لم يكن يشغل الإمام الأكبر منذ توليه إمامة الأزهر سوى أن يعم السلام والتسامح البشرية جمعاء، ما جعله يبحر بسفينته في بحر تلاطمت فيه أمواج الصراعات الفكرية والعقائدية.
لم يكن يشغل الإمام الأكبر منذ توليه إمامة الأزهر، سوى أن يعم السلام والتسامح البشرية جمعاء، ما جعله يبحر بسفينته في بحر تلاطمت فيه أمواج الصراعات الفكرية والعقائدية ويحط بسفينته على كل شاطئ اكتوى بهذه الصراعات ليوضح لأصحابه أن الأديان ما جاءت لاحتراب الناس أو تفريقهم وتقسيمهم لطوائف وأحزاب، وإنما جاءت ليعم السلام والتسامح، وألا فرق بين إنسان وأخيه الإنسان بسبب العرق والجنس واللون والمذهب التي بنى عليها أعداء السلام آمالا طويلة لإشعال نيران الفتنة في الأرض التي أمرنا الله بإعمارها، لأغراض خبيثة يحملونها داخل نفوسهم.
وسطية أزهرية ممتدة لأكثر من ألف عام يحملها "الطيب" معه في جولاته المتواصلة، تغيث المقهور، وتعين المحتاج، وتسد رمق الملهوف، وتناصر المظلوم، وترفع يد الظالم.
بالفعل إنها رحلة طويلة وشاقة، للأخوين في بحثهما الدائم والمستمر عن السلام إلى أن أعلنَّا في بداية الشهر الحالي عن أنهما سيحلان ضيفين في مطلع فبراير 2019، في محطة غالية على قلوب العرب جميعا محطة الأب والوالد الشيخ زايد بن سلطان "طيب الله ثراه"
إن إدارك الإمام لأهمية التكامل بين الأديان والتعانق بين أتباعها جعله يمد يده لأخيه فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، ولإخوانه من أتباع الأديان الأخرى، ليبحروا جميعا لفك تلاطم الأمواج، وتهدئة وتيرة الصراعات باسم الدين، وإيضاح حقيقتها، وأنه لا توجد ثمة خلافات فيما بينها أو بين أتباعها، وأن ما زرعه البعض في نفوسنا من وجود اختلاف وتنافر، إنما كان وسيظل زورا وبهتانا، فما كان من البابا فرنسيس إلا أن أمسك بيد أخيه الطيب، عاقدا معه العزم على أن يواصلا سويا ما بدأه الأنبياء من قبل.
كانت وصايا الإمام لأخيه فرنسيس في مستهل رحلتهما بحثاً عن السلام "فلنسعَ معًا من أجل المستضعفين دون فرز ولا تصنيف ولا تمييز، ولنقف معًا لضحد سياسات الهيمنة والإقصاء ودعوات الإلحاد وفلسفات تأليه الإنسان"، فما كان من البابا إلا أن شمر عن ساعده وبايعه على أن يشاركه رحلته ويقاسمه دعوته، وينادي بأعلى صوته بأننا وأدياننا في رباط ضد أعداء السلام.
لم يعرقل سير سفينة السلام خروج قراصنة الجهل بأبواقهم، ولا قراصنة الفتنة بأدواتهم أو قراصنة الحروب بأسلحتهم بل تركتهم في لهوهم يلعبون وراحت تواصل المسير ليمتد السلام إلى كل ربوع العالم بلا استثناء.
ما جعل العالم ينظر للإمام الأكبر شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية نظرة تقدير واحترام نظرة تليق بهذين الرمزين الكبيرين وتضع أصحاب الأديان في مكانهم الصحيح، كما تجسد الترابط والتلاحم بين أصحاب الديانات السماوية والتقارب والتسامح بين الديانتين الأكثر اتباعا في العالم، وتهدم جسور العزلة والإقصاء بين المخالفين في الدين والعقيدة.
بالفعل إنها رحلة طويلة وشاقة، للأخوين في بحثهما الدائم والمستمر عن السلام إلى أن أعلنا في بداية الشهر الحالي عن أنهما سيحلان ضيفين في مطلع فبراير 2019 في محطة غالية على قلوب العرب جميعا، محطة الأب والوالد الشيخ زايد بن سلطان "طيب الله ثراه"، الذي كان مؤمنا بالسلام والمحبة، فكانت رسالته رسالة محبة وعطاء لكل من حوله من أبناء العرب والعجم فلا غرو أن يقف أبناؤه مصطفين وملبين لرسالة السلام متجسدة في الرمزين الكبيرين مرددين قول الحق "والله يدعو إلى دار السلام".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة