بعد إثبات فوائدها الصحية.. هل يتقبل البشر أكل الحشرات؟
الجدل بشأن القيمة الغذائية للحشرات تحسمه دراسة أجريت بجامعة أكسفورد، لكن يظل الجانب المتعلق بالعادات الغذائية عقبة أمام تناول الحشرات.
أثارت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" الجدل عام 2013 بتقرير أصدرته، قالت فيه إن "الحشرات قد تشكل مصدرا غذائيا غنيا لسكان الأرض في المستقبل".
- فيروس يقتل 6 أطفال ويصيب العشرات بمركز طبي بولاية نيوجيرسي الأمريكية
- "الروبوتات النحلة" اختراع هولندي لتلقيح النباتات حال انقراض الحشرات
وأوردت المنظمة في تقريرها بعض الأمثلة لشعوب تستهلك الحشرات، مؤكدة أن ما تفعله هذه الشعوب قد يصبح القاعدة في المستقبل بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد السكان، والتي لا يقابلها زيادة في الإنتاج الزراعي والحيواني.
وأشارت تقديرات المنظمة حينها إلى أن أبناء الكونغو قد يستهلكون 14 ألف طن من الحشرات سنويا، موضحة أنها تحتوي على كميات عالية من البروتين والدهون والفيتامينات والألياف والمعادن، كما أنها تحتوي على كميات من البروتين أعلى بكثير مما تحتويه اللحوم.
الجدل الذي أثاره تقرير المنظمة تمحور حول التشكيك في المعلومات التي أوردتها الفاو، واستبعاد تغيير أغلب الشعوب عاداتهم الغذائية، وإذا كان الجانب الأول من الجدل حسمته دراسة أجريت في جامعة إكسفورد البريطانية، ونشرتها المجلة الأوروبية للتغذية السريرية، سبتمبر عام 2015، فإن الجانب المتعلق بالعادات الغذائية أكد استشاري التغذية العلاجية، خالد شوقي، أنه سيظل عقبة أمام هذا المصدر غير التقليدي.
وقال شوقي لـ"العين الإخبارية": "لا خلاف الآن، بعد دراسة جامعة أكسفورد، أهمية هذا المصدر من الناحية الغذائية، لكن الناحية النفسية سيظل عائقا أمام التوصية بإدخاله إلى النظام الغذائي لبعض الشعوب".
وكان باحثو جامعة أكسفورد قارنوا في دراستهم بين الحشرات الصالحة للأكل وهي الصراصير وسوس النخيل والنحل واليرقات وبين مصادر اللحوم التقليدية، وتبين أن القيمة الغذائية الموجود في الحشرات أعلى بكثير من تلك الموجودة في لحوم الأبقار والضأن.
ووفق البحث الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية"، استخدم الباحثون مقياسين مختلفين لقياس القيمة الغذائية، الأول يسمى نموذج "أوفكوم"، ويعتمد على سلم درجات من واحد إلى مئة، بناء على ما تحتويه كل مائة جرام من السعرات الحرارية والصوديوم والسكر والدهون المشبعة، والثاني نموذج "إن في إس"، وهو مشابه للنموذج الأول، ولكنه يشمل الفيتامينات والمعادن.
ولم تظهر أي فروق جوهرية بين الحشرات والحيوانات وفق معايير نموذج "أوفكوم"، في حين أظهر نموذج "إن في إس" قيما أعلى بكثير عند الحشرات عن الدجاج ولحوم الأبقار على وجه الخصوص، بعدما أخذت الفيتامينات والمعادن في الاعتبار.
وأوضح شوقي أنه بالرغم من ذلك، لا يمكن أن تصبح هذه المصادر معتادة في المائدة لدى كثير من شعوب المنطقة، مضيفا: "ربما يكون ذلك لأسباب دينية، أو أسباب تتعلق في المقام الأول بارتباط هذه المصادر في الأذهان بالقذارة".
فيما أشار الدكتور خالد فوزي، استشاري التغذية العلاجية، إلى أن الأمر يتعلق بمعرفة الشخص أن ما يتناوله يرتبط في ذهنه بالقذاره، لكن ما لا يعلمه كثيرون أن بعض الأطعمة التي نتناولها يدخل في إعدادها صبغات مستخلصة من الحشرات.
وتنتج إحدى شركات صناعة الأغذية العالمية صبغات التي تكسب الطعام اللون الأحمر، وتعرف باسم صبغة "كارمين"، من مسحوق حشرات "الدودة القرمزية" التي تستوطن أمريكا اللاتينية وتعيش على أسطح نبات الصبار.
وقال فوزي إن الشركة تجمع ملايين الحشرات سنويا لإنتاج هذه الصبغات، التي تعد عنصرا أساسيا في صناعة بعض الأغذية مثل الزبادي والآيس كريم وفطائر الفاكهة والمشروبات الغازية والكعك.
فيما أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أنه لا يوجد في القرآن أو السنة ما يمنع تناول هذه المصادر.
وقال الأطرش، في فتوى له صدرت قبل أعوام: "كل شيء مباح أكله، إلا ما نصت عليه الآية 145 من سورة الأنعام «قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير، فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم»، مضيفا: "هذه الآية تحسم أي جدل حول أي حشرة أو حيوان يرغب الإنسان بأكله".