هبة الصغير تكشف سر غياب "ديكورات السينما" عن المنازل (حوار)
غاصت هبة الصغير، المدرس المساعد بإحدى كليات الإعلام في مصر، في خفايا وكواليس ديكورات وأثاث أفلام السينما المصرية.
وحولت الصغير ولعها منذ الصغر بأثاث وديكورات الأفلام المصرية القديمة، إلى عمل بحثي رصين، يتمثل في كتابها الجديد "الذوق الحديث في أثاث وديكور الأفلام المصرية” الذي يتناول أفلام السينما المصرية في الفترة من عام 1950 إلى عام 1979، وذلك بعدما فازت في أغسطس/ آب 2021 بمنحة الصندوق العربي لدعم الثقافة والفنون عن فرع الكتابة الإبداعية والنقدية للعمل على مشروعها حول "الذوق الحديث في أثاث وديكور الأفلام المصرية".
هبة الصغير التي تخرجت فى كلية الإعلام جامعة القاهرة بتقدير امتياز وكان ترتيبها الثاني على شعبة الصحافة الانجليزية، لديها عدة أبحاث وكتابات حول الجانب الاجتماعي والفني مثل "لماذا يخلعن الحجاب" و"تعقيدات الوعي الإنساني في رواية لا أنام" و"حركة التحرر النسوي: تاريخها ومآلاتها".
وتتواجد الصغير التي حصلت على ماجستير الصحافة من جامعة القاهرة، حاليا في أستراليا للعمل على أطروحة الدكتوراه الخاصة بها في جامعة موناش الاسترالية، وقد تحدثت بقلب مفتوح لـ"العين الإخبارية" عن كتابها الجديد، فضلا عن أعمالها الأدبية الأخرى.. فإلى نص الحوار:
* متى بدأتِ فكرة كتابك؟
فكرة الكتاب بدأت في وضع خطوطها العريضة منذ بداية جائحة كورونا. لكن قبل هذا الكتاب، نشرت مجموعة قصصية قصيرة بعنوان "14 بورتريه" عندما كنت طالبة في الجامعة، كما نشرت رواية بعنوان "دودة القز" في عام 2016.
أما فكرة الكتاب، فقد نمت معي منذ الصغر، مع التساؤل حول شكل البيوت التي تظهر في الأفلام ولماذا لا يشبه بيتنا تلك البيوت؟
لكن البداية الحقيقية فى البحث عن ذلك السر كانت حين شاهدت فيلماً وثائقياً بعنوان "باوهاوس 100" الذي فتح لي آفاق التعرف على مدارس الفن الحديث في التصميم.
كما ساعدتني جائحة كورونا في العكوف على الكتابة حيث تحول معظمنا للعمل من المنزل فأصبحت أوفر الوقت الذي كان يهدر في الذهاب والعودة من العمل، وقمت باستغلاله في القراءة والبحث والكتابة.
* ذكرتِ في مقدمة الكتاب أنه بمثابة رحلة.. حدثينا عن رحلتك؟
كانت رحلة صعبة وطويلة وممتعة. تخيل بداية الرحلة هو أنك تبحث عن أى خيط يوصلك لشخص مات من أكثر من 20 سنة، وهو مهندس المناظر ماهر عبدالنور.
ورغم أعمال ماهر عبد النور التي يحصرها موقع "فى السينما" فى أكثر من 300 عمل، إلا أنه لا يوجد عنه على الإنترنت سوى بضعة أسطر، والأصعب هو انقطاع نجلتيه عن الوسط الفني بعد أن كان بيتهما مليئاً بالفنانين طوال الوقت، حيث كان فريد شوقي وهدى سلطان ونادية لطفى وغيرهم ضيوفاً دائمين، إلا أنه حين توفي والدهما انقطع الوصل.
ساعدنى مصمما المناظر السينمائية المهندس أنسي أبوسيف والمهندس مجدى ناشد على جمع الكثير من المعلومات عن ماهر عبد النور وكانا فى غاية اللطف، كما أنني تمكنت في النهاية من مقابلة نجلتيه فى بيته.
* كيف كان بيت ماهر عبدالنور؟
بيته يشبه فى تصميمه أفكار أفلامه، ولحسن حظي كانت إحدى نجلتيه فى زيارة لمصر قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية وفتحت لى البيت وشاهدت محتوياته بالإضافة إلى عدد من الصور لماهر عبد النور جمعتها لي نجلتاه وحفيدته.
* هل يتمحور الكتاب حول عبدالنور فقط؟
هذا فقط فصل واحد من الكتاب، لكن بقية الفصول رحلة بحث طويلة وممتعة عن الذوق الحديث فى الأفلام المصرية خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ومنابع إلهام تلك التصاميم بالإضافة إلى مقارنة الأفلام المصرية بالأفلام العربية الأخرى كأفلام سوريا والجزائر والمغرب. وقد تطلب الأمر مشاهدة عدة أفلام بدقة كبيرة بالإضافة إلى الرجوع لمواد بحثية ومصادر حية.
* هل ديكور السينما يقود موضة الأثاث في المجتمع؟
هذا سؤال هام لأنه يطرح بشكل غير مباشر تساؤلات حول أهمية كل هذا الجهد فى البحث، فهذا الأفلام التي ظهرت بها تصميمات مبتكرة هي منبع من منابع قدرتي على التخيل والابتكار وهي قدرات يحتاج إليها الإنسان كي ينمي مهاراته وشخصيته.
الأفلام ربما فى أحيان تبدو أداة للتسلية لكنها فى الواقع أداة للتعليم وتحفيز الخيال بطريقة غير مباشرة؛ فحين تشاهد سريراً يخرج من الحائط أو أثاثاً متعدد الاستخدامات أو أثاثاً تستخدم التكنولوجيا فى تحريكه تشعر بأن كل الأشياء ممكنة وأن تخيلات الإنسان للعديد من الأشياء من الممكن أن توضع حيز التنفيذ، ومن خلال مشاهدة العديد من الابتكارات التى تظهر فى الأفلام ينمو الذوق والذائقة.
* لماذا لا نرى هذه الديكورات السينمائية في بيوتنا؟
بالطبع بعض التصميمات ليست عملية بما يكفي. وبعض الأفكار لا تناسب حياة البيت المصري، كالمطبخ الأمريكي على سبيل المثال. فقد ظهر مثلاً في أحد الأفلام التي صمم ماهر عبد النور مناظرها وهو فيلم "علموني الحب".
والمطبخ الأمريكي المفتوح على الصالة، رغم جمال شكله إلا أنه لا يناسب "المحشي" والأطباق العديدة التي تتطلبها الأكلات المصرية الدسمة، ولا تستطيع ربة المنزل إخفاءها عن الضيوف إذا كان المطبخ مفتوحاً.
فى معظم الأحيان يفضل البيت المصري الخصوصية بالذات حين يتعلق الأمر بالمطبخ. وقد كتبت مقالاً مفصلاً عن هذا الموضوع. لكن كانت هناك تصميمات بالفعل اجتذبت المشاهد لدرجة جعلت إحدى جارات ماهر عبد النور تطلب منه سريراً يخرج من الحائط كذاك الذي صممه في فيلم "صغيرة على الحب" كما روت لي نجلتاه فى مقابلتي معهما. وكانت المكينة التى تقوم برفع السرير تجلب خصيصاً من ألمانيا.
فى الوقت الحالي ورغم أن معظم الافكار أصبحت أسهل بكثير فى التنفيذ إلا أن الأثاث المودرن أو الحديث يعد من أغلى الأثاث فى السوق حالياً. وقد تنبأت الافلام المصرية فى الخمسينيات أنه سيصبح ذوق الطبقة العليا فيما بعد.
* ما خطوتك القادمة في الكتابة؟
أنوي كتابة عدد من الأبحاث في نفس الإطار؛ لأن أفكاري وقت الكتابة تشعبت بسبب ما توصلت إليه كنتيجة لطول البحث في الموضوع، ولم يكن الكتاب بقادر على احتواء كل ما جاء في رأسي من أفكار.
* هل ترين أن شباب هذا الجيل يحبون القراءة؟
فى رأيي أن الكتابة ستستمر لكن المواد السمعية البصرية مع تطورها أصبح لها سطوة وقدرة على اجتذاب عدد أكبر من المتابعين، وأعتقد أن المنافسة على جذب انتباه الجمهور ستكون صعبة جداً.
aXA6IDE4LjIyMi41Ni43MSA= جزيرة ام اند امز