيب التجربة البشرية الحضرية على مدار تاريخها".