إدلب السورية.. حديقة التوتر الخلفية بين موسكو وأنقرة
الخلاف بين موسكو وأنقرة الحالي يعتبر الأعنف منذ أزمة إسقاط المقاتلة الحربية الروسية سوخوي-24 بصاروخ تركي.
"الجيش السوري والمنشآت العسكرية الروسية يتعرضان لـهجمات إرهابية في إدلب".. هكذا وصف الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الجمعة، الوضع المتوتر في المدينة الواقعة شمالي سوريا.
وأكد الكرملين أن "الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب شهد خلال الفترة الأخيرة توتراً خطيراً؛ حيث شن الإرهابيون أكثر من 1000 هجوم في الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي، خلفت مئات القتلى من العسكريين والمدنيين".
وحذرت روسيا تركيا من استمرار "الهجمات الإرهابية" التي تشنها عناصر تنتشر بمناطق وجود القوات التركية في سوريا.
وقال بيسكوف، خلال مؤتمر صحفي: "لا توجد حالياً خطط لاجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان"، الأمر الذي يؤكد توتر العلاقات بين موسكو وأنقرة على خلفية أطماع الأخير في سوريا.
التقرير التالي يرصد محطات الخلاف الأقوى بين الجانبين على الأراضي السورية منذ أزمة إسقاط المقاتلة الحربية سوخوي-24 بصاروخ تركي قرب الحدود السورية عام 2015.
إدلب.. ذروة الخلاف
تعكس التصريحات الحادة من الجانب الروسي تجاه أنقرة أجواء تصاعد الخلاف بين الطرفين على خلفية التطورات الميدانية التي تشهدها إدلب.
الخلاف بدأ منذ أغسطس/آب الماضي، وسط نجاح العمليات العسكرية للجيش السوري في تطهير إدلب من المليشيات المسلحة التي تدعمها أنقرة، وبدأت بمدينة خان شيخون.
امتدت نجاحات الجيش السوري لبسط سيطرته على الأراضي التي سيطر عليها المليشيات المسلحة، ونجح بالفعل في تطهير إدلب بالكامل من خلال دخول مدينة معرة النعمان، التي تعد آخر معقل رئيسي خارج عن سيطرة دمشق، وتشكل استعادتها هدفاً استراتيجياً.
وتتميز معرة النعمان ببعدها الاستراتيجي، إذ تقع على الطريق الدولي الرابع بين محافظة حلب والعاصمة دمشق، وظل متطرفون يسيطرون على المدينة وعدد من المناطق في محافظات حلب وحماة واللاذقية، قبل أن يستعيدها الجيش السوري.
وبتلك النجاحات الميدانية أحاطت قوات الجيش السوري بنقاط المراقبة التركية في معرة النعمان، التي نُشرت بموجب اتفاق خفض التصعيد الموقع بين أنقرة وموسكو وطهران قبل 3 سنوات بالعاصمة الكازاخية.
ويعني هذا التقدم أن اثنتين من 13 نقطة مراقبة تركية في المنطقة المنزوعة السلاح باتت الآن مطوقة من قبل قوات الجيش السوري.
ومساء أمس الخميس، دخلت وحدات من الجيش السوري مدينة سراقب بريف إدلب، وبدأت بتمشيطها وإزالة الألغام والمفخخات، بعد انسحاب مئات مسلحي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل متحالفة معها.
ومدينة سراقب ذات موقع استراتيجي كونها تشكل نقطة التقاء بين طريقين دوليين يربطان عدة محافظات سورية.
تعزيزات تركية في إدلب
أرسلت تركيا، الجمعة، تعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاط المراقبة التي أقامتها في محافظة إدلب، وبحسب الإعلام التركي، فالتعزيزات تضم 150 آلية عسكرية تنقل تجهيزات وقوات عبرت الحدود التركية السورية باتجاه إدلب.
ويأتي إرسال هذه التعزيزات في ظل سيطرة الجيش السوري بشكل كامل على مدينة سراقب في شرق محافظة إدلب، لتصبح 3 نقاط مراقبة تركية محاصرة بشكل كامل.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر، الأربعاء، أن العسكريين الأتراك المنتشرين في نقطة مراقبة بشمال سراقب قصفوا بالمدفعية قوات الجيش السوري لمحاولة وقف تقدمها.
انتهاء النفوذ التركي
أكد محمد حامد الباحث في الشؤون التركية، أن النظام التركي يعلم أنه خسر نفوذه نهائياً في سوريا في ظل تقدمات الجيش السوري بمساعدة روسيا وتطهير إدلب من المليشيات المسلحة.
وقال حامد، خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن أردوغان يحاول أن يطيل أمد الصراع على أمل الحصول على مكاسب، ولكن ضغط الجيش السوري وانسحاب المقاتلين التابعين لتركيا ميدانياً، أنهى جميع طموحاته للوجود في الشمال السوري.
وشهد محيط سراقب، ليل الأحد- الإثنين الماضيين، تصعيداً بين القوات السورية والتركية التي أدخلت تعزيزات عسكرية كبرى في الأيام الأخيرة إلى إدلب؛ حيث أطلق الرئيس التركي عملية عسكرية بمدينة إدلب في رابع عدوان تشنه أنقرة على مناطق شمال غربي سوريا خلال 4 سنوات.
وزعم أردوغان أن بلاده ترد على هجمات ضد قواتها في منطقة إدلب، بعد تأكيد مقتل 4 جنود أتراك وجرح 9 في قصف من قبل الجيش السوري.
ورداً على التصعيد وخرق الاتفاقات من جانب أنقرة، حثت روسيا، الثلاثاء، تركيا على أهمية التنفيذ الفوري لاتفاقيات سوتشي بشأن إدلب بشمالي سوريا.
وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، إن "تركيا لم تستطع الوفاء بعدد من الالتزامات الأساسية لحل مشاكل إدلب، وكذلك فصل المعارضة عن الإرهابيين، ونحن نتلقى معلومات حول نشر تركيا قواتها في إدلب".
من جهته، أكد الرئيس التركي أنه لا توجد حاجة "لخلاف خطير" مع موسكو بخصوص التطورات في سوريا في الوقت الراهن، مضيفاً أن بلاده ستتحدث مع روسيا بهذا الشأن "دون غضب".
وعقب وصول أردوغان إلى الكييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اعتبر أن التطورات في محافظة إدلب شمال غربي سوريا أصبحت "خارج نطاق السيطرة"، كما حض روسيا على "الوفاء بالتزاماتها" في إدلب.