«نحبهم ولا نعرفهم».. من هو الإمام الشافعي؟
يزخر التاريخ الإسلامي بالعديد من الأسماء اللامعة، توقّر في النفس بمجرد ذكرها، والمفارقة أن كثيرا منا يجل أصحابها دون أن يعرفهم.
وخلال شهر رمضان المبارك 2024، تقدم "العين الإخبارية" في سلسلة "نحبهم ولا نعرفهم" قصصا لشخصيات بارزة في التاريخ الإسلامي، نوقرها ولا نعرف عنها الكثير.
ومن الأسماء التي نحبها دون أن نعرف صاحبها الإمام محمد ابن إدريس الشافعي، ثالث الأئمة الأربعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه.
من هو الإمام الشافعي؟
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان الشافعي، اتفق المؤرخون على مولده عام 150هـ، الموافق 767 م، وهو عام وفاة الإمام أبو حنيفة النعمان، ولم يكد يحفظ ملامح والده حتى وافته المنية.
نشأ الشافعي يتيما في حجر أمه فاطمة بنت عبد الله الأزدية، وقررت الرجوع به وعمره عامين إلى مكة خوفا من أن يضيع أصله ونسبه، فنشأ في مكة، منزل الوحي ومنطلق نور رسالة الإسلام.
واظب الشافعي طوال حياته على طلب العلم، فحفظ القرآن في عمر السابعة، وعندما بلغ العاشرة، أتم حفظ "الموطأ"، وأفتى في عمر 15 سنة، حين أذن له شيخه مسلم بن خالد الزنجي وكان مهتمًا بالشعر واللغة.
وفي رحلته لتحصيل العلم، كانت المدينة المنورة أولى محطاته، وقصد دار إمام دار الهجرة مالك بن أنس بعدما حفظ "الموطأ" كاملا، ورحل بعدها إلى الكوفة وتتلمذ فيها على يد القاضي محمد بن الحسن الشيباني وأبي يوسف.
وعندما عاد إلى المدينة، لازم الإمام مالك حتى وفاته سنة 179هـ، وفكر في العمل، وتزامن ذلك مع قدوم والي اليمن إلى الحجاز، فطلب أن يصحبه معه فولاَّه على نجران، وكانت تلك أول وآخر وظيفة تقلدها الشافعي.
وتسببت هذه الوظيفة في محنة كادت تهلك الإمام الشافعي، إذ جلب له حسن تدبيره وارتفاع ذكره بين الناس المتاعب مع الوالي، ووافق ذلك خروج 9 من العلويين في اليمن على الخلافة فاستغلها الوالي للوشاية به عند الخليفة هارون الرشيد بتهمة أنه رأس الخارجين عليه.
وكتب الوالي للخليفة: "الشافعي و9 آخرين من العلويين يكادون يخرجون على الحاكم، ولا أمر لي معه ولا نهي، فهو يعمل بلسانه ما لا يقدر عليه المقاتل بسيفه"، فأمره الخليفة باعتقالهم وإرسالهم إليه، فاقتيد مع التسعة إلى بغداد عام 184هـ مثقلا بالأغلال في عنقه والحديد في قدميه وعمره 34 سنة.
ولم ينج الشافعي من المحنة إلا بشهادة شيخه القاضي محمد بن الحسن لصالحه عند الخليفة، وذكر الشافعي هذه المحنة في كتابه "الأم"، وقال عنها ابن كثير: "اجتمع بالرشيد فتناظر هو ومحمد بن الحسن بين يدي الرشيد، وأحسن القول فيه محمد بن الحسن، وتبين للرشيد براءته مما نسب إليه، وأنزله محمد بن الحسن عنده".
توجه الشافعي بعدها من العراق إلى مصر، وقصد جامع عمرو بن العاص، وتحدث به إلى الناس فتعلقوا به، وتوفي في رجب 204هـ، وقال عند اقتراب وفاته: "أصبحت من الدنيا راحلا، ولإخواني مفارقا، ولكأس المنية شاربا، وعلى الله واردا، ولسوء عملي ملاقيا، ما أدري أروحي إلى الجنة فأهنيها؟ أم إلى النار فأعزيها؟".
aXA6IDE4LjExOS4xNjMuOTUg جزيرة ام اند امز