الإهانة مقابل المال.. علاقة شائكة تكشف "العين الإخبارية" خباياها
في الآونة الأخيرة، بدأ البعض يلجأ إلى طرق غير مألوفة لكسب المال عبر خوض تحديات غريبة، يتضمن بعضها تحمل إهانات عنيفة أو ضغط شديد.
ويرى البعض في خوض هذه التحديات المهينة أو غير المألوفة، نوعا من التطبيع مع "الذل" للحصول على منافع مادية، بالإضافة إلى منافع معنوية أخرى منها تحقيق الشهرة عن طريق تصدر الترند.
وعلى سبيل المثال، هناك تحدي خاضه شخص يُدعى روماني، لتحمل الصفع على الوجه، وقد تعرض لإصابات بالغة عقب انتهاء التحدي، من أجل الفوز بـ5400 دولار.
"العين الإخبارية" حاولت الوصول إلى إجابة واضحة لمعرفة السبب الذي يدفع البعض لقبول الإهانة كوسيلة لكسب الأموال، خاصة أن هناك تحديات يتلقى فيها الأشخاص ضربات عنيفة.
يميل الدكتور محمد الفقي، أستاذ الأمراض النفسية والأعصاب بكلية الطب جامعة عين شمس المصرية، إلى أن الكسب المادي هو الدافع الأساسي الذي يجعل بعض الأشخاص يقبلون تصرفات لا تتماشى مع المبادئ العامة والأخلاق والكرامة مثل الإهانة في مقابل الحصول على الأموال.
ويدلل "الفقي" في حديثه لـ"العين الإخبارية"، على ذلك بأن مثل هذه التصرفات قائمة على البناء النفسي والموروث الأخلاقي في تربية ونشأة هؤلاء الأشخاص.
ولفت إلى أن هذا الأمر يخضع لكثير من الاحتمالات أيضاً، فلابد من التأكد من أن هذا الشخص سليم نفسياً أم يعاني من اضطرابات نفسية تدفعه لقبول هذه التصرفات.
ورفض "الفقي" اختزال تصرفات هؤلاء الأشخاص تحت مسمي "المازوخية"، مؤكداً أنه لا يمكن حصرهم في هذه الفئة فقط، لأن هناك عوامل كثيرة يجب أن نضعها في الاعتبار عند تشخيص هؤلاء الأشخاص، ومنها اضطرابات الشخصية، الأمراض الذهانية، وعدم النضوج الانفعالي، فضلا عن الأخلاق والتربية.
وقدم أستاذ الأمراض النفسية والأعصاب النصح لمثل هذه الحالات، قائلاً إنه يجب عليهم التوجه للعلاج، لتحسين موقفهم وسلوكهم والمنهج الذين يتبعونه في الحياة.
وأوضح أن العلاج يختلف من حالة لأخرى، فقد تحتاج بعض الحالات إلى علاج دوائي إذا كان الشخص يعاني من أعراض أخرى بجانب مشكلته الأساسية، والبعض الآخر يحتاج جلسات نفسية لتعديل السلوك والاتجاهات.
الحاجة للمال
في السياق ذاته، يرى الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هناك أسبابا قد تدفع الأشخاص لتقبل الإهانة في مقابل الحصول على الأموال.
ويعتقد "فرويز" أن تقبل الإهانة يرجع في المقام الأول إلى حاجة هؤلاء للمال، ما يدفعهم إلى تقبل أمور مجبورين عليها، نظير مبلغ مالي معين.
أما إذا كان الشخص لا يحتاج للمال، ففي هذه الحالة نحن أمام شخصية مازوخية تعاني من اضطراب نفسي، متمثل في الشعور باللذة أثناء تعذيب النفس والتعرض للتعذيب الجسدي أو اللفظي أو النفسي أو الجنسي من طرف الآخر، ويميل هؤلاء للإقدام على مثل هذه المجازفات التي قد تعرضهم للأذى للحصول على مكاسب.
ويوضح "فرويز" أن أصحاب هذا الاضطراب يميلون باستمرار إلى الحصول على المتعة واللذة عن طريق تلقي التعذيب والشعور بالألم، فهذا الشعور يجعل المخ يفرز هرمون الإندروفين الذي يعمل على تخفيف الآلام ويعطي شعوراً بالراحة والتحسن.
وكشف استشاري الطب النفسي المصري أن هناك أشخاصا يجمعون بين الحالتين السالف ذكرهما، فقد يكون الشخص مازوخي ويعاني من حاجته للمال، وهذا الأمر يجعله يقبل كافة الإهانات وينجذب لها ليجلب المتعة لنفسه، ويتلذذ بالتعذيب المقرون بالمكسب المالي.
استثارة عالية
من جانبه أكد الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان في مصر، أن هذا الأمر قائم على شقين، وهما الجانب النفسي، والجانب المادي.
واعتبر "الباسوسي" في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن الجانب المادي له أكثر من بعد، فقد يكون السبب هو تحقيق الشهرة والترند والاستفادة المعنوية، فضلا عن تحقيق مكاسب مالية.
أما عن الجانب المعنوي، فيقول "الباسوسي"، إنه يتعلق بمستويات الاستثارة العالية لدى الشخص، فهو يعاني من حالة تدفعه إلى المخاطرة والمغامرة لخوض مثل هذه التحديات، ليستكشف ما هو جديد وغير مألوف، للتخفيف من مستوى استثارته.
وأضاف الباسوسي أن الأمر أيضاً له علاقة بقوة تحمل الشخص ودرجة صموده، والحافز المادي يدفعه للاستمرار للحصول عليه.
aXA6IDE4LjIxOS4yMDcuMTE1IA== جزيرة ام اند امز