ليبيا والهجرة منها وإليها.. الحلم بالجنة ينتهي بجحيم السراج
أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، الإثنين، إعادة 11 ألفًا و891 مهاجرًا إلى ليبيا، خلال 2020، بعد اعتراض القوارب التي تقلهم إلى أوروبا.
وأوضحت منظمة الهجرة الدولية، في تقرير اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن المهاجرين الذين تم اعتراض طريقهم بينهم 10 آلاف و261 رجلا، و811 امرأة، و545 طفلا، و166 طفلة، مشيرة إلى أن 323 مهاجرًا ابتلعتهم الأمواج، فيما لا يزال 417 آخرين في عداد المفقودين.
توطين المهاجرين
وأكدت المنظمة الدولية، أن العام 2020 شهد ارتفاعًا في أعداد المهاجرين، عن العام 2019، الذي سجلت فيه 9 آلاف و225 مهاجرًا تم إعادتهم إلى ليبيا، بالإضافة إلى 270 وفاة، و992 مفقودًا.
ومع تزايد عدد المهاجرين الذين أحبط مخططات تسللهم إلى أوروبا، وتم إيواؤهم في مراكز اللجوء بليبيا، أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليببا، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، رفضها أي مشروع لتوطين المهاجرين واللاجئين الأفارقة في ليبيا وتحويل البلاد إلى وطن بديل لهم.
وطالبت الاتحاد الأوروبي بإطلاق مبادرة بقيادة مشروع تتعاون فيه دول المصدر والعبور والوجهة لمعالجة ظاهرة الهجرة، بما يحمي الحقوق الأساسية للمهاجرين عامة واللاجئين منهم.
وأبدت اللجنة تخوّفها حيال مصير المهاجرين واللاجئين الأفارقة العائدين إلى ليبيا من أوروبا، وما يتعرضون له من انتهاكات ومن تعذيب جسدي ونفسي وسوء المعاملة والتعنيف، بالإضافة إلى الاستغلال في الأعمال الخاصة والاتجار بهم من قبل عصابات وشبكات الاتجار بالبشر.
الحلم المفقود
وكشف تقرير إيطالي نشر في ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن مصير المهاجرين الذين يعترض طريقهم إلى أوروبا، مؤكدا أنهم يعودون لبراثن مليشيا طرابلس، التي تخضعهم لأعمال قسرية.
وقال تقرير مؤسسة "ميجرانتس" التابعة لمجلس الأساقفة الإيطاليين، عن وضع المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط، إن مهاجرا واحدا يصل إلى أوروبا من بين كل 140 ينطلقون من ليبيا، مؤكدا أن 139 آخرين يتم إعادتهم مرة أخرى، مشيرا إلى أنه يتم تلقي مئات الرسائل الصوتية عبر تطبيق "واتساب" من مهاجرين في ليبيا منذ صيف 2018".
وتحول احتجاز المهاجرين داخل مراكز الإيواء إلى أحد أهم المجالات المربحة، ونموذج عمل مغر لشبكات تهريب البشر، لكسب المزيد من الأموال، وسط غياب القانون والمساءلة من قبل ما يسمى بحكومة الوفاق في ليبيا، برئاسة فائز السراج.
ووثقت منظمة العفو الدولية في تقرير لها نشرته في سبتمبر/أيلول الماضي واطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، ممارسات "إجرامية" ترتكبها المليشيات المسلحة بحق المهاجرين، عبر إجبارهم على المشاركة في عمليات عسكرية، الأمر الذي يعرض حياتهم وسلامتهم للخطر.
حائط صد
وقال أحد اللاجئين لمنظمة العفو الدولية إنه، في مايو/أيار 2020، أخذته ميليشيا تابعة لحكومة الوفاق، مع لاجئين آخرين ومهاجرين آخرين من مركز احتجاز تابع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في طرابلس، حيث كانوا محتجزين جميعاً، وأجبروهم لساعات على نقل الذخيرة بين موقعين في طرابلس.
كما تحدث تقرير أممي آخر، عن احتجاز المهاجرين بشكل تعسفي بالقرب من أهداف عسكرية وفي مستودعات لتخزين الأسلحة، ما يعرض حياتهم للخطر.
وكشفت منظمة العفو الدولية أن المهاجرين في ليبيا يُقابلون بمجموعة من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان، ويلقى عليهم اللوم بشكل جائر الآن عن انتشار وباء فيروس كوفيد-19، بناء على آراء عنصرية للغاية وكارهة للأجانب.
وبحسب تقارير أممية، يواجه اللاجئون والمهاجرون انتشار العنصرية وكراهية الأجانب. فكثيراً ما يستخدم المسؤولون الحكوميون، وأفراد المليشيات، ووسائل الإعلام، لغة عنصرية للإشارة إلى الأشخاص من ذوي البشرة السوداء.
التمويل الذاتي
وتعتمد المليشيات المسلحة في غربي ليبيا فكرة التمويل الذاتي للمشروع الإرهابي في ليبيا عملا باستراتيجية الذئاب المنفردة، فيما تعمل في الوقت نفسه تحت غطاء خفر سواحل تابعة للسراج وتتلقى ميزانية رسمية على ذلك.
واختارت ميليشيات جنوبي طرابلس في الزنتان، بقيادة الإخواني أسامة الجويلي وعماد الطرابلسي، مهمة جلب واستقدام الهجرة غير الشرعية من منطقة الساحل الأفريقي مثل تشاد ومالي والكاميرون ونيجيريا والنيجر وبوركينا فاسو، إضافة إلى دول القرن الأفريقي مثل إريتريا والصومال وإثيوبيا والسودان.
كما خصصت حكومة السراج مليشيات الساحل غربي طرابلس، بمهمة تصدير المهاجرين ومن بينهم عناصر إرهابية أرسلتهم للتسلل إلى السواحل الأوروبية تمهيدا لابتزازها لاحقا.
أما ميليشيات شرقي طرابلس وتتمركز في تاجوراء فتتولى استخدام المهاجرين العائدين من الرحلات الفاشلة كخدم في المنازل وعمالة مقابل الطعام ودروع بشرية في مراكز الاحتجاز للوقاية من ضربات الجيش الليبي أو قوات الأفريكوم الأمريكية.
تعذيب وتنكيل
وترتكب مليشيات حكومة فايز السراج في طرابلس عمليات تعذيب وتنكيل ممنهجة لابتزاز اللاجئين، للحصول على أموال من ذويهم مقابل حريتهم، بحسب تقرير للأمم المتحدة، أكدت فيه أن المليشيات المسلحة تتخذ المهاجرين رهائن وفرصة للثراء السريع.
وفي أيار/مايو الماضي، هاجمت عائلة أحد المهربين الليبيين مجموعة من المهاجرين من بنجلاديش في بلدة مزدة الصحراوية، وأطلقت النار عليهم ما أدى إلى مقتل 30 منهم على الأقل، وفق المنظمة الدولية للهجرة.
وفي الشهر نفسه، أطلق رجال مسلحون النار على نحو 200 لاجئ ومهاجر احتجزتهم عصابات الاتجار بالبشر بالقرب من بلدة مزدة، فقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً، وأصيب 11 شخصاً. ولا يزال مصير الآخرين مجهولاً أو يخشى وفاتهم أو اختطافهم.
وأطلقت المليشيات المسلحة في يوليو/تموز الماضي، النار على مهاجرين كانوا يحاولون الفرار من مركز احتجاز في تاجوراء بطرابلس، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 53 مهاجرا كانوا محتجزين ضمن المئات في مركز يقع في القلب من معسكر للميليشيات المسلحة في طرابلس بمنطقة تاجوراء.
كما قتل عناصر من المليشيا المسلحة في تموز/يوليو، مهاجرين سودانيين في بلدة الخمس الساحلية غربي البلاد، قيل إنهم حاولوا الفرار بعد أن اعترضهم خفر السواحل الليبي في البحر المتوسط.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل مهاجر نيجيري في العاصمة طرابلس حرقا على يد عناصر المليشيات المسلحة في المصنع الذي يعمل فيه بمنطقة تاجوراء شرقي طرابلس، وفق ما أعلنت منظمة الأمم المتحدة.